بعد أن كانت الحلويات التقليدية المحضة تتربع على عرش الأعراس الجزائرية تلاشت شيئا فشيئا وعوضتها الحلويات الشرقية وكذا الأنواع الجديدة الأخرى ما تسبب في غيابها سنة بعد أخرى ولازالت بعض العائلات تتمسك بها وتجعلها الحاضرة الأولى في أعراسها ولم تستطع الاستغناء عنها كونها تجسد عمق الأصالة الجزائرية التي كانت تتميز بها العائلات منذ أمد بعيد. إلا أن عائلات فضلت استبدالها بأنواع أخرى شرقية وحتى غربية ولم يترك ولا مجالا واحدا لظهور تلك الأنواع التقليدية، التي مهما بلغت الأنواع الأخرى من مستويات لا تقارن بها سواء من حيث النكهة أو من حيث الشكل ورائحة ماء الزهر الزكية المنطلقة منها على غرار البقلاوة ومقروط اللوز والمحنشة والقريوش، والمقروط المعسل... والقائمة طويلة لا يسعنا المجال لذكرها كلية كون أن أنامل جداتنا من السلف الصالح تفننت وأبدعت في العديد من الأنواع التي توارثناها جيلا بعد جيل، وزخر بها المطبخ الجزائري منذ أمد بعيد سواء من حيث الأكلات أو الحلويات التقليدية المخصصة للأعراس وحتى للأيام العادية. إلا أنه اليوم أبت بعض العائلات إلا العزوف عن بعض أنواع الحلويات التراثية واستبدالها بأخرى لا تضاهيها من حيث النكهة والشكل، بل حتى مدارس التكوين كان لها القسط الوافر في إبعاد البعض عن تعلم تلك الأنواع بعد تبيين تخصصها في التكوين في الحلويات الشرقية والغربية، ولا نجدها تذكر الحلويات الجزائرية التقليدية المحضة الأولى بتعليمها للأجيال المتعاقبة للحفاظ عليها من الزوال والاندثار وطغيان تلك الأنواع المشرقية والغربية على حسابها. ذلك ما لاحظه الجميع بعد اعتماد الكثيرين على الأنواع الجديدة ونسيان الأنواع التقليدية، بل ولهثهم وراءها على الرغم من تنميقها وألوانها واللذين يجعلانها مليئة بالمكونات الكيميائية المضرة بالصحة. تقول السيدة خديجة أنها لا تتجاوب مع تلك الأنواع الجديدة المبتدعة، وتفضل الأنواع القديمة إلا أن بناتها يملن إلى الأنواع الجديدةالمشرقية، وهم في نزاع دائما حول الكيفيات المحضرة في الأعياد وكذا الولائم كونهن ينبهرن بالألوان القاتمة والأشكال الغريبة لتلك الحلويات في حين هي تفضل الأنواع القديمة العادية كمقروط اللوز والبقلاوة والتشاراك بنوعيه، وهي ترى أن ليس هناك ما هو أحلى من تلك الأنواع سواء من حيث النكهة أو الشكل. إلا أننا نسجل غياب تلك الأنواع عن الأعراس الجزائرية وتلاشيها شيئا فشيئا، بعد أن غزت الحلويات الأخرى العلب بحيث يقابلك ألوانها وشكلها الغريب الذي أخذ عدة أنواع وأحجام، وصارت الحلويات محل مقارنة وتباهي بين العائلات، وتذاع شهرة العائلة التي اختارت أنواعا جديدة يجهلها الحضور وينبهرون لها، في حين نجد عائلات أخرى لازالت تحافظ على الأصالة ولا يهمها التجديد المؤثر في كل ما هو تراثي، لذلك نجدها تلتزم بالأنواع الجزائرية سواء في الأعياد أو في حفلات الزفاف بالنظر إلى نكهتها وشكلها الجيدين قياسا على المثل الشعبي القائل "الجديد حبو والقديم لا تفرط فيه".