تعيش أزيد من 500 عائلة بحوش ''بارتينو'' وما جاوره من ''باسكال ''مورس'' بزرالدة في ''فيرمات'' تعود إلى العهد الاستعماري بدون أي وثيقة رسمية كعقود الملكية أو دليل يثبت شغلهم للمنطقة، وهو الأمر الذي استغله سماسرة العقار، حيث إن ''الفيرمة'' ملك لعائلة ''بارتينو'' من أصول إيطالية دخلت التراب الوطني سنة 1942 فرارا من الحرب العالمية الثانية، والتي حولت هكتارات إلى مزارع لإنتاج البرتقال والخضر والعنب، غير أن العائلة غادرت الجزائر بعد الاستقلال. وبمجرد وصول ''النهار'' إلى حوش ''بارتينو'' كما يطلق عليه سكان زرالدة سألنا بعض السكان عن أصل تسميته، فقاموا بتوجيهنا إلى بعض من كباره، من بينهم الحاج ''ساعد'' الذي صرح لنا أن أصل تسمية حوش ''الإخوة برتينو'' تعود إلى سنة 1942 وقت حضور عائلة ''بارتينو'' من أصول إيطالية للجزائر فرارا من الحرب، فقام الإخوة الأربعة برتينو موريس، فرستان، سريستان وجرمان، بشراء أزيد من 800 هكتار من عند الفرنسي ''كوفيس'' أين قاموا بإنشاء مخزن ومعصرة للعنب فيما حولت الهكتارات الباقية لغرس أشجار العنب الذي كان يصدر من الجزائر إلى فرنسا معلبا بتشغيل أزيد من 600 جزائري آنذاك، مضيفا المتحدث ل''النهار'' أن الحوش بقي يقطنه جرمان، فيما احتل بقية أشقائه هكتارات أخرى، مشيرا إلى أنه وقت مغادرتهم الجزائر سنة 1962 كان عددهم لا يتعدى 10 عائلات وهي الآن تفوق 200 عائلة. ولدى استفسارنا عن الوضعية القانونية لديهم بالأحواش، أجمع سكان حوش ''بارتينو'' على أنهم بعد خروج عائلة ''بارتينو'' من الجزائر سنة 1962 على إثر الحادثة التي وقعت بين السلطات الفرنسية والرئيس الجزائري آنذاك، وهي امتناع فرنسا عن استقبال منتوج الخمور بسبب أن الأرض الجزائرية تنتج عنبا أحمر، فرد الرئيس أنه لون دم الشهداء، وهو الأمر الذي أغضب فرنسا وجعلها تأمر بإيقاف إنتاج مادة الخمور بالجزائر، وخاصة في حوش ''برتينو'' الذي كان يزرع فيه أشجار العنب ويعصر بمعصرة لا تزال أثارها لحد الساعة، إضافة إلى تعليبها في قارورات بمجهود أيد جزائرية، وكان اسم الخمر آنذاك ''كارينيا''، ''سانسو''، ومباشرة بعد إخلاء الأجانب ''الفيرمات'' اقتحمها العمال الذين كانوا بالمنطقة وهم يمكثون فيها لحد الساعة بدون أي وثيقة رسمية. من جهته، قال ''الحاج مسعود'' لدى إجابته عن سؤال حول مدى شرعية امتلاكه لأزيد من 45 هكتارا، إضافة إلى مدجنتين ومنزل ''إن وزير الفلاحة سابقا ''قاصدي مرباح'' في وقت رئيس الجمهورية الجزائرية الشاذلي من قام بتوزيع أملاك ''بارتينو'' علينا ونحن الملاك الشرعيون للأراضي التي عملنا فيها منذ 1942 إلى غاية 1962 التي حولت الأراضي لإنتاج القمح ومختلف الحمضيات ومعظمنا كنا عمال ولدينا ما يثبت ذلك''. وعن منزل ''بارتينو'' الذي يحتوى على 10 غرف إضافة إلى مرآبين في الطابق السفلي و7 غرف في الطابق العلي احتلها موظف كان يعمل بمعصرة الخمر، الذي قام بدوره ببيعها لشخص يدعى ''ب. ب''، هذا الأخير قام ببيعها لآخر يدعى ''ح. شريف'' وهي لا تزال شاهدة على تواجد عائلة ''بارتينو'' لحد الساعة. ومواصلة لاستطلاعنا عن أصل ''الحوش'' التقينا بعدد من الشيوخ كانوا موظفين لدى عائلة ''بارتينو'' في إنتاج الخمور قدم لنا أحدهم شهادات عمل مختوم عليها ختم العائلة المستطيل، منحت طيلة مدة عمله التي كانت من 18 ديسمبر 1954 إلى غاية سنة 1962، أين كانت العائلة الإيطالية