أشكرك سيدي وأتمنى أن أكون عند حسن ظن الجميع في الحقيقة يا سيدي قرأت رسائل يصل عددها إلى الآلاف منها من رددت عليه ومنها من أزحته جانبا لأسباب عدّة، منها من تم نشرها وأخرى تنتظر دورها للنشر، لكن رسالتك فريدة من نوعها لما تحويه من رداءة في السلوك وسوء في الطباع بين زوجين هما أقارب أولا قبل أن يكونا زوجين، معاملة سيئة وحوار متدني وتصرفات مشينة، لما كل هذا؟ أين المودة وأين الرحمة، أين السكن والسكينة وكل المعاني الرائعة التي علمنا إياها ديننا الحنيف، كيف يتحول السكن إلى قبر من نار يتصارع فيه الزوجان مصارعة الثيران وتكون فيه الغلبة للأكثر قبحا والأطول لسانا، كيف تتحول المودة إلى خناجر من الألفاظ البذيئة والشتائم الوقحة، أين الحب وإن لكم يكن هناك حب أين الاحترام، أين حسن العشرة "فعاشروهن بمعروف أو فارقوهن بإحسان"، أين هذه المعاني القرآنية من هذه الحياة المتدنية التي خلت من كل المعاني الإنسانية، أين الرجل بشهامته وأخلاقه وعلو مكانته وأين المرأة باستكانتها وخضوعها واحترامها لزوجها. زوجتك يا سيدي قريبتك، وبالتأكيد كنت تعرفها قبل الزواج وتعرف طول لسانها وظروفها الإجتماعية التي تقول إنها ضحية لها وتعرف عنها كل شيء، لماذا تزوجتها إذن ولماذا تبرر لنفسك الخطأ وتعتبر نفسك ضحية، وأنت من يدعي الحكمة والثقافة ويتباهي بأصله وعراقته وثقافته وغير ذلك، كيف تقبل أن تنعتك زوجتك بهذه الكلمات الوقحة بل وتبادلها سبا بسب وشتما بشتم، الحق أنا لا أستطيع أن ألومها وحدها على ما وصل إليه حالها من تدني في الحوار والسلوك والمعاملة، فأنت راع ومسؤول عن رعيتك لما لم تقومها، أوقفها عند حدها لماذا لم تتعامل معها بالحسم منذ أن شعرت بأول تطاول منها عليك، لما تركتها تتمادى إلى هذه الدرجة، إنّك لم تؤدي واجبك نحوها في ردعها وترويضها، لكنك انزلقت معها إلى مستنقع البذاءة، وبدلا من أن ترفعها إلى مستواك وثقافتك وقراءاتك نزلت أنت إلى مستواها وغرقت السفينة بدلا من وصولها لبر الأمان. الآن وقد وصل زواجك إلى هذا الحال، ووصلت علاقتكما إلى أردأ مستوياتها، فمن الصعب أن أقول لك تغير وحاول أن تروضها وتكون لها القدوة والمثل، وتعامل معها بقوة شخصية واحترام، فقد فات الوقت ضاع الاحترام بينكما وكسرت هيبتك معها، وحين تكسر هيبة الرجل ويفقد احترامه يصبح من الصعب جدا إصلاح ما قد فسد، فهي لن تنتصح إن أنت نصحتها ولن تأتمر إن أمرتها، ولن تستجيب لأي طلب تطلبه منها، لأنّها فقدت احترامها لك فليس أمامك إلا خيارين، إما أن تقبل بحياتك معها على هذه الوتيرة، دون أن تحلم بتغيير أو تطور إلا إلى الأسوأ، أو أن تنفصل عنها، وإن كنت أرى قصة الانفصال أمر غير واقعي لن يروق لك، لأنّك رغم كل ما تذكره عن مساوئ زوجتك وعيوبها التي ملأت رسالتك، فهي لك وأنت لها فأنت أيضا لم تخلو من العيوب ولو لم تكن كذلك لما سمحت لها بالتطاول عليك ولاتخذت معها موقفا حاسما من اللحظة الأول، لكن ربما كان تسامحا وطيبة أو كان ضعفا أو كان موافقة ضمنية على سوء سلوكها، فهي لم تستقو إلا من ضعفك واستسلامك وسلبيتك، وتحملك لها كل هذه السنوات، يؤكد ذلك، فالحياة بينكما سوف تستمر فلا أحد منكما يريد أن يترك الآخر. سيدي؛ من الحكمة أن تبدأ مرحلة العلاج مبكرا وأن تحسم المشكلة قبل أن يؤدي تراكمها إلى ما وصلت إليه الآن، فليس من الشهامة أن تسب زوجتك في رسالتك وتكيل لها كل هذه الاتهامات وليس من الرجولة أيضا أن تتركها تتلفظ بهذه الشتائم في حقك، مهما كنت مخطئا، لقد أسأتم لأطهر وأجمل العلاقات على ظهر الأرض علاقة الزواج التي قدسها الله سبحانه وتعالى من فوق سموات سبع، وأنزل فيها قرآنا ووضع لها أسسا وقواعد، لقد دنستم العلاقة الرائعة وشوهتم معالمها بالقبح وغلاظة اللسان، وفقد الزواج بينكما قيمته ومعانيه، وصار مجرد صراع سخيف يكسب فيه الأعلى صوتا والأكثر قدرة على السب والشتم، فأي حياة تحياها وأي هدف ترنو إليه من هذا الزواج، اسأل نفسك قبل الإقدام على أي خطوة، ما الذي تريده وما هو هدفك من الاستمرار معها أو الانفصال عنها وفقك الله وهداك إلى ما فيه الخير والصلاح. ردت نور