ترتبط الكثير من أمرض الرئة بنوعية المهنة التي يمارسها الفرد ما يفسر تلك الأسئلة التي يطرحها بعض الأطباء حول نوعية المهنة التي يشغلها مريض الرئتين، حيث تبين أن العديد من أمراض الرئة مرتبطة ارتباطا وثيقا بنوعية من الأشغال، حيث تنتشر كثيرا عند عمال المناجم وممارسي مهنة التلحيم لأحد المعادن أو عمال البناء وأحيانا يكفي تواجد مصنع لأحد الصناعات بالقرب من المناطق السكنية حتى يتسبب في مشاكل صحية متفاوتة الخطورة. أعراض صحية متعددة تطرأ على بعض أولئك العمال وتزداد حدتها مع مرور الوقت، وعنها يقول الياس 37 سنة عامل بناء بإحدى الورشات: «كنت سليما ولم أشتك يوما في ضيق في التنفس، ولكنه بدأ يلازمني منذ بداية أعمالي في ورشة بناء لإنجاز ثانوية منذ قرابة ستة أشهر، فلما أعود إلى البيت ينتابني ضيق شديد في التنفس وأشعر بقلبي يدق بسرعة كبيرة لأفاجأ بإصابتي بالتهاب حاد في الرئتين». أما مراد 25 سنة ورغم صغر سنه، إلا أنه أصيب بمرض الربو المهني كونه عامل بناء وبالكاد يتنفس هواء خاليا من الأتربة والغبار ما أدى إلى إصابته بضيق في التنفس والذي تطور مع مرور الوقت إلى ربو حاد نصح خلاله بالمعالجة في مستشفى سرايدي بعنابة، وهذا ما يعتبره أمرا مستحيلا، خاصة وأنه ليس من قاطني الولاية ولا يستطيع التنقل إليها بصورة متكررة. أما ياسين 30 سنة فهو مختص في تلحيم الصفائح الحديدة يقول بالرغم من كونه يستعمل الأدوات الوقائية إلا أن ذلك لا يمنع من استنشاقه لنترات الحديد المتطاير وأكثر شيء يخشاه أن يصاب بمرض الرئتين. وعن كل هذا، يؤكد الدكتور شريف.ب، طبيب عام، إن معظم أن الأشخاص الذين يعملون في مثل هذه المهن يتعرضون إلى أنواع متعددة من المواد الكيميائية التي تكون بشكل غازات أو حبيبات معدنية متناهية تتطاير فتستنشق وتدخل إلى الرئتين عبر الشعب الهوائية لتتموقع داخل الأكياس الهوائية، وهنا يبدأ المشكل الصحي لهؤلاء، حيث تتعرض الرئتين إلى تليف معين وقد يتضاعف الأمر ويصل إلى حد الإصابة بأنواع مختلفة من الربو الحاد، حيث يشتهر ما يعرف بالربو المهني والذي يصيب فئة معينة من الناس بحكم عملهم ويكون نتيجة استنشاق هؤلاء لكميات من غاز الأزوت الذي ينتقل عبر الشعب الهوائية إلى الأكياسو مسببا التهابها وتكون الأعراض الناتجة عموما ضيق في التنفس. ويضيف أن عمال المناجم والتلحيم عادة ما يستنشقون غبارا غير عضوي إضافة إلى أوكسيد الحديد أو أوكسيد السيليكون والذي يتغلغل أكثر في الرئة ما يؤدي إلى مرض «السيديروز» نتيجة تليف الرئة وعادة يقضي الفرد قرابة عشرة أو 15 سنة قبل أن يتعرض للمرض. هل كل الحالات تتطلب التوقف عن العمل؟ وفي إجابته عن السؤال، أشار الدكتور أن الأطباء لا يطلبون من كل الحالات التوقف عن العمل إلا إذا كان يشكل خطرا على صحة العامل، خاصة وأن هذه المهن يمكن أن تكون مصدر الرزق الوحيد، إلا أنهم ينصحون بتدابير وقائية معينة حسب ما أكده الدكتور شريف الذي أشار إلى دور أرباب العمل في مثل هذه الأعمال من ضرورة توفير وسائل الوقاية والحرص على التزام العامل بها من خلال عمليات تحسيسية بمخاطر هذه المهنة على صحة المريض، ويأتي القناع الواقي على رأس هذه الوسائل مع التزام العامل بالفحص الدوري وأحيانا يتطلب الأمر التوقف النهائي عن المهنة أو تغيير المنصب حتى لا يتعرض مباشرة للعوامل المسببة لأمراض الرئة، خاصة وأن منها ما يكون سبب بعض الأورام الخبيثة، خاصة السرطانات داخل القصبات الهوائية إضافة إلى الخطر الذي يمكن أن ينقله هؤلاء العمال إلى بيوتهم في حال دخلوا بملابس العمل، لذا يجب أن يلتزموا بلباس معين يتم نزعه بمجرد إتمام العمل.