يسمونها أمراض الصيف تبقى مع الأسف الشديد ونحن في عام 2008 تصنع المعاناة وحتى المآسي في الكثير من مناطق القطر والمبادرة هذه السنة تمثلت في تحريك قوافل تحسيسية لحماية المواطنين من الأمراض المتنقلة عن طريق المياه والتسممات الغذائية..التيفوئيد في سطيف وتسممات جماعية في خنشلة وأمراض لها علاقة بانتشار الأوساخ هنا وهناك ولا أظن أن هذه الحملات التحسيسية ورغم أهميتها قد تقلل من حدة الوضع حتى لا نقول القضاء نهائيا على أمراض الصيف أو أمراض الفقر ولا تهم التسميات بقدر ما يهم طريقة تجنبها ..في البلدان المتطورة ينظر إلى الإنسان نفسه على أنه أول مخبر لإجراء التحاليل فالفرد هناك لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يشرب أي ماء أو يستهلك خضر وفواكه دون غسلها مرات أو يأكل بيتزا من محل كله فوضى أو من الشارع وسط الغبار والضجيج وغير ذلك وحتى عندنا هناك العديد من المواطنين من يسلكون هذا النهج ومنهم من يدخل في عراك مع بائع ما يقدم سلعا بأياد وسخة ويرتدي مئزرا قذرا .. فالوقاية فعلا خير من العلاج وحاسة الشم والذوق والنظر التي من بها الله على عباده هي في الواقع أفضل مخبر لتجنب حدوث تسممات أو إصابات بأمراض صيف..فالمواطن الذي يشم انبعاث رائحة كريهة في محل ويرى بعينه بائعا لا يحترم نفسه ولا يقدر قيمة زبونه ويتذوق طعم بيتزا أو مرطبات أو حتى قطعة لحم نثنة ويتناولها ويسكت فهو في الواقع جلب إلى نفسه المرض ولا يلوم إلا نفسه قبل أي كان تماما كالذي ينظم وليمة عرس أو غيرها ويدعو مئات الأشخاص وقبل ذلك حضر لهم لحما مفروما لم يوضع في أماكن التبريد أو يقدم لهم مياها من مخازن ؟ إن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يحس بها إلا المرضى وحماية الجسد بدايتها الوعي والتحضر ولا تكفي غلق بيتزيريات أو محلات لعدم توفر النظافة وحدها لحماية المستهلك بل المطلوب هو مقاطعة الافراد والجماعات لفضاءات تجارية لا يؤمن فيها أصحابها بأن الزبون سلطان وعدم استهلاك أي خضار أو فاكهة دون غسلها مرارا فمن أيام حدثني طبيب أن البطيخ الذي يكثر استهلاكه صيفا يفترض أن يغسل بالماء والصابون قبل فتحه وتقديمه فهو سهل لاستقطاب الميكروبات في الحقول أو بالشاحنات التي تحمله وحتى من أيادي البائعين وذاك مثال وعينة فقط ..