حذّر مختصّون من الأثار الوخيمة لفوى الفتاوى على المجتمع الجزائري، مشيرين إلى الفتن الناتجة عن هذه الفوضى وداعين إلى اقتصار إصدارها على المؤهّلين لذلك، وهو ما ينسجم مع طرح وزارة الشؤون الدينية التي تعد بهيئة متخصّصة في الإفتاء والردّ على الانشغالات الفقهية للجزائريين قريبا. أكّد المشاركون في الملتقى الوطني التاسع لسيدي عبد الجبّار التجاني الذي احتضنته يوم الخميس الزاوية التجانية بعين ماضي بالأغواط ضرورة اقتصار الفتوى الدينية على المؤهلين المشهود لهم من العلماء والراسخين في العلم.وأبرز الدكتور طاهري بلخير من جامعة وهران في مداخلة تحمل عنوان (فوضى الفتاوى وأثرها على المجتمع) أهمّية مكافحة الفتاوى الغريبة انطلاقا من نبذ الفتاوى المؤدّية إلى الفتنة داخل المجتمع الواحد وضرورة التزام المفتي بكتاب اللّه وسُنّة الرسول الأعظم (صلّى اللّه عليه وسلّم). ومن جهته، ذكر الأستاذ شباب معمر من جامعة تلمسان أن السلف الصالح كانوا ينكرون وبشدّة من يقتحمون ميدان الفتوى دون تأهيل كاف لها ويعتبرون ذلك (منكرا عظيما)، وهو مؤشّر واضح -كما أضاف- على أهمّية الفتوى في ديننا الحنيف. وتواصلت فعاليات هذا الملتقى بإلقاء عدّة مداخلات، من بينها (الفتوى الشرعية بين التأثير والتأثر وأهمية المرجعية في رفع الخلاف) و(الفتوى الشرعية -توثيقها في صحّة المرجعية-) و(خطر الفتوى الإلكترونية على الأخلاق الإسلامية في مواجهة العولمة). ودعا المشاركون في ختام هذه الجلسة الروحانية الدينية إلى ضرورة محاربة ما أسموه (بالأمِّيّة الدينية) من خلال تفقيه عامّة المسلمين بالحد الأدنى من الفقه الشرعي الواجب ودفع العلماء على القيام بواجبهم في التحذير من خطورة الفتاوى (الشاذّة) وتقديم العلماء المأذون لهم في الإفتاء عبر المواقع ووسائل الإعلام. للإشارة، فإن هذا الملتقى الذي احتضنه مسجد (سيدي عبد الجبار التجاني) الواقع قبالة مقرّ الخلافة العامّة للزاوية التجانية بعين ماضي قد تواصلت أشغاله على مدار يومين. وقد خصّص اليوم الأول منه لتلاوة كتاب اللّه العظيم كاملا، فيما خصّص اليوم الثاني من الأشغال لتقديم المحاضرات بمشاركة أساتذة ومريدي الطريقة من مختلف ولايات الوطن. للإشارة، يبدو أن قضية مفتي الجمهورية تشكل انشغالا كبيرا لوزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى الذي أكّد مؤخّرا أن مسالة مفتى الجمهورية (لا تزال قائمة، وأنها تصبّ في نفس المقترح الداعي إلى إنشاء أكاديمية للإفتاء)، وتؤشّر تأكيدات الوزير في هذا الشأن إلى أن أكاديمية الإفتاء بات أمرا قريب التجسيد. وقال السيّد محمد عيسى إن مسألة الإفتاء (لا ينبغي حصرها ولا تخص شخصية مستقلة بذاتها تفتي وتلزم الجزائريين برأيها)، مشيرا إلى أن هناك (تعديلات) سيتمّ تقديمها إلى رئاسة الجمهورية حول هذا المقترح من أجل إنشاء (أكاديمية أومجمع يضم ممثلين عن المجالس العلمية الولائية، على أن تتوسّع العضوية في هذا المجمع إلى خبراء ومختصّين في عدّة مجالات، على غرار علم الفلك للفصل في مسألة الأهلة والمواقيت الشرعية إلى جانب مختصّين في المجال الطبي وتخصّصات أخرى مثل علم النفس وعلم الإجتماع). ويتولّى المجمع -حسب الوزير- (تداول ودراسة هذه المواضيع للخروج برأي موحّد حول المسائل محلّ المناقشة، بينما يكلّف رئيس المجمع أو ما مفتي الجمهورية بالتصريح بهذا الرأي الموحّد). وأشار السيّد محمد عيسى إلى أن تحديد تسمية من يصرح بهذا الرأي الموحد يعود إلى رئاسة الجمهورية التي ستوجّه لها هذه التعديلات الخاصّة بمقترح مفتي الجمهورية.