قال دحو ولد قابلية رئيس جمعية قدماء ''المالغ''، الشخصية البارزة في مخابرات الثورة التحريرية، أن جمعية قدماء مجاهدي وزارة التسليح والاتصالات العامة، جمعت في الوزارة ما لم تجمعه وزارات أخرى، حيث كان فيها ما بين 2000 إلى 2500 عنصر كلهم كانوا مجاهدين، في المناطق الداخلية تمت رسكلتهم، بالإضافة إلى الطلبة الذين جاءوا من الخارج وتم تكوينهم قبل الدخول ضمن وزارة التسليح، تم تقسيمهم إلى خمس مديريات. وأضاف الوزير أن عبد الحفيظ بوصوف كان مسؤول المنطقة الخامسة، حيث كانت ولاية واسعة تمتد من ورتسين إلى الحدود الغربية، ومع ذلك يقول ولد قابلية وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية، الذي نزل ضيفا على ''النهار'': كان بوصوف مسؤولا على المنظمة في كل التراب المغربي، لأنه لا يمكن أن يكون هناك مقاومة بدون قواعد خلفية، حيث كان يتقاسم المسؤولية مع بوضياف الذي كان مكلفا بالدار البيضاء، غير أن بوصوف بسط السلطة بالمنطقة في التجنيد والتكوين والدعم اللوجستيكي، وكذا المخابراتي وبصفته كان مسؤولا وحيدا يختلف دوره عن الشرق، حيث كان لكل ولاية مسؤولها، ما حتم تقاسم المسؤولويات، إذ حدثت مشاكل بينهم، أما في المغرب فقد سلم بوصوف المسؤولية لبومدين، غير أنّ الأعضاء بقوا دائما تابعين له، حيث احتفظ بالمسؤولية وسلم بومدين فقط التكوين القاعدي، حيث كانت له عناصر كبيرة، وكون في تخصص الإشارة فقط 850 عنصر، وكان أغلب العناصر جامعيين أو ذوي مستوى نهائي، واستطرد الوزير الذي عاد بذاكرته إلى سنوات الخمسينيات في سرد تاريخ ''المالغ''؛ قائلا أن أول مدرسة كانت مدرسة الضباط، تمدرس فيها كل من شريف بلقاسم، قاصدي مرباح، نور الدين يزيد زرهوني وعبد الحميد طمار، وكان مسؤول المدرسة آنذاك لعروسي خليفة، في وقت تكفل بالتدريس كل من بلعيد عبد السلام وعدد من المسؤولين الجزائريين، في جميع التخصصات، كما يخضع الضباط لتكوين عسكري يشرف عليه عبد الله عرباوي، وهو ما كون النواة الأولى للإطارات التي حركت نشاط المخابرات أثناء الثورة التحريرية، هذه الفئة من المجاهدين كانت مكلفة بالميدان العسكري لمعرفة النظام العسكري الفرنسي وإستراتيجيته، وكيفية تطوره ونقاط القوة والضعف لديه، في وقت كانت هيئة المخابرات المضادة تهتم بكل من يسعى للتدخل في شؤون البلاد أو المساس برجال الثورة. وعن التسليح قال ولد قابلية؛ أنّ بوصوف الذي يعتبره الوزير مدرسة علمت عناصره كل الفنون، وسّع إطار العمل وبدأ يستعمل مهربي السلاح وتجار الأسلحة المغاربة والأجانب في الحصول على الأسلحة واعتمد كثيرا على الأجانب، ''لقد تحدثوا كثيرا عن بوصوف ولكنه الوحيد الذي تمكن من تجنيد أجانب في الثورة التحريرية، من بينهم بوخار الألماني الذي كان يعتبر نفسه جزائريا تجب عليه محاربة الفرنسيين''، هذا العنصر الألماني يقول الوزير قال أنه حارب فرنسا وبما أنّها عدو له فعدوها صديقه، وأن كفاح الجزائر هو ضد عدو مشترك. هكذا تم إدخال جثة الألماني مساعد ''المالغ'' في حقيبة إلى الجزائر وواصل رئيس ''المالغ'' حديثه عن الألماني الذي أصبح جزائريا حينما تم قتله في تفجير لسيارة مفخخة بفرانكفورت، وتم دفن جثمانه في مقبرة العالية، ''لم يكن يملك شيئا والجزائر هي من دفعت تكاليف مراسيم الدفن، بعدما طلبت السلطات ببلدية ميونيخ من عائلته، إفراغ القبر، على اعتبار أنّه لا يملك سوى ابنة واحدة تكفلت بها الجزائر وعملت في فندق السفير بالعاصمة، ثم غادرت ولم تصدر منها أية اتصالات، إلا بعد أن استلمت الجزائر جثة والدها بعد مفاوضات عسيرة، المثير في قضية استلام الجثة التي أتعبت المفاوضات بشأنها المسؤولين عن التفاوض هو كيفية إدخالها الجزائر، حيث يكشف الوزير أن الجثة دخلت في حقيبة بسبب صعوبة الإجراءات الأمنية في ألمانياوالجزائر، وتم الاتفاق على مكان دفنه بالجهة المخصصة للمسيحيين، وتكلمت الجرائد أنذاك عن عملية الترحيل فحضرت ابنته إلى الجزائر رفقة أبنائها، وهي تأتي حاليا كلما حل تاريخ 3 مارس، لتضع باقة ورد على ضريح والدها، وليس الألماني هو الوحيد الذي كان ضمن مساعدي المجاهدين والمالغ خلال الثورة وإنما هناك آخرون على غرار محمود الأرجنتيني الذي اختص في تصنيع الأسلحة ورومان الذي تكفل لتهريب اللفيف الأجنبي، بالإضافة إلى استغلال التقنيين الألمان في تكوين الإشارة، هذه الفئة يقول ولد قابلية كان التنظيم يثق فيها ولا يتخوف منها، حيث بقوا معهم إلى غاية العام 1962، فضلا عن كثير من الفرنسيين الذين كانوا يدعمون الثورة من أجل بلادهم، لأنّهم كانوا يعتبرون أنّ الاحتلال الفرنسي للجزائر خطأ وجب التخلص منه، وتحدث الوزير في هذا الشأن عن أحد الفرنسيين الذين قدموا محضرا سريا للمجاهدين كان مبتورا، وعندما علّق المجاهدون عن سبب البتر، قال الفرنسي أنه يقدم ما يخدم الجزائريين ويبقي الجزء المبتور لأنه يخص بلاده. ''المالغ'' يعرف العملاء الحقيقيين الذين دعموا الثورة أغلب هؤلاء غير معروفين عند الجبهة وفي سياق حديثه عن الأشخاص الذين دعموا الثورة؛ قال ولد قابلية أن هناك أشخاصا كانوا ضمن المالغ لا يعرفهم حتى قيادات الجبهة، مشيرا في هذا السياق إلى جزائرية اسمها فضيلة كانت تعمل سكرتيرة لدى المدعو ''شوصاد''، وهو مسؤول فرنسي، حيث كانت تقدم كل المعلومات للمنظمة، غير أنّها خافت في وقت معين من التصفية، فتم تهريبها إلى المغرب، غير أنّ جماعة ياسف سعدي شكت في أمرها وكادت أن تعدمها، لو لم نتدخل نحن لأن جماعة ياسف لم تكن تعرف أنها تشتغل لفائدة الثورة الجزائرية.