بن بولعيد راح ضحية خيانة والرئيس بوتفليقة لم تعجبه نهاية الفيلم * * صرحت ابنة الشهيد مصطفى بن بولعيد، نبيلة، أن السعيد عبادو كشف لها من خلال اطلاعه على أحد الكتب بأن عجال عجول قائدالمنطقة الأولى هو من قتل بن بولعيد، بعد وضعه قنبلة في البيت الذي كان يجتمع فيه المجاهدون للتحضير لمؤتمر الصومام. كماقالت السيدة نبيلة بن بولعيد في حوار مثير خصت به "النهار" إن الفيلم الأخير الذي يتناول سيرة وحياة والدها الشهيد لم ينقل قصةاستشهاد أبيها الحقيقية، والذي تعرّض -حسبها- إلى خيانة بسبب الصراع على المناصب، مضيفة أن رئيس الجمهورية عبد العزيزبوتفليقة نفسه لم تعجبه نهاية الفيلم. كما اعتبرت السيدة نبيلة بن بولعيد أن العقيد عمار بن عودة أصبح "يخرّف"، على خلفية قول هذاالأخير إن بن بولعيد وبوضياف لم يتحصلا على الأغلبية في انتخابات الثورة. - علمنا أنك غير راضية عن فيلم بن بولعيد؟ -- لا المسألة ليست كذلك، إذ لما جاء السيناريست الصادق بخوش إلى منزلنا ليجمع المعلومات حول الوالد رحمه الله، اقترحناآنذاك- أن تكون نهاية الفيلم مفتوحة. لكن بعد عرض الفيلم يفاجئنا بخوش بأنه لا يستطيع فعل ذلك لأن السيناريو يقول هكذا، فكيفذلك؟ فأنا منذ صغري وأنا أعرف قصة أبي، كما أنني بحثت إلى أن اكتشفت أن استشهاده كان خيانة في المكان الذي كان فيه. فمؤخرا التقيت بالأمين العام لمنظمة المجاهدين السعيد عبادو وقال لي إنه قرأ كتابا جديدا يقول إن عجول هو من وضع القنبلة التيانفجرت وقتلت والدي، بعد أن صنعها "علي لالماني" الذي كان مختصا في صنع القنابل، لكن هذا الأخير كان يعتقد أنها موجهة للعدو. وقد تكلمت مع الطاهر زبيري، وقال لي إنهم وجدوا "علبة زلاميط ملغّمة"، فكان والدي يقيم عند عمّتي بعد أن هرب من السجن، منأجل إعداد اجتماع تحضيري لمؤتمر الصومام، حيث قالوا له إنه من أجل تمثيلهم لا بد من إحضار المعنيين بالأمر. - - لكن يقال إنه قتل بعد خروجه من مؤتمر الصومام؟ -- لا، هو لم يكن حيا عندما انعقد مؤتمر الصومام، فهو كان يريد إعداد اجتماع من أجل التحضير للمؤتمر. - ومن هو عجول هذا؟! -- اسمه عجال عجول، وعندما ألقي القبض على أبي في تونس، أصبح هو وعباس لغرور قائدين للمنطقة الأولى مكانه. وقد ظهر فيالفيلم يقول "أن بن بولعيد قال له لو يمسك منا أحد في السجن، لما يعود فلن يكون له الحق في القيادة". ثم في الفيلم يقول عجول لأبيأنا ذاهب وسأعود، لتنفجر بعدها القنبلة. وعلى أي حال فالقنبلة التي انفجرت لم تكن مذياعا -كما يقال- وإنما كانت جهاز اتصال ملغم. وما أقوله هو أنني أشكر الرئيس على مبادرته، إذ أنه أول رئيس استطاع أن يفتح المجال لتناول سير الشهداء، بعد أن عجز الآخرون،لذلك أشكره كثيرا هو ووزير المجاهدين والفريق قايد صالح، الذي قدم لهم كل ما لديه. ثم إن الرئيس تكلم قليلا وقال إن النهاية لمتعجبه هو أيضا، هذا إضافة إلى العديد من المجاهدين الذين التقيت بهم كالمجاهد عدوي أحمد، الذي قال لي "إن موت بن بولعيد ليسكما ظهر في الفيلم". فالبطل لا يموت هكذا، فما أردته هو أن تبقى نهاية الفيلم للمؤرخين، وللأرشيف وليس للمخرج، أم أنالسيناريست يكتب فيلما كما يشاء؟ فنحن أيضا -عائلته- نحضّر شريطا، ونتكلم حول حيثيات شخصية بن بولعيد كلها، وليس كماظهر في الفيلم الذي اختصر جهاد بن بولعيد في الثورة فقط، إذ أن انخراط أبي كان منذ سنة 1939. وبمقابل ذلك، ركزوا في الفيلمعلى فراره من السجن، فتلك المرحلة بحد ذاتها تستحق فيلما، لكن حياة وسيرة بن بولعيد ليست فقط هروبا من السجن بالحفروإحضار السلاح والمشاركة في المعركة ثم موت. فأحداث الفيلم لا تنطبق على بطل تاريخي، لأن البطل ليس كذلك، فكان عليهم أنيتناولوا كيف جمع بين العروش، وهذا الأمر ليس بالهين، فهم نسوا المهم في حياته وهو الاجتماع الأول الذي نجح، فالثورات السابقةكانت محاولات فاشلة، أما في 54 فأنعم عليهم الله ونجحوا، ولا ننكر أن أحداث 45 كان لها الدور الهام في قيام الثورة. لكن الثورة لمتكن في سطيف وإنما في الأوراس. كما أوّد أن أقول إن العقيد بن عودة أصبح "يخرّف"، عندما صرّح وقال إن بن بولعيد وبوضيافلم يحصلا على الأغلبية أثناء الانتخابات قبيل الثورة، فهل يا ترى من صنع الثورة لا يستطيع تحصيل الأغلبية. فالثورة لم تعد ثورةتاريخ وأصبحت ثورة مناطق.. ما أتمناه هو أن يتحرّك المجاهدون والمؤرخون والمخرجون، إذ سوف يأتي اليوم الذي تقال فيهالحقيقة. - إذن، أنت لا تطالبين الفيلم بأي شيء؟ -- مادام قد رآه الرئيس فما عساي أن أفعل؟، إن كان في وسعي عمل شيء فسيكون تغيير نهاية الفيلم، فقصة الظرف الذي يحتويعلى جهاز الراديو الملغّم، والذي رماه مظلي فرنسي من الطائرة قصة خيالية وغير مقبولة. فما سمعته هو أن البيت الذي كان فيه أبيكان ملغما، وحجم القنبلة كان كبيرا، ومجرد جهاز بسيط لم يكن ليحدث ذلك الدوي الكبير. فقد تم تلغيم البيت الذي كان سيجري فيهالإجتماع، حيث لغّموه لأنه كان هناك صراع على المناصب .. أنا حائرة كيف لم يذكر سيناريو الفيلم أن جمال عبد الناصر قال لبنبلة عندما ذهب إلى عنده في مصر: "لماذا لم يحضر مفكر الثورة، لأقدم له السّلاح" قاصدا بن بولعيد . نعم، فبن بلة كان سياسيا و"لميضرب أي خرطوشة". ثم بن بولعيد قال بأن السلاح الذي كانوا يملكونه كاف لتحرير منطقة الأوراس في ظرف 6 إلى عشرةأشهر. وقد بعث السلاح إلى منطقة القبائل، والقبائل لم ينهضوا وعقدوا -آنذاك- ندوة، وقالوا إن السلاح الذي بعث لهم كان فاسدا،محتجين بمسدس فاسد. فكان عليهم أن يرضوا بما هو كائن. أما الآن لم تعد هناك كتابة للتاريخ، فهم يخاطبون الدول الأخرى على أننامشينا مشية رجل واحد وكفى، فالثورة انفجرت في نوفمبر في المنطقة الأولى، أما إن أرادوا أن يكتبوا التاريخ كما يريدون فلهم ذلك.