زادت الشكاوى من انتشار الصراصير في غالبية المنازل والمحلات بالعاصمة في السنوات الأخيرة، خاصة في فصل الصيف، رغم تأكيد الكثيرين على نظافة البيت واستمرارية معركة مطاردة هذه الحشرة بالعديد من أنواع المبيدات المطروحة في السوق، وهم بذلك تجدهم متعجبين من أسراب الصراصير التي تغزو منازلهم، وذهاب تكاليف المكافحة التي قد تفوق ثلاثة آلاف دج شهريا بحسب البعض هباء منثورا، والنتيجة هي الخوف الذي تسببه الصراصير للكثير من البالغين والأطفال، ومزاحمة الناس في كل مكان بل حتى في الطرقات أحيانا وتعريض الصحة للخطر. الصراصير أصبحت مشكلة مؤرقة بأتم معنى الكلمة خاصة في موسم الحر، حيث أن العديد من المبيدات لا تفلح في القضاء على هذه الحشرة المزعجة في وجود منتجات مغشوشة حسب ما أكد بعض من استطلعت ''المساء'' آراءهم، ففي الوقت الذي يشير فيه الكثيرون إلى تزايد ظاهرة انتشار الصراصير في هذه الأعوام الأخيرة بشكل ملحوظ، تضاعف عدد المبيدات الخاصة برش الحشرات، وكذا إعلانات المؤسسات المتخصصة في مجال المكافحة، إضافة إلى دخول مسألة المكافحة إلى حيز نشاطات مصالح النظافة على مستوى بلديات العاصمة، لكن يبدو أن الغلبة لحد الساعة من نصيب الصراصير والمعاناة مازالت مستمرةإلى حين..! ومن المعروف على الصراصير أنها حشرات غير نظيفة يمكنها أن تنقل الكثير من الجراثيم للإنسان، وهي تعيش بصفة عامة مختفية أثناء النهار خلف الأشياء الدافئة في المطابخ والحمامات والمغاسل والمجاري والمخازن.. كما تبين المعاينة الميدانية أنها تتواجد بكثرة في محلات الحلويات والمرطبات، حيث يتعلق الأمر بحشرة تأكل كل شيء، وخاصة المواد النشوية والسكرية. وبهذا الخصوص رصدت ''المساء'' طرق بعض المواطنين في القضاء على الصراصير، وما مدى تأثير ذلك على الميزانية. معاناة مستمرة مواطنة من العاصمة صادفناها بساحة الشهداء قالت إنها عانت كثيرا مع الصراصير، وإنها استنفدت كافة الطرق المعتادة، إذ كان الأمر يتطلب منها اقتناء حوالي خمس عبوات من المبيد شهريا تتراوح أسعارها ما بين 80 و250 دج للواحدة، لكن دون جدوى، وبحسب المتحدثة فإنها لم تتمكن من التخلص من الصراصير إلا خلال شهر رمضان المنصرم بعد أن نصحها البعض باستخدام أحد المساحيق المعبأة في أكياس، حيث قل العدد فتنفست الصعداء. ومن جهتها تصرح السيدة ''حياة'' من باب الزوار: ''إن الصراصير لا تظهر في فصل الشتاء لكنها تفاجئنا مع حلول الصيف خاصة في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت المعاناة مستمرة جراء ظهورها بكثرة، ولهذا كثيرا ما أشتري عبوات المبيد وأقوم برشها لتختفي الصراصير لفترة قصيرة وسرعان ما تعود بغزارة، وهكذا الحال مع كل صيف..''، وتتابع ''هذه مشكلة كبيرة ليس بسبب الأسعار المرتفعة التي تكلف أكثر من 3 آلاف دج شهريا للمكافحة، حيث بعض أنواع المبيدات الفاعلة تصل إلى 550 دج، ولكن لأن ابنتي مصابة بالربو وهذه المبيدات تؤثر على صحتها.. فضلا عن كونها تسبب الحساسية الجلدية لأفراد أسرتي''. وتكشف سيدة أخرى استوقفناها رفقة ابنتها أنها جربت عدة أنواع من المبيدات الخاصة بمكافحة الصراصير، إلا أنها لم تنجح في القضاء عليها حينما كانت تقطن بساحة الشهداء، وجاء على لسانها ''بعد عدة محاولات فاشلة دلني البعض في الأخير على مسحوق يباع بسعر 20 دج للكيس الواحد، فتقلص العدد كثيرا وكان يتوجب شراء كميات كثيرة من المسحوق للتمكن من القضاء على الكم الهائل من الصراصير.. وهي المشكلة التي لم أتخلص منها نهائيا إلا بعد الرحيل إلى منطقة عين البنيان، لأن الحرص على الالتزام بشروط النظافة على المستوى الشخصي غير كاف برأيي للتخلص من غزو الصراصير، إنما المسألة تتطلب حرص الجميع، وهو ما لا ينطبق على العديد من عماراتنا ومحلاتنا وشوارعنا أيضا للأسف، مما يجعلنا ندفع ثمن لامبالاة الغير''. ويتفق العديد من المواطنين على أن أعداد الصراصير ازدادت بشكل كبير وتصيب الصغار والكبار على حد سواء