بقلم: خالد بن إبراهيم اشقبقب إن مآثر الميزابيين وأياديهم البيضاء قد غمرت الجزائر كلها فما من حاضرة أو دشرة أو نجع إلا وفيه ميزابي أصيل قد خدم وطنه ونشر فكره الأصيل وخيره الفضيل... فقد تركوا في كل مدينة: مسجدا أو مصلى. مدرسة أو كتابا أو ناديا كشفيا بئرا أو عين ماء وصدقات جارية كثيرة ... لا زال الكبراء والحكماء يشهدون بها ويعددون أفضالها... هذه العبقرية في الحياة مؤصلة ومستمدة من مذهب سني وهو أول المذاهب الإسلامية ظهورا وأقربها إلى معين النبوة الخالص رحما وأكثرها تسامحا وفضلا ... إنه المذهب الإباضي السمح الذي تمسك به الميزابيون جيلا عن جيل.... الميزابيون من قديم يخفون صدقاتهم ... يسترون معروفهم... لا يعلنون عن أي خير فعلوه ولو كان مقاومة للعدو الغاشم أو إخفاء لمؤونة وعتاد حربي أو حتى إصابات بالغة في معارك شتى ...هكذا هم لا يتفاخرون بمعروف فعلوه ولا بإنجاز حققوه ولا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى دوما يحتسبون أجرهم عند ربهم ولا يسألون الأجر والثواب إلا منه سبحانه وتعالى أقر وأعترف أننا نحن أجيال اليوم قد تأذينا كثيرا من سياسة الإخفاء التي كانت ولا زالت منهج حياة الآباء ... فبعض من غيرنا خانوا وكانوا حركى وعملاء ثم وجدناهم في الصفوف الأولى تعلق لهم السلطة نياشين الجهاد والإباء وتكرمهم وتعدد مناقبهم السمحاء وهم الوضعاء الدهماء بل وتجاسر بعض أولئك النكرات على تخوين بعض من شيوخنا وكرمائنا ومن طار الذكر بكفاحهم فوق السماء ...!! لم ولن ولا يكون منا نحن معشر الميزابيين الخؤون أو العميل أو الجاسوس أو الحركي أو الانتهازي أو الطامع أو المتآمر أو الحاقد على وطنه وأهل جلدته مثلما كان حال بعض المهاجمين للمزابيين في هذا الزمان ... فهمت الآن حقا وصدقا معنى كلام المعلقين الرياضيين في كرة القدم عندما يصيحون: ... أحسن طريقة للدفاع هي الهجوم ... وهي ردة فعل نفسية صحيحة منطلقها الشعور بالدونية ...فعلا بعض الرعاع ممن لا ضمير ولا خلاق لهم يحاولون من حين لآخر إصابة الأمة الميزابية في مقتلها وذلك عندما يهاجمون وجهاءها وكبراءها ويتهمونهم بالعمالة للأجنبي ...!!؟؟ -ما كنا لنخون الوطن ومنا شاعر الثورة الجزائرية الكبرى والمغرب العربي الكبير وصاحب الإلياذة العظمى: مفدي زكرياء -ما كنا لنخون ومنا العالم الفذ والمجاهد الفرد والشاعر المفوه والأديب المصقع والشيخ الإمام والصحفي اللامع صاحب ثماني جرائد دكت حصون فرنسا وفضحت ألاعيب المستدمر وأنارت الرأي العام داخل الوطن وخارجه القدوة: إبراهيم أبو اليقظان -ما كنا لنخون ومنا العلامة المصلح والإمام الفقيه والسياسي الداهية والقائد الملهم ومفسر القرآن المجدد وعضو جمعية العلماء المسلمين الأول ومانع فصل صحراء الجزائر عن شمالها شيخ الصحراء شيخ المالكية والإباضية على السواء الكبير كبر الأوراس والعظيم عظمة جرجرة والشاسع العلم شساعة البيداء: العالم الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض -ما كنا لنخون ومنا في كل شبر من أرض الجزائر الطاهرة ومن العهود الأولى للتاريخ شهداء وعظماء فاسألوا التاريخ عنا ... اسألوا القرون الأولى .. اسألوا عهد الإمامة الرستمية ... اسألوا عمارتنا لميزاب... اسألوا مقاومة أجدادنا لهجمات الإسبان ....اسألوا ملحمة قلعة بوليلة في الجزائر العاصمة زمن الأتراك ... اسألوا كل الثورات التي انفجرت في وجه العدو الفرنسي منذ عام 1830 إلى فجر الاستقلال عام 1962 ...بل اسألوا أيضا عن ضحايانا ومشايخنا الذين قضوا في سنوات الجمر (العشرية السوداء) ...مجاهدون بمئات الآلاف وشهداء سقطوا في ساحات الشرف بالآلاف لذلك صرنا اليوم في أعينكم أقلية ... ذاك لأن أرحام أمهاتنا تدفع وأرض أمنا الجزائر في جميع أزماتها تأخذنا شهداء وتبلع، يا من تناصبون بني ميزاب العداء ... يا من تهاجمون أهل تغردايت الشرفاء كل هؤلاء الذين ذكرت وغيرهم لنا ... فمن لكم ؟؟؟... ألكم حقا تاريخا يضاهي تاريخنا ؟؟؟... ألكم حقا نظراء لجميع من ذكرت من هؤلاء الكبراء ؟؟؟.... إذا كان الجواب نعم - ولا أظن الحق كذلك - فأنعم وأكرم ولكن افهموا شيئا واحدا: نحن والله لا نهاجم ولا نقتل ولا نخون ولا نتهم أحدا فبادلونا بأخلاق كريمة مثل هذه ينتهي إشكالنا وتنطفي فتنتنا فمن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد. آه يا آبائي كم جنيتم علينا بعدم تهافتكم على مصالح وزارة المجاهدين كما فعل بعض مجاهدي تغردايت أياما قليلة قبل إعلان الاستقلال - ... ماضركم لو جمعتم بين الدنيا والآخرة بين مكاسب المجاهدين وأجر الله تعالى ... أما كانت استمارات وزارة المجاهدين ستمتلئ كلها بالمجاهدين الحقيقيين ؟؟ ...وكنتم ستجنبون أبناءكم سماع قدح وتخوين الرعاع لكم ؟؟.... على كل أجر الآخرة خير وأبقى والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، بالمناسبة أدعوا كل مزابي حر أصيل وفي كل مدن الجزائر إلى جمع ما أمكنه من الوثائق والشهادات التي تبرز وتدلل على مشاركة آبائنا في مختلف ثورات الجزائر وتكوين لجان عمل من خريجي جامعاتنا لتصفيفها وترتيبها وتوثيقها وإخراجها في كتيبات - على الأقل - مهما كان حجمها وذلك باستخدام الوسائط الإعلامية الحديثة ... إن هذا العمل سيثري مكتبتنا الوطنية وسيساهم في كتابة تاريخ الثورة الجزائرية.. فلا تكتموا شهاداتكم إني لكم ناصح أمين.. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل..