متى ستنتهي المشاهد المخزية التي تصنعها عمليات توزيع قفة رمضان عندنا؟ في كل رمضان، نسمع ونقرأ عن مهازل هذه "العملية التضامنية" الشعبوية بامتياز من سرقة للمكونات وغش فيها وطوابير مهينة وتدافع للفقراء وغير الفقراء وتراشق بالاتهامات وجر إلى المحاكم لمنتخبين محليين. كيف لحكومتنا أن تتغنى بأرقام قفف رمضان ومطاعم الإفطار وكأنها انجاز تاريخي وتفتخر بتوزيع كذا ألف من قفة وكذا ألف من وجبة ساخنة؟ قفة رمضان ومطاعم الإفطار، المسماة رسميا "العمليات التضامنية"، أصبحت نقمة على المنتخبين المحليين ومسؤولي الهيئات العمومية وفتنة للمواطنين من الفقراء والميسورين والمعوزين وأصحاب المهن الحرة وكل من يطمع في افتكاك "حقه من الدولة" كما أصبحت حجة لتبديد المال العام ومصدرا لاسترزاق الكثير من الطفيليين ومن يجيدون التلاعب بالقانون والكميات وتواريخ صلاحية المواد الضرورية، ومشاهد توزيعها أصبحت أشبه بمشاهد توزيع الخبز على الفقراء خلال فترات المجاعة في الممالك القديمة. على الحكومة أن تبدأ في التفكير بجدية في فعالية هذا الأسلوب في توزيع ريع المحروقات لأنه ببساطة غير مجد وفي أغلب الأحيان لا يصل إلى مستحقيه والمحتاجين إليه سواء في بداية العملية، التي يميزها تحالف الموردين والمنتخبين المحليين على رأس المعوزين، أو نهايتها، التي يميزها وضع المحتاج والمقاول في نفس المقام. على الحكومة أيضا أن تفتح ملف آلاف الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي التي تستهلك ميزانيات دول فقيرة في شكل إعانات رسمية وتهجر الساحة خلال الشهر الكريم ما عدا بعض الاستثناءات التي أسست لمبادرات جديرة بالتشجيع والمرافقة. هذه الجمعيات أضحت تكتفي بالمطالبة هي الأخرى بحصص من قفة رمضان كي توزعها على المعوزين المسجلين على قوائمها في حين أنها مطالبة بأن تكون همزة وصل بين الميسورين وأصحاب الخير، وما أكثرهم، والمحتاجين والمعوزين بعيدا عن أموال الدولة والفتنة التي تسببها. على الحكومة أخيرا أن ترفق قليلا بالمال العام وتكف عن رميه عبر النوافذ عشوائيا دون أن تقلل من مشاهد الفقر والتسول، سيأتي يوم لن نجد فيه حتى ما يكفينا شر الجوع.