لم يفهم الآلاف من سكان ولاية سطيف، سر تجسيد جملة من المشاريع دون أن تأدي الدور المنتظر منها خاصة بالبلديات النائية البعيدة عن المراقبة، والدراسات التقنية المطلوبة بما في ذلك ما تعلق بالقطاع الصحي، وبالضبط عشرات قاعات العلاج المنتشرة عبر قرى ومداشر البلديات المنعزلة، والتي تم انجازها بمبالغ مالية ضخمة فتحت أمام المواطنين لأيام قبل أن تصد أبوابها، وتبقى تراقص الرياح وتعالج الأشباح في صورة مليئة بالحسرى والأسف من القائمين على هذه المنجزات، ففي بلديات آيث نوال مزادة وماكلان وتالة ايفاسن مثلا، لم يجد المواطن حلا للتعقيد الذي أصاب عقله لما بقيت قاعات العلاج بها مأوى وجسد بلا روح، بل جدران لا معنى لها بعد أن امتصت مئات الملايين حسب المعلومات المستقاة من هنا وهناك، ففي بلدية ماوكلان مثلا ما زال المواطنون ينتظرون الجديد في شأن قاعات العلاج بكل من أولاد بوعرورة وشليح وزواوة، بعد أن أغلقت أبوابها أياما فقط بعد فتحها، إذ أعرب لنا المواطنون عن ارتياحهم لقرار إنجاز قاعات العلاج هذه، لكن سرعان ما تحولت هذه الفرحة الى دهشة وحيرة من سر إغلاقها لأسباب تبقى مجهولة، وهو الأمر كذلك بالنسبة لقاطني كل من قرى أولاد يحيى بتالة ايفاسن وتاوريرت بآيث نوال أومزادة، كما لا ننسى بأن هذه القضية لا تعني فقط البلديات المذكورة بل تمتد لكل بلديات الولاية تقريبا، كما جاءتنا أصداء من بلديات معاوية وبئر حدادة بالجهة الجنوبية للولاية، وفي الوقت الذي يتململ فيه المواطنون حول الأسباب والدواعي التي أغلقت بها هذه المؤسسات المدعوة بالاستشفائية، يؤكد مدير الصحة بالولاية، في تصريح له بأن السلطات البلدية هي التي تتحمّل عبء هذه الخسائر والخرجات لأن المديرية على حد تعبير المدير لا تتحمّل مسؤولياتها تجاه قاعات العلاج لأن "الأميار" يسارعون لتجسيد قاعات العلاج دون مراعاة ما تتطلبه من هيكلة بشرية قبل كل شيء، ونحن في مديرية الصحة، ليس بمقدورنا توفير الطواقم الطبية لكل قاعات العلاج في ظل رفض عشرات الأطباء والممرضين العمل في المناطق النائية، وكذا شح المتخصصين في المجال الطبي والمتخرجين من أبناء هذه المناطق، حتى يتسنى لنا تسهيل عمليات التوظيف لأن السلطات المحلية بالبلديات التي تحتوي هذه الورشات المغلقة لم تتفطن لمثل هذه العوائق، أما قاعات العلاج التي تم فتحها وسرعان ما أغلقت فالسبب راجع إلى أن العاملين بها لم يستطيعوا تنظيم أوقاتهم في الدخول والخروج ما جعلهم يغيّرون أماكن عملهم، لكن على حد تعبير السكان فهذا ليس عذرا لأن الأطباء والممرضين لو توفرت لهم الظروف المواتية لما تركوا أي منصب، فلماذا يقول أحدهم نجسّد العيادة بمئات الملايين ولا نستطيع توفير سكن للعامل بها، زيادة على كل هذه المشاكل يطرح مشكل نقص المداومة والتجهيزات الطبية التي سنتطرق إليها في كتاباتنا اللاحقة.