شدد الدكتور عمار مساعدي. عميد كلية العلوم الإسلامية بالعاصمة، على أن سوء التسويق الفكري الذي نعاني منه راجع إلى تقصير وسائل الإعلام في تأدية واجبها الاخباري. أكد المتحدث وجهة نظره بالقول: “يعود الأمر إلى سوء استثمار الجهات الرسمية لأفكار الشباب وتطلعاتهم.. لا أحمّل الشباب أية مسؤولية ولا أحمل الفقهاء والعلماء أية مسؤولية أيضا”، كما أبدى امتعاضه من سوء التغطية الإعلامية للحدث الهام –حسب قوله- المقام مؤخرا والمتمثل في الملتقى العلمي الذي تناول “فلسفة البناء الحضاري عند مالك بن نبي وفتح الله كولن.. نحو ترشيد الفكر والفعل”، واصفا إعلامنا بعدم الرشد الكافي لتغطية تظاهرة فكرية تحمل هذا الكم من الأهمية. وأضاف مساعدي: “ما يؤسف أكثر أن الحدث حظي بتغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام الأجنبية، حيث بثت فعاليات الملتقى على قنوات في أمريكا وأمريكا الشمالية إلى جانب تركيا، أوروبا، آسيا، وإفريقيا، بينما كان الجانب الوطني غائبا تماما عن الحدث”، الأمر الذي اعتبره المتحدث تقصيرا فادحا من الجهات المعنية، في إشارة إلى أن القائمين على تنظيم الملتقى بعثوا بعديد الدعوات إلى عدد من المؤسسات الإعلامية إلا أن انشغالات بعضها كانت أكبر من تغطية الملتقى وأضاف: “اعتادوا عدم الحضور لمثل هذه الملتقيات.. أحملهم المسؤولية أمام الله وأمام المسؤولين الذين يعملون جاهدين لإيصال الحقيقة لشعوبهم”. ومن جهة أخرى، أثنى المتحدث على القلة القليلة من الصحافة الوطنية التي غطت الحدث وتوجه لها بالشكر على حرصها ومتابعتها لمثل هذه المبادرات. “الجامعة أكبر المؤسسات تسويقا للفكر الجزائري” أفاد مساعدي، أن الجامعة تساهم في الترويج للفكر واستثمار مختلف أعمال المفكرين الجزائريين من خلال وضع برامج علمية أكاديمية تستطيع من خلالها إبراز أعمالهم القيمة، كما تصيغها أحيانا في شكل قوانين تلزم المسؤولين على مستواها بتنظيمها. وأشار المتحدث إلى أهمية الملتقيات العلمية في بلوغ هذا الهدف، حيث أكد أن الجامعة تعمل على تكثيف تنظيم ملتقيات من هذا النوع لاستثمار حيثياتها ونتائجها في البحث العلمي. وحول الملتقى الذي نظم مؤخرا عن “فكر مالك بن نبي وفتح الله كولن”، صرح مساعدي، بأنه سيتم نشر المقالات التي تناولت فعالياته، وتدخلات الدكاترة المحاضرين على صفحات مجلة “الصراط”، العلمية الأكاديمية المعتمدة على مستوى العالم العربي، إلى جانب مواقع على الإنترنت، لتتاح الفرصة لكل من يود الاستفادة منها. ومن جهة أخرى، شدد نوزاد صواش، المشرف العام على مجلة “حراء” التركية، خلال مقابلة خص بها “السلام” على أولوية الإيمان بالثقافة كضرورة حتمية “لأنه لا يوجد بديل في ظل تيارات العنف والصدام التي تهيمن على الميدان”. كما أكد المتحدث، على ضرورة اهتمام عقلاء الأمة بالمفكرين الأقوياء من خلال قوله: “نحن مضطرون لتكوين هذه النخبة سواء تعلق الأمر بالعالم العربي أو العالم الغربي، وإلا سنفسح المجال للدماء والخراب ليكون سيد الموقف بدل الفكر البنّاء الراشد”. مشيرا إلى التوأمة الجزائرية التركية في المجال الثقافي، بقوله: “شهدت السنوات الأخيرة بوادر التواصل بين البلدين في هذا المجال، من خلال التنسيق بين الجامعات وتنظيم الملتقيات العلمية البناءة التي تعد جانبا هاما من مشروع التوأمة الثقافية بين الجزائر وتركيا، حيث عقدت جامعة الفاتح التركية اتفاقيات توأمة مع الجامعات الجزائرية”. وأضاف صواش: “نحن على صلة مع المجلات والجرائد الجزائرية، غير أن الرهان اليوم متعلق بسلاسة القنوات الأساسية للفكر والتي تدخل ضمنها المجلات والجرائد، ليأتي الاقتصاد الذي يسعى لتنمية كلا البلدين في المرتبة الثانية، تعقبهما التربية”. التوأمة بين البلدين ستخلق مدارس تركية في الجزائر كشف نوزاد صواش، عن فكرة تأسيس مدارس تركية في الجزائر بنفس علمي قيمي وعالمي، وأشار إلى أن التوأمة بين البلدين تركز على الجانب الثقافي ثم التربية فالبناء الاقتصادي، ليأتي بعدها السياسيون حتى يسهلوا ويمهدوا وينطلقوا في تعزيز العلاقات. أما عن دور المجلة في الترويج للفكر البناء أفاد المتحدث أن مجلة “حراء” لديها إستراتيجية معينة للنهوض بالفكر من خلال الجلوس إلى العقلاء عبر المنتديات المختلفة والملتقيات وإصدار كتب ذات جودة عالية، أي أن “المجلة” تجمع بين الحضور المطبعي والحضور الميداني”. وأضاف قائلا: “نحن مجلة في نهاية المطاف، ليست أداة للتجارة أو للسياسة وإنما هي أداة فكرية تبحث عن الفكر الجيد والقيم التي نحاول إبرازها بجميع حالاتها، حيث لا نكتفي بطبعه فقط وإنما ننزل إلى الميدان في المحافل الفكرية والأدبية لنشره وإيصاله”.