تتميز كل مرحلة من مراحل حياة الإنسان الطفولة والمراهقة، والشباب والكهولة .. ببعض المشاق والصعوبات ولكن مرحلة الشباب تتميز عن بقية المراحل العمرية الأخرى، فالكثير من الشباب يفضلون أن تكون لهم قدراتهم الخاصة بهم والبعض الآخر يفضل أن يتدخل الوالدان، شريك الحياة باختصار هو الحياة والآخرة، فمعه تمضي باقي أوقات عمرك، بحلوها ومرها، واستمرار علاقتكما مرتبط بحسن اختيار الشريك، فمتى يعطي الجزائري الحق لأهله للتدخل في اختياره؟ و متى يقول لهم هنا ينتهي دوركم؟ حسيبة موزاوي مخطىء من يظن أن اختيار شريك الحياة في المجتمع الجزائري سهل، فلا يمكن أن يختار الأولياء الزوج والزوجة إلا حسب معايير العرف والتقاليد والنسب طبعا، بالإضافة إلى المعيار المسيطر على مجتمعنا اليوم وهو معيار (المال)، إلا أن عددا من الشباب اليوم لا يبالون بهاته المعايير ويصرون على أن المعيار الوحيد هو (الحب) أو معرفة الشريك بنفسه، وهذا ما يؤدي في أغلب الأحيان إلى صراع، وهو ليس صراع بين الوالدين والأبناء بقدر ما هو صراع بين جيلين مختلفين، ولهذا ارتأت (أخبار اليوم)، التجول في أوساط الجزائريين محاولة بذلك معرفة رأي الجزائريين في الموضوع. بين اختيار الأبناء واقتناع الأولياء البداية كانت مع الأخ خالد طالب جامعي حيث قال (من غير الممكن أن يختار الأب أو الأم لابنه أو ابنته شريكة العمر الذي سوف يرتبط بها طوال العمر، والسبب أن الكثير من الشباب والشابات يختارون لأنفسهم شريك العمر وبالنسبة لي أفضل أن أختار الفتاة التي تناسبني ولكن بشرط أن يقتنع والداي باختياري.. الأهم أني أحدد من هي الفتاة التي أريد الزواج بها وأعتقد أن الشاب عندما يختار لنفسه يكون أفضل. أما عبد المجيد يقول غالباً ما يختار الأهل للأبناء وذلك بحكم العادات والتقاليد عند بعض الأسر، حيث لايمكن أن يكون للشاب رأي في اختيار شريكة حياته، وأن معارضته لأبويه عند اختيارهم له الفتاة يكون عصياناً وتمرداً ولا يوافقانه الرأي، فيلجأ الشاب للانصياع لأمر أبويه وذلك لأنهما سيتكفلان بتكاليف العرس وليس هو، والسبب أيضاً عندما يكون الشاب عاجزاً عن دفع تكاليف الزواج فيسير حسب مايريد أهله. أيضاً الجهل وعدم تفهم بعض الآباء بأن القضية ليست زواجاً فحسب ولكنه حياة وتفاهم وانسجام بين الزوجين وأنه إذا حدث عدم رغبة أحد الزوجين واقتناعه بالطرف الآخر فإن الزواج سيكون لامحالة مهدداً بمخاطر عدة. أما الأهل والآباء الذين يتيحون لأولادهم فرصة اختيار شريكة حياتهم فإن الزواج يكون أكثر استقراراً لأنه قائم على رغبة الطرفين (الشاب والفتاة)، وبالنسبة لي _ يضيف محدثنا -أفضل هذا الأخير كوني شاباً متعلماً وأستطيع تحديد مايضرني وينفعني من الزواج. الوعي والتفاهم... شروط ضرورية ومن ذوي الشأن والاختصاص في علم الاجتماع التقينا السيدة فاسي أخصائية في علم النفس الاجتماعي، حيث أكدت بالقول: (بالنسبة لاختيار شريك العمر سواءً من قبل الشاب أم الشابة أم من قبل الوالدين الأفضل من وجهة نظري الشخصية أن يتم الاختيار من قبل الطرفين (الشابين) مع استحسان استشارة