تسدد أتعاب العمال الجزائريين لديها آنذاك حسب الساعات، مضيفين أن العائلة كانت تملك ثلاثة ''أحواش'' الأول ينتج الخمر والثاني البرتقال والثالث الخضر وتربية الأغنام، مضيفين أنها الدليل الوحيد الذي يثبت أنهم كانوا متواجدين بالمنطقة. وزارة الخارجية أكدت أن سكناتهم ومحلاتهم تم شغلها بطريقة غير قانونية فرنسيون يسترجعون أملاكهم في الجزائر..! تقوم مصالح أملاك الدولة في العديد من الولايات بعملية جرد وتطهير لأملاك فرنسيين تم تحويلها من طرف جزائريين وهيئات عمومية بعد أن غادرها الرعايا الفرنسيون لأسباب أمنية سنوات التسعينات تحضيرا لاسترجاعها. وحسب مصادر موثوقة، فإن وزارة الشؤون الخارجية تلقت العديد من المراسلات والشكاوى حول شغل غير القانوني لمساكن ومحلات تعود ملكيتها لرعايا فرنسيين غادروا الجزائر لأسباب أمنية تم على إثرها الشروع في دراسة للوضع تمهيدا للقيام بعملية تطهير بالتنسيق مع وزارة الداخلية والجماعة المحلية من خلال ولاة المعنيين بالأمر. وفي هذا الشأن، تشير المعلومات التي توفرت لدى ''النهار''، إلى أن وزارة الخارجية تدرس مع الولاة بشكل جدي الملف لإنهاء القضايا محل النزاع بين الفرنسيين والجزائريين وعلمت ''النهار'' في هذا الشأن بأن السفارة الفرنسية في الجزائر التي تحركت لاسترجاع أملاك الفرنسيين وجهت العديد من المراسلات لمصالح وزارة الخارجية. وتشير مراجع ''النهار'' إلى أن وزارة الخارجية راسلت والي العاصمة من أجل استرجاع مكتب محاماة لرعية فرنسي يدعى ''آلبوي هوغ''، بعد أن قامت المصالح الولائية بتحويل المكتب وهو عبارة عن شقة أصبحت تابعة لمصالح ولاية الجزائر، غير أن والي العاصمة محمد الكبير عدو لم يقدم أية توضيحات لوزارة الخارجية. وفي السياق ذاته، تعمل المصالح ذاتها على استرجاع قطعة أرضية لرعية فرنسي يدعى ''فيو جون ديراند'' غادر الجزائر سنة 1998 وحولت بلدية بولوغين أرضه إلى أملاكها. وقد طالبت مصالح الخارجية السفارة الفرنسية بإكمال ملف هذا الرعية الفرنسية، لكن هذه الأخيرة لم تقم بذلك. وبالمقابل، تعمل مصالح الخارجية بالتنسيق مع الولاة على تسوية النزاعات مع بعض الشركات الفرنسية التي أنجزت مشاريع لفائدة الدولة سنوات التسعينات في كل من ولايات وهران والمدية والبويرة وقسنطينة وتيزي وزو والعاصمة. وقامت العديد من الشركات الفرنسية بإنجاز مؤسسات تربوية على غرار شركة ''دي أو أس أس'' التي أنجزت مشروع توسعة مطار السانيا سنوات الثمانينات بقيمة 74 مليون دينار، كما قامت ذات الشركة برفع دعاوى قضائية ضد ولاية قسنطينة والعاصمة وتيزي وزو لتسديد ملايين الدينارات بعد أن قامت ببناء مؤسسات تربوية سنوات الثمانينات، على غرار بناء متاقن في الرغاية والحراش ودالي براهيم بالعاصمة ومتقن في مكلة بتيزي وزو. محمد بن ميّرادي المدير السابق لأملاك الدولة: ''سكنات الكولون تبقى ملكا للدولة بمقتضى قانون المالية 2010'' أفاد محمد بن مرادي، مدير سابق لأملاك الدولة بأن سكنات الكولون تبقى ملكا للدولة عملا بما جاء به ''قانون المالية لسنة 2010''، وأوضح بن مرادي أمس ل''النهار''، بصفته مديرا سابقا لأملاك الدولة لعدة سنوات بعد استحالة الحصول على تصريحات بخصوص قضية سكنات الكولون، وذلك على هامش منح جائزة الجودة لأحسن مؤسسة جزائرية بقصر الثقافة، بأن هذا النوع من السكنات لا ولن يتحول إلى ملكية خاصة وإنما سيبقى ملكا الدولة''.