يبدو أن شهر مارس سينقضي من دون أن تعقد القمة الثلاثية بين عبد العزيز بوتفليقة وعبد الفتاح السيسي والباجي قائد السبسي. الأسباب لا تزال مجهولة ولكن المعلوم أن القمة كانت مبرمجة في منتصف مارس وكانت وسائط جزائرية منها مستشار الرئيس أحمد أويحيى عملت على ذلك ومنها رئيس حزب حركة مجتمع السلم ووسائط من تونس وليبيا مثل عبدالحميد بلحاج والصلابي والغنوشي وغيرهم. وكانت شرعت الجامعة العربية وممثلون عن عواصم دول مجاورة لليبيا في التحرك للبحث عن حلول للأزمة، التي باتت تهدد دول الجوار، وتؤثر في مجمل أوضاع المنطقة. يأتي ذلك بعد جولات حوار مكثفة بين الفرقاء الليبيين، شهدتها القاهرة قبيل نهاية العام الماضي برعاية مباشرة من الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري، المسؤول عن الملف الليبي. وآخر المبادرات في هذا الشأن، طرحها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الذي دعا إلى عقد قمة ثلاثية تجمعه والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بهدف البحث في إيجاد تسوية للأزمة الليبية، بخاصة في ظل التحركات الاقليمية والدولية المتسارعة، لوضع أفق حل لما تشهده الساحة الليبية من صراعات. وهو ما أشار إليه المبعوث العربي إلى ليبيا السفير صلاح الدين الجمالي، الذي أكد في أعقاب اجتماع المندوبين الدائمين في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة أن دول الجوار تقوم بالتنسيق فيما بينها لعقد اجتماعات مشتركة حول الأزمة الليبية؛ مشيرا إلى أن مبادرة الرئيس التونسي يسبقها اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث، وأن الدور العربي والاقليمي والجماعي يعطي زخما للجهود التي تقوم بها بعض الدول منفردة أيضا، وأوضح أنه سوف يتم قريبا تحديد زمان ومكان القمة العربية الثلاثية حول ليبيا... وألمح الجمالي إلى أنه قد يزور ليبيا الأسبوع المقبل في جولة تشمل طرابلسوبنغازي. للسيطرة على مناطق الحدود المشتركة بين البلدين الموقف التونسي إزاء التعامل مع مجريات الأوضاع الليبية الموقف الذي أعلنه الرئيس الباجي قائد السبسي، جاء في سياق تحول واضح في الموقف التونسي إزاء التعامل مع مجريات الأوضاع داخل الساحة الليبية؛ حيث تستقبل تونس للمرة الأولى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ومعه وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة في طبرق محمد الدايري. إذ إن تونس اعتادت التعامل فقط مع الحكومة القائمة في طرابلس، في سياق تفاهمات مباشرة تتقاسمانها للسيطرة على مناطق الحدود المشتركة بين البلدين، وكانت تبدي دوما تحفظاتها على التعامل مع سلطات بنغازي. وفي موازاة ذلك، وبعد الجلسات المكثفة من الحوار التي عقدت في العاصمة المصرية، والتي شملت ألوان الطيف السياسي والقبلي الليبي كافة، وأفضت للتوصل إلى توصيات مهمة على صعيد تعديل اتفاق الصخيرات، والإقرار بالتعامل مع المشير خليفة حفتر كقائد للجيش الليبي، بدا الموقف الجزائري كذلك أكثر انفتاحا على الجيش الوطني الليبي على ضوء استقبال الجزائر المشير حفتر. وقد حدثت تحولات وتفاعلات الموقف العربي مع ما يجري في ليبيا بالتوازي مع تحركات دولية يقودها مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر، الذي رحب بالمبادرة، التي أطلقها الرئيس التونسي؛ مشيرا إلى أن ما يجري على الساحة العربية يستهدف اتخاذ الخطوات اللازمة لدعم الحوار الليبي حول القضايا التي أعاقت تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي، بخاصة في ظل ما خلفته الأحداث في ليبيا من قلقٍ مشروع أصاب دول المنطقة كافة. خطورة الوضع الأمني في ليبيا إنشاء صندوق عربي لتقديم الدعم الإنساني والإغاثي للشعب الليبي يأتي ذلك في الوقت الذي أعادت فيه إيطاليا فتح سفارتها المغلقة في ليبيا منذ عام 2015؛ حيث شارك وزير الداخلية الإيطالي في عملية الافتتاح؛ موضحا أن السفير الإيطالي قدم أوراق اعتماده وباشر مهمات عمله، في خطوة تكشف رغبة المجتمع الدولي في وضع حد لحالة الانفلات الأمني، التي سادت ليبيا خلال السنوات، التي أعقبت أحداث السابع عشر من فبراير من عام 2011. وكان الاجتماع التشاوري لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين قد حذر من خطورة الوضع الأمني في ليبيا، والذي ينعكس سلبا على دول الجوار، التي وصفها المبعوث العربي إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي بأنها تواجه حربا حقيقية؛ داعيا إلى إنشاء صندوق عربي لتقديم الدعم الإنساني والإغاثي للشعب الليبي؛ مشيرا إلى أن هذا الصندوق يمكن أن تساهم فيه الدول العربية، ورجال الأعمال العرب؛ ما يسهم في تقديم بعض المساعدات للشعب الليبي، الذي يعاني نصفه على الأقل من البطالة. وأكد الجمالي أن إنشاء مثل هذا الصندوق من شأنه المساعدة على تحريك البعد السياسي، عبر زيادة فاعلية دور الجامعة العربية؛ موضحاً أن القيادات الليبية تأمل خيرا في دور الجامعة العربية ومساعيها الرامية لحل الأزمة وإعادة الأمن والسلام للأراضي الليبية، وخاصة أن غالبية الفرقاء الليبيين أعربوا عن استيائهم من عملية التعثر، التي تواجهها الجهود التي تبذلها بعض القوى الإقليمية والدولية. وتتواكب مع التحركات العربية والدولية جهود يبذلها الاتحاد الإفريقي؛ حيث ستجتمع على هامش القمة الافريقية، المقرر انعقادها في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني الجاري، لجنة عليا على مستوى قادة الدول لمناقشة الشأن الليبي في سياق تحركات لا تتوقف للتوصل إلى حل للأزمة الليبية. صحيفة إيطالية: دعم روسيا لحفتر يبعده عن طاولة المفاوضات رأت صحيفة ايطالية أن تحركات موسكو نحو المشير خليفة حفتر تستبعد إمكانية جلوس الأخير حول طاولة مفاوضات مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس الغرب، التي تحظى بدعم الأممالمتحدة. وتحدثت صحيفة "لا ريبوبليكا" في مقالها عن زيارة "قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، لحاملة الطائرات الروسية (الأميرال كوزنيتسوف)، وبحثه مسألة مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط مع وزير الدفاع سيرغي شويغو خلال مؤتمر عبر الفيديو". وقالت الصحيفة إن "خطوة موسكو، التي جاءت بعد ساعات من إعلان إعادة فتح السفارة الايطالية في العاصمة الليبية، تضع في الخطر إمكانية جلوس الجنرال حفتر حول طاولة مفاوضات مع طرابلس، حيث أطلق منذ أشهر رئيس الوزراء في حكومة الوفاق فائز السراج مفاوضات مع حفتر ومع برقة"، في إشارة الى مجلس النواب الليبي الذي يتخذ مدينة طبرق في شرق ليبيا مقرا مؤقتا له. وحسب الصحيفة، فإن "الجنرال (حفتر) يريد لنفسه دور قائد لجيش ليبي موحد في المستقبل، دون الخضوع إلى السلطة السياسية، في حين ترى حكومة السراج أن على القادة العسكريين العمل تحت راية السلطة السياسية". المقرات الحكومية جزء من صراع السيطرة في العاصمة الليبية تزداد ضبابية المشهد في العاصمة الليبية طرابلس حيث تتنازع قوى متناحرة تحاول فرض سيطرتها الميدانية على المقرات الحكومية وأكثر النقاط فائدة لها، في صراع هدفه الأساسي النفوذ السياسي والعسكري في البلاد والوصول لمرحلة التحول إلى الممثل السياسي الوحيد في البلاد. وبعد سيطرة وقتية من قبل قوات تابعة لحكومة الانقاذ الوطني،أكدت حكومة الوفاق الوطني انها استعادت مقراتها في طرابلس، حسبما أعلن علي قلمه محمد وزير العمل في حكومة الوفاق، في تصريحات صحفية، في حين، كلّف المجلس الرئاسي وحدات من "الجيش" لضبط الأمن والتصدي لأية محاولة للسيطرة على المقرات التابعة لحكومة الوفاق. وقال وزير العمل في حكومة الوفاق: "على حكومة الإنقاذ السابقة احترام