في طريقك إلى بلدية بني وارسوس أو برج عريمة، كما يسميها العام والخاص، تجلب انتباهك الحقول الواسعة مترامية الأطراف، مشكّلة لوحة فنية وآية من الإبداع الإلاهي المجسَّد على الأرض، غير أنك تلمس حال وصولك بساطة وتواضعا في وجوه سكانها وقاطنيها، فسنوات الجمر لاتزال آثارها شاهدة على وحشية آلة الإرهاب الممحية، والدالّة على أن ألوية الجماعات المسلحة مرّت من هنا وعاثت فسادا. ولايزال مقرّ حظيرة البلدية يخفي بين جنباته شاحنات محروقة بالكامل، وإلى يومنا هذا لاتزال العديد من القرى مهجورة بشكل كليّ على غرار حمدون ووادي شيحة والزناينة وسوق الأربعاء وأولاد النوالي وأولاد بوشاقور وأولاد بن زدون، والتي هجرها السكان أمام وطأة الخوف وانعدام الأمن مع فجر الألفية الثالثة. .. طرقات مهترئة وغاز غائب وبعد استتباب الأمن والسلم بدأت العودة إلى الديار تراود عددا من العائلات، غير أن تلك العودة بقيت محتشَمة. وحسب محدثينا من السكان فإن أول المشاكل التي يكابدها هؤلاء ببلدية بني وارسوس هو مشكل اهتراء الطرق وغياب التهيئة الحضرية وانعدام أدنى شروط التمدن العمراني. فعلى بعد أقل من 45 كلم شمالي عاصمة الزيانيين تلمسان، تقع بلدية بني وارسوس الريفية المضيافة، في حين لا يفصلها عن مقر دائرة الرمشي أزيد من 18 كلم، عزلة موقعها وطابعها الجغرافي الجبلي جعلا منها منطقة مهمَّشة رغم كونها تتقاسم حدودها الجغرافية مع عدد من البلديات الهامة على غرار الرمشي وهنين وندرومة وعين الكبيرة. رئيس المجلس الشعبي البلدي وفي ردّه على الانشغال، قال بأن من المستحيل الانطلاق في عملية شاملة للتهيئة الحضرية قبل ربط البلدية بالغاز الطبيعي. وفي هذا الصدد أضاف بأن المشروع في قيد الدراسة في الوقت الحالي، وهو الشغل الشاغل للمجلس الحالي، خاصة بعد أن استفادت البلديات المجاورة بفلاوسن وهنين وعين الكبيرة، من هذه المادة الحيوية، لا سيما أن الأنبوب الرئيس لا يبعد عن مقر البلدية بأزيد من 11 كلم. وإلى حين تصبح وعود المير والسلطات الولائية ومديرية المناجم واقعا ملموسا تبقى أزيد من 8 آلاف نسمة تكابد ويلات العزلة وقساوة الطبيعة، خاصة في رحلة الشتاء والصيف للبحث عن قارورات غاز البوتان، التي إن توفرت فإن سعرها لا يقل عن 250 دج، وكثيرا ما تضطر العائلات محدودة الدخل لاستغلال الحطب في عملية التدفئة؛ في محاولة للتقليل من المصاريف. ... مشكل القصدير يلاحق السكان عرف اتساع دائرة البناء الفوضوي عبر أكثر من موقع ببلدية بني وارسوس، منحى تصاعديا خطيرا إلى حد لم يعد فيه بمقدور السلطات المحلية التحكم فيه، فيما تظل مختلف العمليات والبرامج الرامية للقضاء على هذه الظاهرة؛ بتخصيص حصص سكنية معتبَرة موجَّهة لسكان القصدير غير مجدية مقارنة بحجم الاحتياجات وتطلعات السكان، فزائر بلدية بني وارسوس يلاحظ، من الوهلة الأولى، منظر السكنات القصديرية المنتشرة عبر أكثر من موضع، ليبقى بذلك السكن الريفي يحصد حصة الأسد من حيث درجة الإقبال بخلاف السكن التساهمي، الذي يلاقي نفورا؛ نظرا لارتفاع أسعاره. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن أدراج بلدية بني وارسوس تضم أزيد من 1600 طلب على الإعانات الريفية مقابل حصص ضئيلة، فيما يُعد فقط 100 طلب تستوفي شروط الاستفادة؛ على اعتبار الملفات الأخرى تفتقر للسند العقاري، كشهادة الحيازة أو عقد الملكية، هذه الوثيقة التي أصبحت تشكل معاناة حقيقية للمواطن البسيط، خاصة أولئك الذين يمتلكون أراضيَ عن طريق الشهرة.