تعرف تجارة الذهب انتعاشا في الأسواق الموازية رغم ارتفاع أسعاره، وهذا راجع للامتيازات التي يقدمها باعة الطاولات للزبونات أهمها البيع بالتقسيط، حيث يقبل الكثير من الباعة التعامل بهذا الأسلوب مع الزبون حتى وإن كان لا يعرفه، فالمهم أن تبقى القطعة عنده إلى أن يحصل على كامل السعر مع تقديم وصل للزبون يبين المبالغ المدفوعة في كل مرة . ولمعرفة المزيد عن مدى الإقبال على المجوهرات المصنوعة من الذهب، قصدنا سوق باش جراح، الذي ذاع صيته على المستوى المحلي، حيث أصبح وجهة للمقبلات على الزواج لشرائه من جهة، واللواتي يعانين من أزمة مالية لبيعه من جهة أخرى. وبعدما كانت عملية البيع بالتقسيط حكرا في بدايته على الأدوات المنزلية كالثلاجات، الغسالات، أجهزة التلفاز، وإنتقالها إلى أجهزة الكومبيوتر، ومع بروزها في عالم السيارات بشكل كبير حتى أصبحت الحظائر لا تستوعب الكم الهائل من السيارات، إلا أن العدوى انتقلت منها إلى سوق الذهب وبشكل يلفت الأنظار بعد أن كنا نادرا ما نسمع عنه في «دلالة» الذهب عامة وبسوق باش جراح خاصة، فهذه الأخيرة «الدلالة» التي غدت تضم أكثر من مائة طاولة لبيع الذهب، بعد ما كانت في السنوات الماضية لا يتعدى عددها عشر طاولات على حد تعبير أحد الباعة هناك الذي قال: «لقد شهدت هذه الدلالة توافد العديد من الباعة التقليديين من مختلف الأحياء الأخرى للعاصمة المعروفين ببيع الذهب». كما أكد لنا صديقه في التجارة بأن تجارة الذهب ازدهرت كثيرا في هذا المكان الذي يمكن أن نقول عنه أنه رئة الدلالة في بيع الذهب، بعد أن ذاع صيتُه في مختلف المناطق، كما أضاف «هذه الدلالة هي القبلة المفضلة للعديد من الفتيات المقبلات على الزواج». وقد لاحظنا في هذه الدلالة طريقة بيع جديدة لم نكن نسمع عنها كثيرا، إلا في محلات بيع الذهب والمجوهرات والتي كانت حكرا فقط عليها، ألا وهي البيع بالتقسيط، والعدوى التي انتقلت، ثم انتشرت بين أصحاب الطاولات الذين يعتمدون على الاحتفاظ بما اختارته الزبونة من عندهم على شرط أن تقدم هذه الأخيرة دفعة أولى من ثمن القطعة والباقي يدفع بالتقسيط بعد اتفاق مسبق بينهم، وكلما دفعت له قسطا معينا من المال يسلم لها وصل تسليم جديد لتحديد الثمن المدفوع والمتبقى للدفع، هي الطريقة التي يستعملها بعض الباعة لكسب عدد كبير من الزبائن. وبحديثنا مع أحد الباعة عرفنا أن الفئة الكبيرة المقبلة على الشراء بشكل مستمر هي الموظفات وكذا المقبلات على الزواج مع أمهاتهن وصديقاتهن . ف «سلمى» واحدة منهن، التقينا بها مع أمها أمام إحدى الطاولات، التي أكدت لنا على أنها اعتادت شراء الذهب من عند هذا البائع، فهي تأتي إليه كلما أرادت الشراء، وباعتبار أنها مقبلة على الزواج فهي تأتي إلى «الدلالة» باعتبار انه ارخص مقارنة مع المحلات التي تبيع الذهب، وبما أن سعر الغرام الواحد من الذهب تجاوز ال (4000 دينار) في بعض الحالات، فإنها اعتمدت صيغة الشراء بالتقسيط للقطع الذهبية التي يفوق السعر الواحدة منها 20 ألف دينار. وأما السيدة «منال» هي موظفة بالسلك الطبي بإحدى المؤسسات الإستشفائية التي أكدت لنا ما قاله البائع، بأنها هي أيضا من مهووسات شراء الذهب بالتقسيط، وهذا منذ فترة دخولها إلى العمل تقريبا منذ حوالي عامين، فمن قبل لم يكن لها سوى قطعة واحدة والآن تحاول اغتنام فرصة عملها لتعويض ماف ات وشراء الذهب، لأنها تؤمن بمقولة «الحدايد للشدايد». ولنأخذ فكرة أوسع عن هذا الموضوع، ذهبنا إلى أحد محلات بيع المجوهرات والذي أبدى رأيه حول هذه الظاهرة التي أصبحت تسود أسواق الدلالة في مجتمعنا فقال: «أن تجارة بيع الذهب في الدلالة من خلال الطاولات التي يعرضها بعض الباعة، تستقطب الكثير من الزبائن، لأن هؤلاء الباعة اعتمدوا على نظام التسهيلات في بيع سلعهم للزبائن، حيث صار المواطنون يفضلون هذه الأسواق على المحلات، نظرا للثمن المتدني القليل، ورغم وجود احتمال تعرضهم للنصب أو الاحتيال في نوعية الذهب وجودته، إلا أنهم يفضلون الذهاب للشراء من تلك ألاماكن».