شوهت المنظر العام للشوارع والطرقات تتزايد أخطار الأسلاك الكهربائية الموجودة بين الأحياء السكنية في العديد من المناطق بالجزائر العاصمة، وذلك لقربها من مساكن المواطنين وتعرضها للعبث من الأطفال، حيث ذهب ضحيتها العديد من المواطنين، إضافة لتعرضها للانفجار وتسببها بانقطاع الكهرباء عن المساكن والمصالح التجارية والمؤسسات وغيرها. حسيبة موزاوي أصبحت أسلاك وكابلات الكهرباء المكشوفة التي تمر بالقرب من نوافذ وشرفات المنازل وعلى ارتفاع قريب من مواقع عمل مختلفة وغيرها، تشكل خطرا وكابوسا يؤرق المواطنين الذين يعيشون تحت رحمتها خوفا على حياتهم أو حياة ذويهم وبالذات الأطفال وغير المدركين للخطر القريب منهم، رغم أن قوانين السلامة تفرض بعد الأعمدة والأسلاك عن المنازل مسافة تنعدم عبرها إمكانية الوصول إليها. حوادث أليمة لضحايا الصعقات الكهربائية من هذا المنطلق سنحاول أن نوضح خطر هذه المشكلة وكيف يمكن أن تتحول خدمة وفائدة الكهرباء إلى خطر على الأرواح والحياة، ضحايا بالمئات والمتهم تلك الأسلاك الكهربائية المرمية في وسط أو طرف الشارع وعلى أسطح المنازل تفتك بهذا وتحرق آخر بشراراتها القاتلة. ورغم الضحايا الذين يسقطون بين الحين والآخر في مآسٍ يندى لها الجبين إلا أنه لاحياة لمن تنادي من قبل المعنيين وكأن الأمر إهمال متعمد. عمي (كمال) يروي لنا بألم شديد ما تعرض له أحد جيرانه أثناء جلوسهم في مقهى الحي عندما قام زميله دون علمهم، بأخذ قضيب حديدي وحاول رفع كابل كهربائي كان يمر من فوق مكان جلوسهم قرب أحد الطاولات، مضيفا (انتبه أحد الجالسين المتواجدين في المقهى لما يقوم به جارهم فصاح به ولكن الخطر كان أقرب من التحذير، حيث كان القضيب الحديدي الذي يحمله هذا الجار قد لامس الكابل الكهربائي ووصل التيار الكهربائي إليه ولكن عمره كان ما يزال فيه بقية فلم يمت إلا أنه أصيب بعاهات كبيرة تمثلت في تقرح عضلات اليدين والرجلين وتحطم العظام وانتهى به الحال معاقا). أما بدر الدين ما زال يعاني ويتألم لفقدان طفله ذي الخمسة أعوام (أمير) وبألم شديد والذي لم يتبق منه سوى جسد متفحم جراء مد يديه وملامسة سلك كهربائي يمر أمام شرفة منزلهم، في غفلة من والديه وإخوانه الذين يعون خطر الكهرباء وملامسة السلك الذي يمر أمام شرفة منزلهم. سهام هي الأخرى لم تدم فرحة عرسها سوى شهرين فقط، وفي ذلك المساء الأسود كانت سهام تنتظر زوجها الذي تأخر في العودة إلى البيت وعندما كانت في سقف منزلهم بعد أن ملَتّ من الجلوس وقفت ولم تنتبه لذلك السلك الكهربائي وحاولت الإمساك به وهي لم تكن تعلم بأنه لن يتركها إلا بعد أن تفارق الحياة وبدلا من أن تنتظر عودة زوجها عاد زوجها لكنه عاد على صراخ أهلها الذين لم يصدقوا ماحدث، والدها هو الآخر لم يستوعب الصدمة وقام بإسعافها ورغم إقناع الأطباء له بموتها لم يصدق وأصر على أنها مازلت حية ورفض دفنها إلا بعد جهد جهيد من الجيران وأصدقائه. تكاثف الجهود واجب لتنظيم الكوابل المكشوفة بعد كل هذه الحالات نجد أنفسنا أمام تساؤل يطرح نفسه بقوة وتضارب آراء المسؤولين والمواطنين حول مسؤولية ضحايا الصعقات الكهربائية خلال السنوات الأخيرة، فقد نرجع تفاقم المشكلة إلى عدم الالتزام بالبناء وفق المخططات الرسمية والخروج على الإطار والمكان والمساحة المحددة في المخططات الرسمية وكذلك البناء والارتفاع بدون تراخيص رسمية، كما أن المواطنين يجب عليهم أن يتواصلوا مع المجالس المحلية وإبلاغهم عن وجود أسلاك وكابلات كهربائية قريبة من متناول العامة وخطر ذلك على حياتهم وضرورة تواصل المجالس المحلية مع جهات الاختصاص لإيجاد الحل المناسب لهذه المشكلة، وكذلك الإبلاغ عن الأشخاص المخالفين أو الذين لا يلتزمون بالبناء بموجب تراخيص ومخططات رسمية وأيضاً الإبلاغ عن حالات الربط والتوصيل للتيار الكهربائي غير السليم والربط بواسطة أسلاك وكابلات كهربائية مقطعة ومهترئة، وعلى الجهات المعنية أن لا تنظر بصمت وكأن الموضوع لايعنيها فالمشكلة لم تعد بسيطة حتى نغض الطرف عنها بل إن خطرها يتفاقم يوماً بعد آخر والمفترض من وسائل الإعلام والجهات المعنية تبني حملة إعلامية توعوية مكثفة للتعريف بمخاطر المشكلة وأضرارها على الفرد والمجتمع وممتلكاته وعلى خدمة الكهرباء وجودتها وكذلك المظهر العام وحركة الشارع والأعمال المختلفة، والقيام بتحرك جاد وفعال من قبل الجهات المختصة وتعاون المواطنين وإيجاد الحلول المناسبة بالتدرج لمعالجة هذه المشكلة. ألا أنه لابد من التحفيز والدعوة الجادة والصادقة لإيجاد الحل اللازم للسيطرة على اتساع نطاق خطر ومآسي هذه الظاهرة التي صارت تؤرق الكثير، وتزهق الأرواح وتسبب العاهات والإعاقات وتضاعف من أعباء المواطنين بمختلف مشاربهم. إضافة إلى تناول ذلك بعيداً عن الإشارة إلى طرف ما أو أكثر من طرف وتحميله المسؤولية الكاملة أو ما شابه، فالكل يعرف مقدار المسؤولية التي يتحملها وكذلك إسهامه في صنع هذه المشكلة الخطيرة وما يتوجب عليه فعله للحد من آثارها المأساوية وتفاقم أخطارها أكثر فأكثر خصوصا وأننا على أبواب دخول فصل الشتاء أين يتفاقم الخطر أكثر مع تساقط الأمطار.