إرادة الليبيين والمجتمع الدولي"، داعياً موظفي الوزارة إلى الالتزام والتفاني في العمل. وأضاف قلمه:"تحديات المرحلة كثيرة، وحجم المشاكل الموروثة من الحكومة السابقة كبير، وعلى الجميع العمل على حل مشكلة نحو 180 ألف عاطل عن العمل". وأشار قلمه إلى أن "الوضع الأمني في العاصمة طرابلس أثر سلباً على برامج الوزارة حيث تعرضت مقراتها في العديد من المرات للاقتحام وخطف بعض موظفيها. فيما أعلن المتحدث باسم قوات الردع الخاصة التابعة للداخلية الليبية، أشرف الثلثي، أن قوات الردع تمكنت من السيطرة على جميع المقار الحكومية التي حاول مسلحون اقتحامها في طرابلس، صباح الخميس. وقال الثلثي، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، إن "تشكيلات مسلحة خارجة عن السلطة حاولت إثارة الفوضى ومهاجمة بعض المباني الحكومية، وقامت قوات الداخلية بإحباط محاولة الهجوم والسيطرة على الوضع الأمني وإلقاء القبض على كل من قام أو ساهم في أي عمل تخريبي". وأكد أن الأمن الليبي قبض على 15 شخصا على خلفية الحادث. ونفى الثلثي صحة الأنباء التي نشرتها بعض وسائل الإعلام حول اقتحام مقر وزارة الدفاع، وقال إن التشكيلات المسلحة حاولت مهاجمة معسكر خارج مدينة طرابلس وأحد المباني التابعة لوزارة العدل. هدف الفصائل المسلحة السيطرة على طرابلس صراع بين القوى السياسية ومن ورائها التنظيمات المسلحة أكد حسين مفتاح الكاتب الصحفي الليبي، خلال لقائه على شاشة قناة "الغد"، الجمعة 13 يناير 2017، إن ما حدث في العاصمة طرابلس كشف عن الحالة التي تعانيها ليبيا من صراع بين القوى السياسية ومن ورائها التنظيمات المسلحة. وأضاف مفتاح أن عودة حكومة الإنقاذ مرة أخرى للسيطرة على تلك الوزارات هو صراع سياسي حتى إن استند إلى مبررات تبدو منطقية كفشل حكومة الوفاق. وأوضح مفتاح في تصريحاته، أن هناك جهود حقيقية عربية منها المبادرة الثلاثية والمبادرة الإفريقية ولكن ظهور تلك المجموعات التي تمثل اللاعب الجديد في العاصمة طرابلس ستكون ضربة لمن يمثلهم سياسيا. وعلى الرغم من اختفائه عن المشهد في ليبيا منذ أن تمكن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من الوصول إلى قاعدة "بوستة" البحرية بطرابلس نهاية مارس، حيث خسر الغويل في ابريل كل المؤسسات والوزارات التي كانت تابعة له في طرابلس وانتقلت إلى حكومة الوفاق الوطني، لكنه واصل إصدار بيانات تحمل توقيع "حكومة الإنقاذ الوطني" تضمن آخرها في التاسع أكتوبر الماضي انتقادات للوضع الأمني في طرابلس بيد أن سلطته ضعفت كثيراً مع فقدانه دعم أبرز الفصائل المسلحة التي تسيطر على طرابلس. ليست هذه المرة الأولى التي يشتعل فيها صراع السيطرة على المقرات الحكومية في طرابلس، حيث كانت حكومة الإنقاذ قد استولت في شهر أكتوبر 2016 على مقر مجلس الدولة، احد الهيئات المنبثقة عن اتفاق الصخيرات، ومبنى التلفزيون الرسمي. وقال الغويل حينها في بيان له "جميع أعضاء مجلس الدولة جُمِّدت مهامهم". فيما هددت حكومة السراج في بيان باعتقال "هؤلاء السياسيين الذين يحاولون خلق مؤسسات موازية وزعزعة استقرار العاصمة طرابلس". يذكر أن رئيس حكومة الإنقاذ "خليفة الغويل" أعلن عودة حكومته لمباشرة أعمالها من طرابلس، بعد نحو 6 أشهر من مغادرة السلطة لإفساح المجال لحكومة "الوفاق الوطني"، برئاسة فايز السراج، واعتبر البعض العودة تناقضاً مع الموقف السابق للحكومة. لكن الغويل اعتبر، في مقابلة سابقة مع الأناضول، أن عودة حكومته لا تتناقض مع موقفها السابق؛ فهي انسحبت من الحكم ل"حماية الوطن من الانقسام"، لكن "ازدادت الانقسامات بالفعل منذ دخول حكومة السراج العاصمة (مارس/آذار 2016)؛ لأنها تفتقد إلى الشرعية"؛ في إشارة إلى عملها بدون موافقة مجلس النواب المنعقد في طبرق (شرق)، حسب ما يشترط اتفاق الصخيرات، المبرم نهاية 2015.