تعتزم الجزائر التي انتهجت مسار الانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة الاسراع سنة 2014 على هذا الدرب الذي تسير فيه منذ 1987. و كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد أكد أمس الأربعاء في توجيهاته للحكومة الجديدة على الاسراع في "مواصلة المفاوضات من أجل انضمام الجزائر الى هذه المنظمة العالمية للتجارة مع السهر على حماية مصالح الاقتصاد الوطني". كما صرح وزير التجارة الجديد عمارة بن يونس الذي استلم مهامه الجديدة الثلاثاء الماضي أن " المهمة الرئيسية و الجوهرية و الاولوية التي حددها لي رئيس الجمهورية تتمثل في الانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة و تظل الاولوية القصوى الانضمام الى هذه المنظمة العالمية" معربا عن ارادة الجزائر الصارمة في استكمال مسار المفاوضات. و كان رئيس مجموعة العمل المكلفة بانضمام الجزائر الى هذه الهيئة الأرجنتيني ألبيرتو دالوتو قد صرح خلال شهر مارس الماضي بجنيف أن الجزائر حققت " تقدما جوهريا" لكي تصبح عضوا في هذه المنظمة و أنه يتيعن عليها الابقاء على وتيرة عملها لبلوغ هذا الهدف. واضاف يقول أن " المحادثات كانت مكثفة و تقنية حيث أعربت كل الوفود عن دعمها لانضمام الجزائر الى هذه المنظمة العالمية و عن ارتياحها للتقدم الذي حققته الحكومة الجزائرية".و قد سبق و أن أجرت الجزائر التي تستعد لتلقي ملاحظات و أسئلة البلدان الأعضاء في المنظمة خلال شهر مايوالجاري للاجابة عليها قبل نهاية يونيو 12 جولة من المفاوضات متعددة الأطراف قامت خلالها بمعالجة 1933 مسألة مرتبطة اساسا بنظامها الاقتصادي. و قد خصصت الجولة ال12 من المفاوضات متعددة الأطراف لعرض التغييرات الدستورية و التنظيمية التي أجرتها الجزائر و دراسة الأجوبة على أسئلة البلدان الأعضاء في المنظمة. كما سمحت هذه الجولة تماشيا مع أجوبة الجزائر على الأسئلة الاضافية للدول الأعضاء بدراسة مشروع التقرير المحين لمجموعة العمل المكلفة بانضمام الجزائر الى هذه الهيئة و كذا العروض الجزائرية المراجعة و المتعلقة بولوج سوق الممتلكات (العروض التعريفية) و الخدمات التي أرسلتها الجزائر في أكتوبر و نوفمبر 2013 . و قد عقدت الجزائر حوالي 120 اجتماعا ثنائيا مع حوالي عشرة بلدان أفضت الى ابرام خمس اتفاقات ثنائية مع كل من كوبا و البرازيل و الأورغواي و سويسرا و فنزويلا. و تمهيدا لانضمامها الى المنظمة العالمية للتجارة من المفروض أن توقع الجزائر " قريبا" اتفاقات تجارية مع الارجنتين و آخر مع نيوزلندا.مسيرة طويلة انطلقت في سنة 1987 شرعت الجزائر في مسار الاندماج الى المنظومة التجارية العالمية منذ يونيو 1987 تاريخ ايداع الطلب الرسمي للانضمام الى الاتفاقية العامة حول التعريفات و التجارة (الغات) التي أصبحت تعرف اليوم بمنظمة التجارة العالمية . غير أنه لم يشرع في المفاوضات بشكل ملموس الا ابتداء من يوليو 1996 علما أن الاجتماع الاول لمجموعة العمل قد جرى في أبريل 1998 . و في يناير 2008 درست مجموعة العمل مشروع التقرير المراجع حول التجارة الخارجية للجزائر و حول الاصلاحات التي شرعت فيها السلطات العمومية لجعل الاطار القانوني و المؤسساتي مطابقا لقواعد المنظمة. و عليه فقد صادقت الجزائر على قوانين جديدة في مجال العراقيل التقنية أمام التجارة و اجراءات صحية و الصحة النباتية و الملكية الثقافية و الوقاية و اجراءت تعويضية و سياسة الاسعار و التقييم في قطاع الحمارك و استيراد المنتوجات الصيدلانية و المشروبات الكحولية و تصدير لحوم البقر و الغنم و النخيل علما أن ما لايقل عن 40 نصا تمت اعادة النظر فيه. غير أن الجزائر لا تزال تواجه عراقيل في هذا المسار لاسيما في قطاع الطاقة و المالية و الاستثمار و الثقافة أيضا. و خلال ندوة المنظمة العالمية للتجارة التي انعقدت مطلع ديسمبر 2013 بمدينة بالي دعت الجزائر الى " الاسراع أكثر" في معالجة ملف انضمامها الى هده المنظمة. من جهة أخرى اعتبرت الجزائر أن مسار الانضمام " طويل و يتضمن شروطا" لأنه " لم يتم وضع حد أقصى فيما يخص اجراءات الانضمام مما لا يضمن توازنا في الحقوق و الواجبات". و يتطلب المسار التزامات من المترشحين تفوق مستوى تنميتهم و قواعد المنظمة العالمية للتجارة. و قد اعتبرت الجزائر أن " المسار يفرض على البلدان النامية المترشحة تنازلات أهم من تلك التي خضعت لها الدول الأعضاء نفسها خاصة البلدان الأكثر تطورا". و تفرض متطلبات صارمة أكثر على المترشحين بشكل يجعل كل انضمام مقيدا أكثر من الذي سبقه. و قد أرجع مدير التجارة الخارجية بوزارة التجارة السيد شريف زعاف المسيرة الطويلة للجزائر من اجل الانضمام الى هذه الهيئة الى ارادة الحكومة الجزائرية في اجراء أولا اصلاحات داخلية و انجاح تأهيل بعض القطاعات التي قد تهددها المنافسة و التوصل الى تنويع اقتصادها. كما أوضح ذات المتحدث أنه " تم ارسال مذكرة لأعضاء المنظمة العالمية للتجارة للمطالبة بفترات انتقالية قصد السماح لمؤسساتنا بالاستعداد للانفتاح". و حسب السيد زعاف فقد أعدت دراسات حول الفروع الحساسة التي يجب حمايتها بدءا من سنة 2002 .