الأبوين في القضايا الغامضة أو السلبية التي تتعلق بالمعني (الشاب أو الشابة) فهذا أفضل الحلول، حيث يجنب العروسين معاً أو أحدهما الوقوع في أخطاء يمكن أن تكون موجودة فعلاً، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فهذا يرضي جميع الأطراف. أما عن إجبار بعض أولياء الأمور أولادهم بالزواج من الأقارب فمن البديهي أن هناك تأثيراً في علاقة القرابة، أي نوع من أنواع القرابة على علاقات الخطوبة والزواج سلباً وإيجابا (على الشابين) لتضيف المتحدثة أن هناك تناقضات في العلاقات الاجتماعية وأهم هذه التناقضات نجد صعوبة الاختلاط الحقيقي النقي وضعف الصراحة لدى جميع الأطراف، فيفترض أن يكون الشاب أو الشابة صريحاً مع والديه للاستفادة منهم قبل الوقوع في الأخطاء ودور الإمكانيات المادية (السكن، المال ....الخ) بالإضافة إلى دور الوعي في العلاقات، وأخيرا دور مدى تطور العلاقات الاجتماعية في المجتمع (التفاعل الاجتماعي في المجتمع). الإسلام يشترط تراضي الطرفين خلال اتصالنا بأحد أئمة مساجد الجزائر العاصمة، صرح لنا قائلا (لا يجوز تزويج البنت إلا بموافقتها إذ لها الحرية المطلقة في اختيار شريك حياتها، وإلا بطل عقد الزواج الذي من ضمن شروطه الأساسية رضا الطرفين أي الزوجة والزوج، فإن اختل الشرط الأساسي بطل عقد الزواج، مذكرا بحكاية المرأة التي شكت للنبي أباها الذي أراد أن يزوجها بفلان لا ترغبه فغضب النبي وخطب ناصحا بإعطاء المرأة الحرية في اختيار زوجها في حدود الشرع والدين، وأضاف ذات المتحدث أنه (جاء جابر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه خطب فقال النبي (هل نظرت إليها) قال (لا، فقال انظر لها فلعل يُؤدم بينكما أي لعل تدوم المودة بينكما)، فالأصل أن يحرص الأولياء على عدم إكراه البنت أو الابن على الزواج بمن لا يرغبونه لأن هذا مخالف لشريعتنا الإسلامية، والأولياء هم من سيجنون نتائج الزواج المبني على عدم القبول والذي غالبا ما يؤدي إلى الطلاق أو الخيانة). قد ينظر لها البعض مشكلة والبعض الآخر يراها طبيعية كون المجتمع يمارس تقاليد وعادات لايمكن أن يتخلى عنها مهما كان الأمر ولكنها ليست بعيدة المنال خاصة إذا توافرت لهذا المجتمع وسائل التوعية الصحيحة ليتخلى عن بعض عاداته السيئة. ومن وجهة نظري أرى أن اختيار شريك الحياة يكون حسب اقتناع كل شاب ولكن يجب أن يكون هناك نوع من التواصل والإشراك في كل الأمور السلبية والإيجابية مع الوالدين، كما يجب على الوالدين الاقتراب أكثر من أبنائهم ومحاولة سرد بعض التفاصيل التي مروا بها في حياتهم، أيضا على وسائل الإعلام والخطباء ضرورة توعية الشباب بكل ما هو سلبي وإيجابي في كل الموضوعات التي تخصهم في حياتهم. لتبقى مسألة اختيار شريك إشكالية تتأرجح بين شروط الموروث الجامدة نوعا ما وبين معطيات الواقع التي تفرض أنماطا تكسر هذا الموروث لمصلحة إنجاح الشراكة بين الطرفين، وتبقى ذهنية المجتمع المحافظ هي المعيار الأساسي الذي يتم الاستناد إليه في حالات الزواج وإن كانت هذه الذهنية في تراجع مستمر لا في حالة ثبات.