التقسيم الإداري سيقربنا أكثر من المواطن وسيقضي على الطائفية» أكد الوزير الأول، عبد المالك سلال، استحالة اللجوء إلى الاستدانة في الظرف الراهن، رغم الصعوبات التي تواجهها الدولة والناجمة عن الأزمة النفطية العالمية، التي عمَّرت أكثر من ثلاث سنوات، وأوضح أن هذا القرار صادر عن الرئيس بوتفليقة، الذي يرفض رهن مستقبل الأجيال القادمة وجرّ الجزائر نحو التبعية للخارج . لم يتوان رئيس الجهاز التنفيذي، أمس، من ولاية باتنة، في التأكيد على أن الجزائر اختارت الطريق الصعب لمواجهة الأزمة النفطية العالمية، التي تسببت في انهيار احتياطات الصرف أكثر من النصف، منذ ثلاث سنوات، وذلك بالتركيز على العمل والإنتاج وتنويع الاقتصاد على الرغم -يضيف عبد المالك سلال- من الحلول السهلة التي اقترحها بعض المختصين، كالتراجع عن المكاسب الاجتماعية أو اللجوء إلى المديونية، والتي قوبلت بالرفض من طرف الرئيس بوتفليقة، حتى لا يرهن مستقبل العباد ولا يجر البلاد نحو التبعية للخارج. وقال سلال «نريد الحفاظ على مكاسبنا في تشييد الوطن ونأمل في تحقيق المزيد في إطار العدالة الاجتماعية ومنظومة اقتصادية متحررة من تبعية الثروات الطبيعية»، قبل أن يضيف «أن النتائج المحققة في عدد من القطاعات الاقتصادية جد مشجعة، ببروز منتج وطني عال الجودة وبمعايير تنافسية تسمح له بتغطية السوق الجزائرية والتوجه نحو التصدير، إنها اللبنات الأولى للاقتصاد الجزائري الناشئ، الذي هو في حاجة إلى خلق الثروة وعصرنة الاقتصاد الوطني». وأكد عبد المالك سلال، وفي المداخلة التي ألقاها، أمس، أمام ممثلي المجتمع المدني بولاية باتنة، بأن جلب الاستثمار الخارجي المباشر واختراق الأسواق العالمية مجالات يسودها تنافس شرس بين الدول والشركات العالمية، الأمر الذي يفرض علينا جميعا من إطارات وشباب خوض هذه المعركة والتفوق فيها «نعم، لا نريد في المستقبل أن نرى السفن التي تأتينا بالمواد المستوردة تغادر موانئنا وهي فارغة»، موضحا بالقول بأن تحسين الأداء المصرفي وارتفاع الإيداع البنكي ونسب الاستثمارات التشاركِية المحلية سيزيد من ثقة المستثمرين والمقاولين. تفعيل التقسيم الإداري سيقرب الدولة من المواطن وسيقضي على الطائفية ولدى حديثه عن الهوية الوطنية، ذكر الوزير الأول بالرسالة التي وجهها للشعب الجزائري خلال الزيارة التي قادته مؤخرا إلى ولاية وهران، ليوضح هنا وأمام أبناء باتنة، أن الجزائر اليوم في قلعة أخرى للهوية الوطنية، ويؤكد بأنه فخور لتواجده معهم ويقول «كلنا جزائريون، فينا تقوى المسلم وعزة الأمازيغي وشهامة العربي وحكمة ابن الصحراء»، حيث أوضح سلال في هذا الشأن أن الهدف الذي تصبو إليه الحكومة اليوم، هو تقريب الدولة من المواطن وليس العكس، وسيتجسد هذا المبدأ-يضيف سلال- أكثر من خلال تنصيب ولايات منتدبة في الهضاب العليا ثم تفعيل التقسيم الإداري الجديد. ثلث الجزائريين ولدوا في عهد «التقلاش».. إلى ذلك، قال الوزير الأول، إن أكثر من ثلث الجزائريين اليوم، ولدوا بعد سنة 2000، أي أن الأمن والاستقرار بالنسبة لهم شيء عادي، وكذلك وفرة الخدمات العمومية والمواد الاستهلاكية، وهم لا يتصورون أبدا حياتهم بدون وسائل وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وهذا أمر مشروع وطبيعي، وأشار إلى أن هذا التطور الكبير والسريع في المؤشرات الوطنية للتنمية البشرية فخر لبلادنا وأمر يسعدنا بلا شك، لكنه يفرض علينا جميعا من جهة أخرى، مسؤولية الحفاظ على مستوى المعيشة الذي وصل إليه الجزائريون، بإدراك التحولات الجارية في المجتمع والتفاعل معها بإيجابية. هذا، وذكر سلال بخطورة الفُرقة وقيمة الأمن والاستقرار، ضمد الجراح ودفن الأحقاد والكراهية، وهذا كان بفضل سياسة المصالحة الوطنية «الجزائريون شعب حكيم وذكي، يعلم أين هي مصلحته وليس مستعدا أن يغامر بالسيادة والاستقرار اللذان دفع من أجلهما ثمنا باهضا»، مؤكدا أن الشعب الجزائري سيد في قراراته ولا يملك أحد أن يفرض عليه شيئا، «إن مساحة الديمقراطية التي أقرتها السلطات العليا في بلادنا يجب أن تستغل لتبادل الأفكار حول تطوير الجزائر وتقدمها»، مجددا هنا دعوته للشعب الجزائري إلى المشاركة في استحقاقات يوم الرابع ماي.