تحية خالصة أوجهها عبر هذه الخزعبلات والترهات لكل ذي نسب ولكل ذي اسم سمي به في الدنيا وينادى به يوم القيامة، وأربو بنفسي على الإدعاء بأني صاحب قلم أو فكر، أو أني فقيه في كل المجالات أو الميادين فلست ذلك المثقف أو العالم أو المفكر أو الأديب.. فما أنا وأمثالي إلا هياكل عظام مكسوة باللحم تنتظر أن ينهشها الدود يوما ما، والخاصة و ليست العامة من وراء القصد، يعرفوننا ونعرفهم والحرب شعواء عمياء لا تستثني الأخيار ولا المحايدين، فالاعتذار دية الكرام فعذرا لمن يستحق الاعتذار وسحقا لمن قصدتهم وعنيتهم.. وفي ذلك نحن لا نهاب إلا الذي يعلم ما بين حرف الكاف والنون. إن التاريخ يعيد نفسه وقارئ التاريخ لا يمل، لا ييأس، لا يحزن ولا يفرح، ويعلم أنها ما هي إلا أيام يداولها الله بين البشر كما قال ذلك "مصطفى محمود"، فكم من حاكم مر من ألاف السنين عاد بنفس عنجهيته وجبروته في شخص حاكم في العصر الحديث، وهنا لا أقول باستنساخ الأرواح حتى لا أٌطعن في عقيدتي وديني.. وكم من فكر جماعات باد ثم عاد.. وكم من عادات وطقوس رحلت مع رحيل الإنسان القديم نراها تسترجع بريقها وتأنقها.. فالأفكار السيئة والأنماط السلبية يتوارثها البشر فهي تتشابه هنا وهناك وتتشابه بين الأمس واليوم. "التقية" شاعت في عهد الشيعة الأوائل ولازالت، حتى يحموا أنفسهم ويحموا معتقدهم ويحموا نسلهم ويحموا شأفتهم من الاستئصال، فكانوا يعلنون غير ما يضمرون، ويمارسون طقوسهم في الخفاء ويختبئون عن الأنظار ويغيرون من أسمائهم وألقابهم .. كما أن التخفي والتواري والتخبي كانت مذهبا من مذاهب "إخوان الصفا" علماء الدين والفلسفة في القرن الرابع الهجري الذين كانوا يحاولون التوفيق بين الدين والفلسفة عبر أكثر من 50 رسالة حررت أغلبها -بأسماء مستعارة- في ميدان الفلك والفقه والفلسفة والرياضيات... وخوفا من سخط الحاكم وزمرته من المتفيقهين كان عليهم الدخول في حركة سرية وإخفاء أسمائهم وألقابهم، فالذي كان يهمهم هو وصول علمهم وأفكارهم ومبادئهم الفلسفية.. كما أن الزندقة وأئمتها من أعداء الدين ظلوا يتخبون وينخرون جسد الأمة منذ بداية انتشار الإسلام، وجراء قدرتهم الفائقة في التجسس والتخفي وراء أسماء و أصول عربية- رغم أصولهم الأجنبية - بلغو بها حد السيطرة على بلاط الحكم في كثير من المرات، وحين اكتشافهم يكون جزاؤهم القتل والتنكيل وأمثلة ذلك كثيرة في التاريخ الإسلامي.. هذا ما تنتهجه اليوم كذلك الماسونية الشيطانية المتواجدة عبر كل دول العالم بمسميات مختلفة منها فعل الخير، ونوادي عالمية تضم في صفوفها صفوة المجتمع بحجج مساعدة الفقراء في الوقت الذي تنشر فيه الرذيلة والأفكار المسمومة بطرق غير مباشرة، فظاهرها فعل الخير والعمل الإنساني وباطنها تدمير وتفكيك المجتمع.. إن الألقاب ليست سوى وسام للحمقى والرجال العظام ليسوا بحاجة لغير أسمائهم، فالحجاج بن يوسف على الجدل القائم فيه حينما دخل المسجد واضعا العمامة على رأسه ووجهه استنكر ذلك الحاضرون فقال البيت المشهور "أنا ابن جلا وطلاع الثنايا / متى أضع العمامة تعروفني"، فمتى نضع العمامة؟