دعا عبد المجيد شيخي مدير الأرشيف الوطني والمستشار بالرئاسة المؤرخين وعلماء الاجتماع والنفس إلى تكثيف الجهود البحثية في الذاكرة والتاريخ لتقديم الإثباتات اللازمة لتجريم الاستعمار، كاشفا عن قرب استئناف المفاوضات مع فرنسا بخصوص الأرشيف مضيفا أن التاريخ الجزائري لم يكتب بعد. وعاد شيخي إلى أحداث الثامن ماي 1945 المأساوية التي راح ضحيتها 45 ألف جزائري بالتقديرات الفرنسية و90 ألف حسب التقديرات الأمريكية، مضيفا أن التضارب في الأرقام وغياب الدقة في ملف الأرشيف والذاكرة ضيع على الجزائر فرصة تجريم الاستعمار والمطالبة بتعويضات على الجرائم الفرنسية في الجزائر، داعيا المؤرخين وعلماء الاجتماع والنفس إلى التجند لكتابة وضبط تاريخ الجزائر الذي وصفه بأنه ” لم يكتب بعد” مضيفا أن ملف التعويض على الجرائم يحتاج ملفا مضبوطا خلافا لتجريم الاستعمار من حيث المبدأ. وأضاف أن الجزائر لديها أرشيف كبير لكنه لا يغطي الفترة الاستعمارية رغم وجود ما يكفي لإدانة الاستعمار وجرائمه داعيا المختصين من باحثين ومؤرخين وعلماء نفس واجتماع إلى توثيق الآثار النفسية والاجتماعية لجرائم التفقير والتهجير وإبلاء ملف التفجيرات النووية الاهتمام اللازم، مضيفا انه طلب من الأطباء في الجنوب رصد الأمراض والتشوهات الناجمة عن التفجيرات منذ تسعينات القرن الماضي. وتأسف المستشار لدى رئاسة الجمهورية مكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية لغياب الجامعة في ميدان التاريخ وعدم قدرتها على إعداد منهجية جزائرية للمقاربة التاريخية، مستنكرا ما وصفه بسقوط الكثير من المؤرخين في المنهجية الفرنسية ذات المنطلقات اللائكية التي لا تتماشى مع مسار التاريخ الجزائري، مدللا على ذلك بتغييب دور جمعية العلماء في الكثير من الدراسات التاريخية رغم دورها في توزيع بيان 1943 الذي مهد لانتفاضة 1945 التي نتج عنها أحداث الثامن ماي، مضيفا أن المنهجية الفرنسية تبعد العناصر الأساسية للشخصية الجزائرية (العادات والدين واللغة) التي حاربها الاستعمار الفرنسي ولا يزال يفعل حتى اليوم . ودعا شيخي إلى ضرورة التفريق بين الذاكرة والتاريخ مضيفا أن دقة التاريخ وعلميته جعلت الكثير من الباحثين يستغنون عن الذاكرة التي دورها ترسيخ الاعتزاز بالهوية، مضيفا أن الجزائر تحتاج إلى بناء مواطن صالح، وهو ما تقوم به الذاكرة التي تستطيع جعله يعتز بقيم وتاريخ بلده، مؤكدا أن التاريخ لا يكفي لأنه بحث دقيق عن الحقيقية ولا شيء غير الحقيقة.