مراسلة خاصة بالسلام تعرف النخبة على أنها مجموعة أشخاص يمتلكون قدرات اجتماعية وإدارية وتنظيمية وأدبية وفكرية أكثر من غيرهم، وهي مؤثرة في محيطها ومجتمعها، وجودها ضرورة، وغيابها مشكلة، حين يسند لها الأمر تبدع ويرتقي المجتمع، وعندما يسند الأمر لغير أهله تدب الفوضى ويعيش المجتمع في مدّ وجزر لا نهاية له. إن الدور المنتظر من النخبة في مجتمعاتنا هي بناء المؤسسات الاقتصادية والمالية والسياسية والأكاديمية والطبية والاجتماعية والديمقراطية، وهو دور يجب أن تقوم به على أكمل وجه؛ غير أن النخب تشكو التهميش، وترى أنها مغيّبة عن المشهد العام والخاص في تلك المؤسسات. وهذا يطرح تساؤلات جادة في مشهد النخبة التي ترى أنها لا تلقى الاهتمام والسؤال. نحن نعرف أن أننا نعيش مفارقات عجيبة؛ بعضها يختط لنفسه صورة مشرقة لا تتغير مهما كان حجم الإغراءات والمصالح، وهؤلاء يستحقون الإشادة والاحترام، وبعضها الآخر يتلون بألوان الطيف، وحسب مصالحه، مع انه يملك قدرات واضحة، وهؤلاء يجيدون فن المراوغة وصناعة الكلام والاتهام، لتحقيق مآربهم وأجندتهم الخاصة، والهدف إبعاد الصنف الأول عن دوره ومكانه الحقيقي الذي يستحقونه، وعوضا عن استقطابهم والإفادة منهم يستمرون في التحريض عليهم من أنهم حالمون وهلاميون وأفكارهم لا تغني ولا تسمن من جوع، لا بل يتهمونهم بِما هو ليس فيهم، بقصد عدم التفكير بهم، هذا مشهد الصراع بين النخب التي ترغب أن تتسيد المشهد، والنخب المهمشة؛ وهي نخبٌ قد لا تملك فرصة العمل أو الدفاع عن نفسها، وحينها يختلط الحابل بالنابل ويصبح الحليم حيران، ونحن لا نريد للجهل والجهالة أن تكون مدعاة للفشل والجشع واللامسؤولية؛ وإنما نريد من أصحاب الشأن أن يقرؤوا واقع النخب، وان يفحصوها بعناية وشفافية كي يحصنوا الوطن من الانتهازيين والجهلاء وتجار المواقف، ويدفعوه إلى الأمام حتى يتعلم الجميع أن مصلحة الوطن فوق كل المصالح الذاتية، وهذه دعوة صادقة للعقلاء والأوفياء أن يترجموا أقوالهم إلى أفعال تخدم الوطن وبرامجه كافة أقول مؤسساتنا ووطننا يحتاجان للنخبة المخلصة، للصادقين الأوفياء لرسالته، للأمناء على مصالح الناس، لأبناء البلد الخُلّص الذين يرفضون السمسرة والمزاودة عليه. والنخبة المخلصة موجودة في أنحاء الوطن كله؛ تحمل همه، وترفع اسمه داخله وخارجه، لأنها جُبلت على حب وطنها، ورضعته مع حليب أمهاتها؛ خاصة أنّ الجزائر وطنٌ متنوعٌ وولودٌ، وفيه من النخب المتنوعة ما يسد عين الشمس، همهم الوطن وناسه، لا جيوبهم وأسهمهم وأرصدتهم، وتحية صادقة لكل الأوفياء لرسالة الوطن وقيادته وأهله الطيبين، والأمل أن تتكاتف النخبة كلها لبناء جزائر المستقبل، لكي يتجاوزوا التحديات الكثيرة المحدقة به، بعيدا عن التهميش آو الادعاء آو تلك المقولة السلبية: ( وأنا ما لي، فخار يكسر بعضه)، هذا وطننا ويجب أن يعمل الجميع له بهمة وعزم وقوة وإرادة لا تلين.