مبيدات خطيرة غير مرخص بها تتداول عبر البيوت يكثر استعمال المبيدات الحشرية صيفا بالنظر إلى الانتشار الواسع للحشرات وأنواع القوارض عبر البيوت، فمن بخاخات المبيدات إلى مساحيق تستعمل في قتل الفئران إلا أنها عادة ما تتحوّل مهامها إلى قتل البشر في ظل الإهمال والتسيب الحاصلين ويكون الأطفال ضحايا لزلات وأخطاء الكبار، فالواقع كشف موت العشرات من الأطفال نتيجة سوء استعمال المبيدات لاسيما تلك غير المرخص بها. المبيدات الحشرية لها دور في إبادة ومنع أو طرد أي حشرة أو حشائش ضارة أو ليس لها فائدة، وبالرغم أن المبيدات الحشرية الكيميائية عامة تنظم وتحد من الحشرات والحشائش الضارة وتحد من الآفات الضارة، فإن الإسراف في استخدامها أو استخدام مجموعات من المبيدات الممنوعة والمحرمة دولياً يصبح خطراً يهدد الحياة البشرية والمجتمعات السكانية والمواشي والطيور والحيوانات المائية والبرية لأنها صنعت للقتل والتدمير لأي كائن حي. وتأتي خطورة المبيدات الحشرية لتوسع المزارعين والفلاحين باستخدامها في الحدائق المنزلية والمزارع العامة والخاصة واستخدامها من قبل ربات البيوت في المنازل في نباتات الزينة والزهور والورود، وقد ظهرت سلالات منوعة لم تكن معروفة سابقاً وهي لها القدرة على مقاومة هذه المبيدات الحشرية مما جعل له انعكاسات تأثيرية على النبات والإنسان والحيوان، كذلك تراكم هذه المبيدات الحشرية على الأراضي الزراعية له تأثيرات عكسية خطيرة على البيئة أي البيئة البحرية والترابية والهوائية وخاصةً أن بعض المبيدات خطيرة جداً مثل تغير الجينات عند الإنسان والحيوان أو تُحدث أمراضا سرطانية أو تؤدي الى الوفاة. مبيدات غير مرخص بها تتداول عبر البيوت ومن هذا المنطلق قمنا بجولة استطلاعية في بعض أرجاء العاصمة للاستطلاع عن ثقافة الجزائريين حول الموضوع، كانت البداية مع (أحمد) الذي أكد أنه يلجأ إلى رش منزله بالمبيدات الحشرية مع دخول فصل الصيف، حيث تتكاثر فيه بعض أنواع الحشرات، وعلى حد قوله غالبا ما يترك المنزل لعدة أيام لحين اختفاء رائحة تلك المبيدات من المنزل، وخوفاً على أفراد أسرته من تلك الروائح التي قد تؤثر صحياً وتنفسياً عليهم، ويقول في هذا الشأن (لعلمي بمخاطر تلك المبيدات فإنني دائماً آخذ الحيطة والحذر من تأثير تلك المبيدات على أفراد أسرتي، خاصة أنها ترش في الأماكن التي تكثر بها الحشرات مثل المطابخ والحمامات، مشيرا إلى أنه لابد أن يعلم الجميع بأضرار تلك المبيدات، وألا يستهان بها، فكم من أرواح راحت ضحيتها وأغلبها من الأطفال، وسواء قام الإنسان بنفسه بالرش أو استعان بأشخاص للقيام بهذه المهمة.. فالخطر قائم). وتقول (سلمى)، إنها تخشى على أبنائها من ضرر تلك المبيدات الحشرية أثناء قيامها برش المنزل بالمبيدات من فترة لأخرى، وأول ما يتبادر إلى ذهنها السؤال عن أضرار تلك المبيدات على أفراد أسرتها، بالإضافة إلى المواد الداخلة في تركيبتها، وذلك للتأكد من سلامة جميع أسرتها. وتضيف سلمى (رغم حرصي الزائد على نظافة البيت إلا أنه من فترة لأخرى تظهر تلك الحشرات خاصة في الصيف، لذلك غالبا ما