بعد أقل من سنة مرت على تطاول شركة ''ديامال'' الفرنسية للسيارات على القاضي الأول في البلاد، فإن مسلسل التطاول والاعتداء وإهانة كرامة الجزائريين داخل أراضيهم يستمر، لكن هذه المرة المؤسسة المالية الفرنسية العريقة هي التي قامت بدور البطولة ويتعلق الأمر ببنك ''سوسيتي جينرال'' الجزائر. فبعد الاختباء لمدة عقد كامل في عباءة المؤسسة المالية التي تبحث عن اكتساب سمعة وشهرة في الوسط المالي الجزائري، والظفر بالمزيد من الزبائن ومن ثمة السيطرة على أكبر حصة في سوق المال، ها هي ''سوسيتي جينرال'' الجزائر تنزع اليوم تلك العباءة وتهين كرامة الجزائر والجزائريين من خلال توزيعها أقراصا مضغوطة تحمل صورا إباحية تتنافى ومبادئ الشريعة الإسلامية ومشاهد مسيئة للاقتصاد الوطني الذي تبذل الحكومة الجزائرية مجهودات جبارة للدفع باقتصادها إلى الأمام.ولم تجد إدارة ''سوسيتي جينرال'' بنك من طريقة لتكرم بها قاعدتها العمالية الحاملة للجنسية الجزائرية بنسبة 99 بالمائة يوم الاحتفال بعيد ميلادها العاشر من الاستثمار بالجزائر، في حفل بهيج نظمته يوم الخميس الماضي بفندق الشيراتون، سوى تقديم أقراص مضغوطة تعري المبادئ الإسلامية وتنقص من قيمة الاقتصاد الجزائري، وكأن إدارة البنك ما زالت تحن إلى عهد ديغول وحاشيته ومبادئه، حين قال إبان الحقبة الاستعمارية بأن ''الجزائر فرنسية''، فإلى جانب الأقراص قدمت الإدارة ذاتها علب شوكولاطة وساعات يد للعمال الذين حضروا مراسيم الحفل. أجواء الاحتفال بعيد الميلاد العاشر سهرة الخميس الماضي وصفت بأكثر من عادية، لكن غير العادي هو فضول الحضور ممن أبوا إلا وأن يشاهدوا ما يحمل القرص المضغوط من مفاجآت، ليصيبوا بخيبة أمل عصفت بهم هم كأشخاص وعصفت بكرامة الجزائر وأبنائها واقتصادها. حيث يتضمن القرص شريطا وثائقيا مصورا يروي الحالة المعيشية للجزائريين، تتخلله صورا لامرأة عارية في غرفة نوم رفقة زوجها، كما يحكي عن يوميات الطلبة الجزائريين وظاهرة الرشوة في الجزائر وغيرها من الصور المشينة والروايات التي لا تخرج عن ''خرافات'' الفرنسيين وتصوراتهم المشينة للجزائريين.مثل هذه الأوضاع، أثارت غضبا وسخطا واسعا لدى القاعدة العمالية خاصة لدى موظفي مصلحة الإعلام الآلي الذين دخلوا في إضراب أمس الأول، وقاموا بقطع كوابل الألياف البصرية الخاصة بالمؤسسة، الأمر الذي أدى خلق حالة من الشلل الكلي عبر كافة وكالات بنك سوسيتي جينرال الموزعة عبر التراب الوطني. وكالة ''أوغو أغ سي جي'' متورطة في القضية كشفت مصادر مسؤولة في مبنى بنك ''سوسيتي جينيرال'' الجزائر، بأن الوكالة الإشهارية التي أوكلت لها مهمة إعداد شريط وثائقي حول مسار البنك والاقتصاد الجزائري يتم دمجه في قرص مضغوط، تدعى ''أوغو أغ سي جي'' لصاحبها كريم بلعزوز، حيث سيتعرض صاحب الوكالة إلى المساءلة لمعرفة الأسباب التي كانت وراء إدراجه لأربع نقاط تهين الجزائر والجزائريين تضمنها القرص المضغوط. دافيد برنار: ''فتحنا تحقيقا داخليا وسنعاقب كل متورط في القضية'' أفاد، برنار دافيد، رئيس مجلس إدارة ''سوسيتي جينيرال'' بنك، بأنه قدم من فرنسا صبيحة أمس من أجل النظر في قضية القرص المضغوط الذي يهين في مضمونه الجزائريين، وأوضح في لقاء جمعه ب''النهار'' بأن إدارة البنك قد أوكلت أحد الوكالات الإشهارية رفض الكشف عن هويتها، مهمة إعداد حملة إشهارية خاصة بالاتصال الخارجي، وفي أعقاب ذلك تطرقت الوكالة لأربع نقاط تتنافى والمبادئ المتعارف عليها في الجزائر كما تضر بالاقتصاد الجزائري، وأشار إلى أنه قد أعطى أوامر بفتح تحقيق داخلي لتحديد المسؤولية، ليتم على إثر ذلك اتخاذ إجراءات صارمة في حق المتورطين في القضية التي تضر بدورها بسمعة البنك الذي ينشط في الجزائر منذ عشر سنوات.وسيحل اليوم السيد ''جيغالد لاكاز'' الرئيس المدير العام لبنك ''سوسيتي جينيرال'' بالجزائر، لينقل كافة اعتذاراته للسلطات الجزائرية ولقاعدته العمالية هنا بالجزائر بسبب إساءة مضمون القرص المضغوط للجزائر وأبنائها واقتصادها.