تكّبدت شركات متعاملي الهاتف النقال الثلاثة في الجزائر خسائر مالية فاقت 3.5 مليار سنتيم نتيجة اقتناء شرائح هواتف نقالة بهويات وسجلات تجارية مزورة، استعملت في ربط اتصالات دولية بين جماعات ارهابية داخل وخارج الوطن. انطلقت تحرّيات معقدة في القضية قبل سنتين، اثر تلقي مصالح الأمن لشكوى من شركة اوراسكوم تليكوم، مفادها قرصنة وحدات المكالمات الهاتفية الدولية بكل من وكالات البليدة وبوفاريك والمدية من طرف أشخاص مجهولين تحصلوا على خطوط دولية مستعملين هويات وسجلات تجارية مزور منهم المدعو "ب.عمر" الذي تدين له المؤسسة ب 9,665.888.489 دينارا، "ف.محمد" مدان بمبلغ 2116349 دينارا، "ب.سيد أحمد فؤاد" مدان بمبلغ 6860 دينارا، "ب.توفيق" ب 142667 دينارا، "ق.عبد الرحيم"ب 33871 دينارا، "ح.حكيم" ب 672667 دينارا، و"س.عبد الرحمان" بمبلغ 2526130341 دينارا. كما عمل المحققون على تحديد هوية الأشخاص من أصحاب شركات تجارية كانوا يتقدمون من مختلف وكالات "جيزي" عبر 48 ولاية لإقتناء الشرائح، وتبين من معاينة الأسماء ومقر تلك الشركات أنها وهمية وتنشط بسجلات تجارية مزوّرة. وبتكثيف البحث عن هوية اصحاب السجلات التجارية والشرائح الهاتفية تم تحديد هوية المدعو "ع مصطفى"، الأخير إقتنى حوالي 10 شرائح من وكالة "جيزي" بالمدية و10 أخرى من المتعامل الهاتفي "أوريدو". هذا وأكد المشتبه فيه الأول –خلال التحقيق- أنه اقتنى شرائح الهواتف النقالة لفائدة المدعو "عبد العالي فرحات" رعية فلسطيني مقيم بالجزائر، والذي رافقه إلى مقر الوكالة ودفع له مبلغ مالي دون أن يتدخل في عملية الشراء، على حد ما جاء في محاضر التحريات. وعن علاقته بالرعية الفلسطيني، أوضح ذات المتهم بأنه تعرّف عليه عن طريق صديقه المدعو "س .عبد الرحمان"، الأخير تورّط أيضا في إقتناء عدد من شرائح الهواتف النقالة من وكالة "جيزي" باسم شركة وهمية تحمل اسم "كوفية"، وعثر داخل منزله على سيف كبير و12 ختما مقلدا لشركات ومؤسسات تجارية. في السياق ذاته وبإستغلال أقوال المتهمين الموقوفين والسجلات المزورة تم تحديد هويّة 12 متهما اخرا ضبط بحوزتهم أثناء تفتيش منازلهم أرقام هواتف دولية وشفرات للمكالمات الدولية مع جهاز ذاكرة وماضة يحتوي على أفلام خليعة. وتبيّن أن الشبكة تعمل لفائدة الرعية الفلسطيني عبد العالي فرحات المقيم بأولاد يعيش، والذي ينشط –حسب نتائج التحقيق - رفقة صديقه الفلسطيني "ا.مهند" لصالح جماعات إرهابية دولية بكل من ليبيا، تونس، مالي، النيجر، الصومالوسوريا، وتمويلها عن طريق تحصيل أموال باستعمال عمليات النصب والقرصنة، حيث يودعون ملفات باسماء مؤسسات تجارية وهمية للحصول على خطوط هاتفية دولية ويتصلون بأرقام رموز دولية بمولدافيا، ليستفيدوا من ضخ مبالغ مالية معتبرة بالعملة الصعبة في أرصدة سرية خاصة بهم مقابل وحدات المكالمات الهاتفية التي يستفيد منها الرقم المتصل به، كما تبين أن الرعية الفلسطيني يقوم بتمويل الجماعات الإرهابية الدولية وتجنيد الشباب الجزائريين للالتحاق بجبهات القتال في سوريا والعراق وغيرهما. حجز بطاقة انتماء لحركة "فتح" الفلسطينية وأسفرت عملية تفتيش منزل عبد العالي على حجز كناش به أرقام دولية ورموز تستعمل لتحويل المكالمات، مع العثور على صورة له تظهره مرتديا للزي الأفغاني وبيده سلاح كلاشينكوف بحزام مملوء بالخراطيش وبطاقة الانتماء لحركة "فتح" الناشطة بفلسطين وهاتفين نقالين أجريت منهما عدة مكالمات دولية. وفكّت المصالح بعد تحريات معقدة خيوط الجريمة وكيف كان المتهم الرئيسي يحتال على متعاملي الهواتف النقالة من خلال ارسال المتهمين لوكالاتها عبر الوطن على أنهم أصحاب شركات عن طريق سجلات تجارية عليها أختام مقلدة لشركات تجارية وهويات يتكفل بتزويرها بنفسه، حيث يعمل باقي المتهمون على اقتناء الشرائح الهاتفية مقابل عمولة تصل الى مليون سنتيم للشريحة كما تبين أن عدة حسابات وأرصدة بنكية خارج الوطن تخص المتهم الرئيسي. قدم المتهمون في القضية أول امس للمحاكمة بتهمة تكوين جماعة منظمة، الإشادة بالأفعال الإرهابية التخريبية وتشجيعيها والتزوير واستعماله في محررات رسمية والنصب والاحتيال وحيازة أسلحة بيضاء وأفلام خليعة. وخلال المحاكمة، أنكر جميع المتهمين تورّطهم في النشاط الإرهابي الذي كان يباشره الرعية الفلسطيني مؤكدين بأنهم كانوا يقتنون تلك الشرائح ظنا منهم أنها بهدف فتح هاتف عمومي أو مزاولة نشاط تجاري شرعي، فيما التمس ممثل الحق العام توقيع عقوبات بين خمس سنوات والسجن المؤبد في حق المتهمين. للإشارة، تأسّس متعاملو الهاتف النقال الثلاثة في الجزائر أطرافا مدنية في القضية رفقة الوكيل القضائي للخزينة العمومية والمديرية الوطنية للسجل التجاري للمطالبة بتعويضات مادية.