ألجأ لأشخاص متخصصين برش المبيدات الحشرية بالمنزل، وأثناء قيامهم بالرش أترك أبنائي في منزل والدتي لمدة أسبوع خوفاً من تعرضهم لأي مكروه قد يؤثر على صحتهم نتيجة استنشاق تلك المواد)، وتتابع (بعد الرجوع للمنزل يكون تنظيف المنزل أولى أولوياتي قبل قدوم أفراد عائلتي إليه، وذلك حرصاً على سلامتهم، وبذلك أكون تجنبت أضرار تلك المبيدات، وحافظت على نظافة المنزل)، موضحة في السياق ذاته، أنه من الخطير جداً أن يقوم شخص ما بشراء دواء أو مبيد ومن ثم يقوم أيضا برشه بنفسه للقضاء على الحشرات أو القوارض من دون الاهتمام بمعرفة أو طبيعة المادة المستخدمة، أو معرفة المقادير الواجب اتباعها وغيرها من الأشياء المهمة، والتي قد تنتج عنها عواقب وخيمة قد تتسبب كأسوأ تقدير في وفاته أو وفاة أبرياء موجودين في أماكن قريبة منه). أطفال يدفعون الثمن غاليا غير أن هناك أشخاصا يجهلون خطورة هذه المبيدات ولعل خير دليل ما وقع هذه الصائفة في بلدية برج البحري، حيث راح ضحيتها طفلان لا يتجاوز عمرهما العشر سنوات، انتقلنا بدورنا إلى عين المكان والتقينا والد الضحيتين ليروي لنا قصة (فؤاد) صاحب 8 سنوات و(كريم) صاحب 9 سنوات، وهما آخر ضحيتين للمبيدات الحشرية غير المرخصة، حيث استدعى أحد جيرانه أناسا متخصصين في مكافحة الحشرات، غير أن هؤلاء أشباه البشر استخدموا مبيداً حشرياً غير مصرح باستخدامه في الدولة، ولم يبادروا حتى بإبلاغ الجيران بخطورة هذه المبيدات، فاستنشق فؤاد وكريم المبيد الحشري بعد تسربه من فتحات مشتركة في التكييف المركزي للجيران، ليشعروا بدوار وإرهاق وضيق في التنفس ، ونقلوا إلى المستشفى ليظلوا في العناية المركزة لأيام قبل أن يلقوا حتفهم. ليبقى الإهمال أثناء استعمال المبيدات الحشرية وجهل المستخدم بخطورة المبيدات السببين الرئيسين في معظم حالات التسمم بالمبيدات، وهو ما يستلزم قراءة تعليمات الاستخدام الموجودة على العلبة والالتزام بها، فمن الضروري إجراء حملات تحسيسية حول مخاطر هذه المبيدات لأن السيناريو (الكارثي) تتكرر أحداثه في كل مرة، لكن هل من مستجيب؟ الوقاية من مخاطر المبيدات... أمر ضروري للوقاية من خطر تلك المبيدات الحشرية على أفراد الأسرة خاصة الأطفال الصغار، ينصح الأطباء باتخاذ الأساليب الوقائية من قبل المستخدمين لحمايتهم من التعرض لاستنشاق المبيدات الحشرية كترشيد الاستهلاك وعدم الاستعمال العشوائي للمبيدات الحشرية، وإبعاد الأطفال عن أماكن رش المبيدات، ورش المبيدات على جوانب الأماكن فقط، مع استخدام الأقنعة والقفازات الواقية، واستخدام ملابس خاصة أثناء رش المبيد الحشري، ثم نزعها والتخلص منها بعد الانتهاء، ووضع المبيدات في أماكن مرتفعة وبعيدة عن متناول أيدي الأطفال، وعدم ترك بقايا أطعمة مكشوفة أثناء عملية الرش، وكذلك تنظيف المياه الراكدة. إضافة إلى حفظ المبيدات الحشرية في أدراج مغلقة أو حقائب مغلقة أو أدراج مرتفعة وحفظها في عبواتها الأصلية، مع عدم نزع سدادات العبوات والحرص على إغلاقها بإحكام دائماً، فالطفل الذي يجد عبوة مفتوحة قد يشرب محتوياتها قبل أن يتمكن أحد من منعه.