لم تردّ الجزائر إلى غاية اليوم على دعوة منظّمة الدول النّاطقة باللّغة الفرنسية الفرنكفونية، المزمعة في مدينة مونترو السويسرية بين 22 و24 الشهر الجاري· وقال برنار فاليرو النّاطق باسم الخارجية الفرنسية أمس: ينبغي التأكّد من هذه المعلومات، في إشارة إلى توجّه جزائري بالمقاطعة· وتنتظر المنظّمة الردّ الجزائري على دعوة الحكومة السويسرية لها بالمشاركة في قمّة مونترو، لكن إشارات عدّة تقول إن الجزائر لم تحسم موقفها بعد لا بالمشاركة ولا بالمقاطعة، وذلك لعدّة أسباب تتعلّق أصلا بعلاقاتها مع فرنسا· وسبق وأن أشرنا إلى أن الجزائر تدرس تخفيض حضورها في منظّمة الفرنكوفونية بسبب تدهوّر العلاقات الجزائرية الفرنسية، والأرجح أن تظهر أولى معالم التخفيض في المواعيد اللاّحقة للمنظّمة· وأوّل موعد هو قمّة مونترو السويسرية وآخر مشاركة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة كانت في كيبيكبكندا لتمثيل الجزائر في القمّة الفرنكوفونية الثانية عشرة، وكان الرئيس حينها قد أعطى الضوء الأخضر لمشاركته شخصيا بعدما شارك سابقا في قمم وقاطع أخرى لظروف كانت دائما علاقات الجزائربفرنسا هي المحدّدة لها، إلاّ أن المستجدّات تشير إلى تخفيض تمثيل إلاّ بتسوية للخلافات· وظلّت الجزائر تشارك في المنظّمة كعضو مراقب منذ قمّة لبنان سنة 2002، ورفضت في السابق الانضمام إليها لأسباب تعزى إلى ما أسمته أوساط رسمية في السابق تدخّلا مستمرّا لفرنسا في شؤونها الداخلية· وينظر إلى الجزائر في منظّمة الفرنكوفونية على أنها ضيف فوق العادة بعدما كان الرئيس بوتفليقة كسر الحاجز في قمّة بيروت· وتأتي مشاركة الرئيس بوتفليقة آخر مرّة، بدعوة من كندا ومن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رئيس الاتحاد الأوروبي وقتها، وهو كان يرغب في إقناع الرئيس بوتفليقة بملف العضوية الكاملة، حيث تعلّلت الجزائر في وقت سابق بخلافات مع باريس حول الاعتراف بالجرائم والاعتذار عن الفترة الاستعمارية لقاء التفكير في الانضمام، وهي اليوم تصرّ عليه أكثر من وقت سابق· وينظر إلى علاقة الجزائر بمنظّمة الفرنكوفونية على أنها امتداد طبيعي لنوع العلاقات بين رئيسي الدولتين، الجزائروفرنسا، لكن ما يجري بين البلدين يسير نوع جفاء أكثر، وبدا واضحا أن الحكومة تعطي الأولوية في علاقات الجزائر باتجاه المعسكرات الغربية لواشنطن، وكان ذلك واضحا عبر عشرات الزّيارات لمسؤولين أمريكيين للجزائر على مدار الأشهر الفارطة مقابل زيارة هامّة لوزير الخارجية مراد مدلسي للعاصمة الأمريكية قبل أسابيع· كلّ هذا في وقت لم تسجّل فيه أيّ زيارة في الاتجاهين لمسؤولين جزائريين أو فرنسيين، عدا زيارة سابقة لأمين عام الإليزيه كلود غيان· وقد استدعت وزارة الخارجية الجزائرية قبل أيّام، السفير الفرنسي في الجزائر كزافيه دريانكور لإبلاغه بعدم تفهّم السلطات الجزائرية لقرار العدالة الفرنسية رفض انتفاء وجه الدّعوى في حقّ الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني، وكان ذلك ثاني استدعاء للسفير الفرنسي لتبليغه احتجاجا جزائريا· وقبل أسابيع أبلغ رفض إجراءات التفتيش الخاصّة ضد الجزائريين في مطارات فرنسا، حيث رأت الجزائر أن قضية الدبلوماسي الجزائري الذي أوقفته السلطات الأمنية الفرنسية بمرسيليا في أوت 2008 بتهمة الضلوع في اغتيال المعارض الجزائري علي مسيلي، مناضل جبهة القوى الاشتراكية، سنة 1987 بفرنسا غير بريئة