تقبل بعض العائلات خلال هذه الأيام على الرقاة والأولياء الصالحين من أجل ممارسة بعض الطقوس التي وحسب اعتقادهم ستضمن النجاح لأبنائهم ممن يقبلون على شهادة البكالوريا، فيما يحرص آخرون على تسجيل أبنائهم في بعض الدورات التدريبية والجلسات النفسية التي يتم الإعلان عنها مؤخرا من قبل أخصائي التنمية البشرية. زيارتنا لبعض الرقاة جعلتنا نسجل إقبالا ملحوظا من الأمهات اللائي حرصن على القدوم من أجل رقية أبنائهن، حيث أجمعت أغلبيتهن أن الرقية الشرعية بالقرآن الكريم ستمكن أبناءهن ممن يجتازون امتحان شهادة البكالوريا هذه السنة من المراجعة ويبعد عنهم "الخلعة" على حد تعبير بعض من تحدثن "للسلام اليوم" ومنهن "أم نسرين"، تجتاز ابنتها البكالوريا لأول مرة وهي تعاني من قلق شديد خشية أن لا تتحصل على الشهادة تقول الأم: "لم أجد من حل لإبعاد الخلعة عن ابنتي سوى رقيتها، فرغم أنها لا تكف عن المراجعة إلا أن نوبات القلق تنتابها كثيرا وأحيانا تجهش بالبكاء بدون سبب". "ابنتي تغلق الغرفة على نفسها وتعيد ما حفظته في الظلام وإلى ساعة متأخرة من الليل" تقول "أم خديجة" بعد أن انتقلت نوبات القلق إليها تضيف: "حالة ابنتي تقلقني كثيرا، فهي تبذل كل ما بوسعها، غير أنها لا تملك ثقة كبيرة في إمكانياتها ما دفعني لأقترح عليها الذهاب لترقي نفسها إلا أنها رفضت ذلك ما جعلني آتي مكانها لأحصل على ماء مرقى". أم "محمد أمين" كانت هي الأخرى واقفة وبين يديها قارورتين من الماء المعدني تنتظر دورها، اقتربنا منها لنسألها عن سبب قدومها إلى هذا المكان فاسترسلت تحكي عن الحزن والقلق الذي تتعرض له منذ العام الفارط، حيث تؤكد في سياق حديثها أن ابنها ورغم اجتهاده، إلا أنه لم يتحصل على شهادة البكالوريا، فهو ينسى الكثير من الأمور التي يراجعها بمجرد أن يمسك ورقة الأسئلة تعلق قائلة: "يكاد قلبي يتوقف وأنا أفكر لوهلة أنه لن ينجح أيضا هذه السنة ما جعلني أقصد الراقي رفقة جارتي التي أكدت لي أن الرقية الشرعية هي السبيل الوحيد لتخليصه من مخاوفه التي تمنعه من التركيز يوم الامتحان، خاصة وأن كل أبنائها تحصلوا على البكالوريا واجتازوا الامتحان بمعنويات مرتفعة وهم متأكدون تمام التأكيد من نجاحهم والفضل للرقية الشرعية". تعتبر الرقية الشرعية من منظور بعض الأمهات وحتى التلاميذ من الأمور التي تندرج ضمن الاستعدادات الرئيسة التي تسبق امتحان البكالوريا، "أم ناريمان" إحداهن، حيث تقول أنها اهتدت للرقية الشرعية بعدما كانت تقبل على زيارة الأولياء الصالحين آخذة معها ما يعرف "بالوعدة" وذلك من أجل الدعاء لأبنائها الخمسة، تقول عن هذا: "لا أخفي عليكم فأنا كنت أقوم بزيارة الولي الصالح سيدي عبد الرحمان بأعالي القصبة من أجل التبرك بهذا الولي الصالح لعلّ وعسى ينجح أبنائي ولكن وبعد أن أدركت أن ذلك بدعة صرت أقصد الرقاة لرقية كل من يقبل على اجتياز أي امتحان مصيري من أبنائي". هذا ولاتزال الكثير من الأمهات يقصدن أضرحة الأولياء الصالحين بهدف الدعاء من أجل نجاح أبنائهن، فيما يجده آخرون أفضل مكان للتصدّق لنفس الغرض، فيما تقول "نعيمة" منظمة عند أحد الرقاة أنه وخلال الفترة التي تسبق امتحان البكالوريا وحتى مختلف الشهادات الأخرى يزداد إقبال التلاميذ وحتى أمهاتهم على الرقاة، حيث يشكلون نسبة معتبرة من الزائرين من أجل تحصين أبنائهن بكلام الله تعالى على حد تعبيرها. وحسب "نعيمة" فإن الأمر لا يقتصر فقط على الأمهات، بل الكثير من التلميذات يقصدن المكان من أجل الرقية، حيث يكتظ المكان، خاصة خلال الأسبوع الأخير الذي يفصلهم عن الامتحان تقول: "يمكنكم أن تأتوا إلى هنا في الصباح الباكر فستجدون الكثير من التلميذات ممن يقصدن المكان من أجل الرقية". وبين زيارة الأضرحة والرقية الشرعية توجد من الفئات التي لا تؤمن بجدوى هذه الطقوس، خاصة وأن عيادات التكفل النفسي ومراكز التنمية البشرية التي يتكاتف نشاطها خلال هذه الفترة التي تسبق الامتحانات، حيث يحرص الكثير من الأولياء على إخضاع أبنائهم إلى جلسات استرخاء والتي تنظمها العديد من مراكز التكفل النفسي فيما ينخرط آخرون في الدورات التدريبية التي ينشطها خبراء في التنمية البشرية، أين يتم تلقين المشاركين أساليب النجاح وكيفية بناء الثقة في النفس. الفكرة نالت إعجاب الكثير من أولياء الأمور منهم "أم سلمى" التي تؤكد أنها سجلت ابنتها لتحضر تلك الدورات التدريبية التي ستنطلق في الفاتح من شهر ماي بأحد المراكز، وذلك حسب رأيها سيقدم لها دفعا قويا وثقة بالنفس، حيث تؤكد حسب ما جاء في سياق حديثها أن التمنية البشرية صارت تخصصا قائما بنفسه، وتضيف "لقد أثبت نجاعته في الكثير من الدول الأخرى ورغم أن انتشارها في بلادنا لايزال مقتصرا على فئة معينة، إلا أنها الأفضل لتلاميذ البكالوريا".