اختتمت أول أمس, في ساعة متأخرة, الطبعة ال 16 لصالون الجزائر الدولي للكتاب, بعد 10 أيام تباع عرفت إقبالا كبيرا من قبل الآلاف من الجزائريين, الذين لم يتأخروا في المجيء لاكتشاف آخر ما عرضته دور النشر المحلية والأجنبية في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والعلمية.. وعلى رغم النقائص في التنظيم وظروف استقبال الزوار التي لم ترق إلى السمعة التي كسبتها التظاهرة على مدى السنين, إلا أن الإقبال كان هاما على طول أيام الأسبوع ليبلغ الذروة أيام العطل, وذلك بدافع الشغف بالقراءة أحيانا, وبرغبة اقتناء الكتب, أو بدافع الفضول, والتجارة أحيانا أخرى. إلا أن هذا الإقبال على المعرض لم يمنع الكثير من الزوار من إبداء تضمر واستياء من بعض المظاهر التي أساءت للتظاهرة, حيث لم يرضيهم إصرار المنظمين على إقامة الصالون في خيمة ضخمة شكلت تناقض مع المحيط وأضفت على تظاهرة ثقافية سيدها الكتاب صورة سوق ضخم تكدست فيه كتب وأعمال أدبية وفكرية وسط أجنحة كان الكثير منها ملتصق بعضه ببعض, زيادة عن ضيق الحيز, مما صعبت من مهمة تنقل الزوار ولتركيز على تحديد اختياراتهم . وقد اشتكت الأسر التي اصطحبت أطفالها إلى المعرض من هذه الطريقة في التنظيم والعرض التي عطلت حسبهم التنقل بين الأجنحة, التي كانت أيضا تعاني من شدة الحرارة بسبب انعدام التكييف الهوائي. وشكلت مسألة ارتفاع أسعار أغلب الكتب رغم بعض التخفيضات التي قامت بها الكثير من دور العرض هاجس أغلبية القراء من ذوي الدخل المتوسط . ومن بين المفارقات التي سجلت خلال هذه الطبعة تمكن أغلب المتوافدين على المعرض بالرغم من ارتفاع الأسعار من اقتناء الكتب, كما أن هناك من خرج من المعرض بصناديق محملة, وإن كان غرض هؤلاء في الغالب تجاري, إلا أنهم ساهموا في رفع رقم المبيعات التي كان أكثرها من الكتب الدينية والتقنية والطبخ ... ولم تنحصر فعاليات المعرض في عملية العرض والبيع بل حرص المنظمون أيضا هذه السنة على إعداد رزنامة متنوعة من الأنشطة الثقافية والفكرية مثل الندوات الأدبية والأمسيات الشعرية تناولت الأولى مواضيع هامة تتعلق بالراهن, وما تعرفه المنطقة من أحداث وتحولات. وكان لهذه الندوات إقبال واهتمام خاص من قبل زوار المعرض, لاسيما الطلبة لأهمية مواضيعها والقمة الأدبية والعلمية لمشاركين من أدباء ومفكرين جزائريين وأجانب, رغم بعض النقائص التي تخللت الجانب التنظيمي كالتغيير غير المعلن لبعض الأنشطة واستبدالها بأخرى أو إلغائها دون إعلام الجمهور. وبخصوص مجريات المعرض, فعلى الرغم من تعبير العديد من المشاركين عن استيائهم لاستمرار هذه النقائص التي كانت في الطبعات الماضية, إلا أن هناك من الناشرين من فضل إبراز نوعية المعروضات والمشاركين حيث اعتبر ممثل دار غاليمار الفرنسية أن الصالون سمح للناشرين الأجانب خاصة في السنوات ال 7 الأخيرة من العودة للسوق الجزائرية, وجلب اهتمام القارئ الجزائري, ملفتا الانتباه إلى نوعية الكتب المعروضة حيث أضاف المسؤول أن المعرض يبقى فرصة هامة لبعث القراءة العمومية خاصة لدى الشباب. ويبقى الصالون في نظر بعض الناشرين المحليين فرصة لتقديم إنتاجهم مؤكدين أنهم يعملون باستمرار للمساهمة الجدية في المعرض لأنه يعد واجهة للثقافة الجزائرية. كما أبرز البعض الآخر التطور الملحوظ في نوعية الكتب المعروضة وقيمة الندوات التي نظمت. واستقبل الصالون عدة شخصيات ثقافية وفكرية من بينهم وزيرين وزير الثقافة اللبناني الذي كان بلده ضيف شرف هذه الطبعة, ووزير الثقافة الفرنسي, حيث تطرقا للحديث عن أهمية التعاون مع الجزائر في مجال النشر المشترك. للإشارة فإن الطبعة ال 16 التي انطلقت يوم 21 سبتمبر تحت شعار «الكتاب يحرر» قد شهدت مشاركة أزيد من 500 دار نشر تمثل إلى جانب البلد المنظم 32 بلدا أجنبيا أربعة منها تشارك لأول مرة وهي روسيا وأوكرانيا والبيرو وموناكو.