أعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو، أن وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير أبلغ وزير الخارجية مراد مدلسي رغبته القيام بزيارة »سياسية« للجزائر خلال الأسابيع المقبلة، وذلك خلال محادثات على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، اكتفى فيها مدلسي بالتطرق إلى ملف الوضع في الساحل. لم تتسرب تفاصيل كثيرة عن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية مراد مدلسي بنظيره الفرنسي بيرنار كوشنير أول أمس على هامش دورة الجمعية العام للأمم المتحدة بنيويورك، غير تلك التي أعلنها الناطق باسم الكيدورسي، حيث كشف في تصريح مقتضب أن كوشنير أعرب عن رغبته في القيام بزيارة سياسية للجزائر خلال الأسابيع المقبلة، وقال فاليرو «إن المباحثات تناولت الوضع في الساحل وضرورة تعزيز التعاون الإقليمي«، وهو الملف الوحيد الذي يكون ممثل الدبلوماسية الجزائرية قد تطرق إليه مع نظيره الفرنسي غير المرغوب فيه بالجزائر منذ تطاوله على جيل الثورة، في ظل التوتر الذي ما زال يخيم على العلاقات بين البلدين. وتعد هذه المرة الأولى التي يطلب فيها كوشنير رسميا زيارة الجزائر منذ التصريحات المثيرة التي أطلقها مطلع السنة الجارة، واستفز فيها من جديد الجزائر، حينما تمنى أن يغادر جيل الثورة الحكم، وتجرأ في تصريحات أخرى عن إبداء عدم اكتراثه كثيرا لاقتراح قانون تقدم به أزيد من 100 برلماني جزائري، لتجريم الاستعمار ومحاكمة رموزه بتهمة الإبادة الجماعية والتعذيب المنظم، وقال حينها أن النظام السياسي الجزائري يضع في يد الحكومة وحدها القدرة على تمرير القانون وأن البرلمان عديم التأثير. ويعكس تصريح الناطق باسم الكيدورسي، أن مدلسي تجاهل مطلب كوشنير ولم يعقب عليه بالقبول أو الرفض، في وقت سعى فيه وزير الخارجية الفرنسي، لاستغلال بوادر الانفراج التي بدأت تلوح في أفق العلاقات الجزائرية- الفرنسية، لمحاولة التأثير على الحكومة الجزائرية من أجل مراجعة تحفظاتها عن استقباله بالجزائر منذ شهر فيفر الفارط. وتشهد العلاقات بين الجزائر وباريس إشارات إيجابية عدة تناقلها الطرفان على خلفية الزيارات رفيعة المستوى التي قادت العديد من المسؤولين الفرنسيين إلى الجزائر، حيث استقبل الوزير الأول أحمد أويحيى مطلع الأسبوع الجاري، آن ماري إدراك كاتبة الدولة الفرنسية المكلّفة التجارة الخارجية، وهي أول مسؤول فرنسي رفيع يحل بالجزائر منذ شهور، وجاءت زيارتها قبل أسابيع من زيارة مقررة لرئيس الوزراء السابق جان بيار رافاران بصفته مبعوثاً خاصاً للرئيس ساركوزي. ويأتي إعراب كوشنير عن رغبته في زيارة الجزائر بعد أيام قليلة فقط من تعيين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، رئيس الوزراء السابق جان بيار رافاران بصفتها مبعوثاً خاصاً له، مكلفاً بملف التعاون مع الجزائر، لما يحظى به رافاران من قبول واحترام في الجزائر، وهو منصب لم يكن موجودا من قبل، في خطوة تعكس مدى استياء الجزائر من كوشنير وتصريحاته الاستفزازية وصعوبة التأثير في موقفها الرافض لاستقباله، ما يؤكد أن فرنسا قد أصغت بذلك إلى تحفظات جزائرية عن استقبال وزير الخارجية.