باتت ليبيا على شفير الانهيار، حيث تنحدر الأوضاع الأمنية والسياسية من سيّئ إلى أسوأ، مع استقالة الحكومة المؤقّتة بعد فشلها في كبح أعمال العنف والفوضى وتزايد سطوة المليشيات المسلّحة على جلّ المنشآت القاعدية في طرابلس وبنغازي، ما يجعل البلد يسير داخل حقل ألغام قابل للانفجار في أيّ لحظة. ليبيا على صفيح ساخن، تكاد تصل حرارته إلى كلّ من يتابع الحدث الليبي الغارق بالفوضى والفلتان الأمني، والضارب بكلّ مقوّمات بقايا الحياة، ولعلّ معضلة جمع السلاح هي إحدى أكبر المعضلات التي تواجه أيّ حكومة في ليبيا حاليا لأنه من الواضح أن السلاح بأيدي الثوّار هو ضمان لحصولهم على ما يطالبون به، وهو ما يعني ببساطة أن هناك قوتين تديران البلاد: الحكومة والثوّار، ولابد أن يكون هناك توافق بين القوتين للوصول إلى أيّ قرارات أمنية أو سياسية مهمّة. فشل رغم المحاولات الدؤوبة لإنهاء المرحلة الانتقالية وإقرار دستور دائم للبلاد وبناء مؤسسات الدولة، إلاّ أن تلك المحاولات ما زال مصيرها الفشل في ظلّ الصراع المحتدم بين الفرقاء السياسيين والاقتتال الدائم بين المليشيات المسلّحة وضعف أجهزة ومؤسسات الدولة وضعف سيطرتها على الأوضاع المتدهورة. بسقوط حكم الرئيس السابق معمر القذافي أو حكم الفوضى انتقلت الحالة السياسية لليبيا إلى فوضى الحكم بسبب فشل الليبيين في إقامة نظام سياسي بديل للنّظام السابق، فأصبحت ليبيا تعيش فوضى الحكم بعد أن كانت تعيش حكم الفوضى، والمطلوب أن تتخلّص ليبيا من الفوضى السائدة في ربوعها بعد أن تخلّصت من الاستبداد وتعيد بناء مؤسسات الحكم الديمقراطي المستقرّ وفق عقيدة الشعب الليبي. فقدان الشرعية الواضح أن نتائج انتخابات مجلس النواب التي أعلنت أخيرا في ليبيا وأظهرت تقدّم التيّار المدني قد أفقدت الجماعات الإسلامية المتطرّفة، والتي كانت بمثابة دولة داخل الدولة عقلها، وأظهرت للعالم حقيقة أنهم فاقدون للشرعية ومرفوضون شعبيا، بل إن موعد محاسبتهم قادم لا محالة، لذلك لم يجدوا أمامهم من وسيلة سوى إشعال ليبيا مجدّدا لتحقيق هدف التدخّل الأجنبي الذي يسمح لهم بالتخفّي عن الأنظار. الدعوات الصادرة من قِبل الإدارة الأمريكية، وكذلك المشاورات الدولية الجارية للتدخّل العسكري، سواء تحت حجّة إجلاء رعاياها أو تحت لافتة وقف عنف النّظام لا تهدف في حقيقة الأمر إلاّ إلى إعادة رسم الخريطة السياسية لليبيا بما يضمن الحفاظ على مصالح الغرب في تدفّق النفط والغاز، لهذا فقد حان الوقت لإحباط هذه المخطط بأجندة وطنية ليبية فقط تخدم مصالح الشعب الليبي وتؤسس لمستقبل ديمقراطي أفضل. من يتدخّل فى الشأن الليبى حاليا سيندم في المستقبل قال محمد فايز جبريل، سفير ليبيا في مصر، إن (الإرهاب يعصف بالمنطقة، وإن ليبيا تحوّلت إلى ملاذ لعصابات الجريمة المنظّمة)، وقال إن من يتدخّل في الشأن الليبي حاليا سيندم في المستقبل، (الوطنية الليبية لا تقبل المساس بها، ومن يتدخّل في شأننا اليوم سيندم في المستقبل)، في إشارة إلى تصريحات رجب طيّب أردوغان بخصوص البرلمان الليبي، والذي وصفه بالفاقد للشرعية. وأشار جبريل إلى أن (الاقتتال في ليبيا الآن أمر مؤسف يدفع ثمنه المواطن الليبي)، مؤكّدا أن القذافي كان يُكدّس الأسلحة من أجل فكرة (جيش إفريقيا)، لافتا إلى أن رحيل القذافي كان المرحلة الأسهل، والأزمة أن المجتمع الليبي لم يمارس السياسة منذ 40 عاما. ومؤخّرا عرفت الأوضاع الميدانية في ليبيا تطوّرات كبيرة، حيث تدور اشتباكات عنيفة في بنغازي بين الجيش الوطني الليبي بزعامة اللواء خليفة حفتر وجماعة أنصار الشريعة، بينما قالت منظّمات حقوقية إن الآلاف فرّوا من العاصمة طرابلس بسبب القتال هناك. وتشهد ليبيا أعمال عنف فئوية مع اندلاع قتال بين الجماعات المسلّحة التي ساعدت في إسقاط معمر القذافي في 2011 في صراع للهيمنة على الحياة السياسية وموارد النفط الضخمة في البلاد. 10 آلاف مهاجر غير شرعي دخلوا إلى ليبيا خلال شهر أكّد محمد الفضيل، رئيس مركز الإيواء والترحيل بمدينة الكفرة جنوب شرق ليبيا، أمس الأحد 31 أوت أن حولي 10 آلاف مهاجر غير شرعي دخلوا إلى ليبيا خلال هذا الشهر من الجنسيات الإرتيرية والإثيوبية والصومالية ينوون الذهاب إلى أوروبا عبر البحر، مستغلّين ضعف الدولة في حماية حدودها وشواطئها ومستغلين الصراعات الداخلية. وناشد الفضيل جميع مؤسسات المجتمع المدني والمسؤولين الوقوف ضد ظاهرة تهريب البشر من انتشار الأمراض المعدية أبرزها (إيبولا)، مشيرا إلى أن ليبيا مهدّدة بانتشار هذه الآفة الخطيرة مع تواصل تدفّق أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين. وتعاني ليبيا من عدّة مشاكل عبر الحدود، حيث يتّخذها مهاجرون أفارقة غير شرعيين سبيلا للعبور إلى أوروبا، خاصةّ إيطاليا، هربا من الفقر وطمعا في البحث عن حياة أفضل. هذا، وحذّرت منظّمة الهجرة العالمية من إمكانية سعي أعداد متزايدة من المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا إلى مغادرة هذا البلد عن طريق البحر المتوسّط، مشيرة إلى الصعوبات التي تواجهها مراكز الاحتجاز في ليبيا التي تستقبل حيث يوجد ما بين أربعة آلاف إلى ستّة آلاف شخص. وأكّدت المنظّمة أن تلك المراكز (تعاني من نقص غاز الطهي والمياه والغذاء، حيث أرغم بعضها على إخلاء سبيل المهاجرين لعدم قدرتها على إطعامهم