بالرعب، لدرجة أن البعض يمتنعون نهائيا عن دخول الغرف التي يرصد بها صرصور، بل إن الصراصير - على حد قول البعض - لم تعد تخاف منا فتجدها تصول وتجول في أرجاء المنازل والبنايات كما يحلو لها. طلب يومي للمبيدات أكد بائع لمواد التنظيف والصيانة بشارع طنجة أن الطلب على مبيدات الصراصير والحشرات عموما مازال متواصلا بدرجة جد ملحوظة، وعن متوسط الطلب اليومي لمبيدات الصراصير يقول ''لا يمكن حصر العدد، لكن الأكيد هو أن هناك طلبا كثيرا على مختلف أنواع المنتجات الموجهة لمكافحة الصراصير، والمتمثلة في السوائل والمراهم والمساحيق''، وعن النوع الذي يكثر عليه الطلب من ضمن هذه الأنواع الثلاث يضيف ''كل واحد من الزبائن يرجح نوعا معينا من هذه المنتجات، وفي النهاية كلها مطلوبة وعلى الدوام''. بائع آخر في محل مختص في بيع مواد التجميل والتنظيف والصيانة بشارع حسيبة بن بوعلي، أوضح من جهته أن أكثر من 10 زبائن يقصدونه يوميا لطلب المبيدات الخاصة بمكافحة الصراصير، من ضمنهم أصحاب المحلات، حيث يوفر المحل حوالي 10 أنواع منها بأسعار تتراوح ما بين 100دج و300 دج، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بمشكلة مستفحلة منذ عدة سنوات، لاسيما في ظل قلة احترام شروط نظافة المحيط. تحول العاصمة إلى ورشة كثَّف ظهور الصراصير للحصول على بعض التوضيحات بخصوص الظاهرة أجرت ''المساء'' اتصالا هاتفيا مع مسؤول مؤسسة ''ديناميك'' المتخصصة في مجال مكافحة الحشرات والقوارض، فذكر أن هذه الحشرات تنتشر بكثرة في أيام الحر، وتكثر بشكل كبير في المطابخ، ووراء الخزانات والثلاجات، وحيث يوجد فتات المأكولات، وفي الأماكن الرطبة، لاسيما وأن المناخ بالعاصمة المشبع بالرطوبة يساعدها على التكاثر.. والملاحظ أن تكاثرها بالعاصمة زاد في الآونة الأخيرة بدرجة كبيرة جراء عمليات الحفر المتواصلة بالعاصمة لإنجاز عدة مشاريع، حيث أنها تخرج من تحت البلاط. وعن مدى أمان المبيدات التي يقوم الناس باستخدامها قال ''نحن كمؤسسة مرخصة نعمل باحترافية، إذ نأتي بالمبيدات من أماكن آمنة ونخضعها للتحاليل للتأكد من فعاليتها، ومن مطابقتها للمواصفات، وكلها إجراءات متعارف عليها ولازمة، موضحاً أن مكافحة بعض أنواع الصراصير أصبحت في منتهى الصعوبة، حيث أنها تقاوم المبيدات، وفي هذا الصدد أظهرت بعض الأبحاث أن بعض أنواع الصراصير يمكن أن تعيش حتى في المناطق التي تعرضت للقنابل النووية، علما أن توالد الصرصور سريع جداً وبأعداد هائلة، حيث يمكن لأنثى الصرصور أن تضع 60 بيضة دفعة واحدة. بين المبيدات التجارية، وقلة الوعي، وانعدام النظافة لكن وفي المقابل كثرة عدد المبيدات ''التجارية'' ذات الصنع الصيني، والتي ليست لها أية فعالية، تؤدي إلى فشل الأسر وأصحاب المحلات في محاربتها والبحث المتواصل عن تقنيات أخرى جديدة في المكافحة، بحسب مسؤول المؤسسة الذي أوضح أنه تنتشر في السوق مبيدات ''تجارية'' بالدرجة الأولى العديد منها صينية الصنع ولا تخدم مسعى القضاء على الصراصير. لكن الخطر الذي تشكله هذه الحشرة، كما أظهره العمل الميداني لهذه المؤسسة والذي انطلق منذ شهر جوان الفارط لتحسيس أصحاب محلات الأكل، ليس واردا في أذهان العديد من المواطنين.. ''تصوروا أن صاحب محل للأكل الخفيف قال لي إن الصرصور حشرة نظيفة!''.. كما أن البعض من أصحاب هذه المحلات لا تروق لهم الملاحظات التي نوجهها لهم بخصوص النظافة، فالمهم بالنسبة لهم هو الربح السريع''. هذا الواقع - يضيف محدث ''المساء'' - يكشف النقاب للأسف عن حقيقة اللاوعي وكذا عدم الاهتمام بشروط النظافة في وسط العديد من عامة الناس، مما يكرس تكاثر هذه الحشرة المضرة والناقلة للأمراض، والتي تكيفت مع حياة الإنسان منذ آلاف السنين وأصبحت لديها مناعة ضد المبيدات المستخدمة للمكافحة. لهذا فإنه من النصائح التي تقدمها كمؤسسة متخصصة هو استخدام المبيدات الجديدة التي ظهرت على شكل ''جال'' كونها غير مضرة بالصحة، حيث هناك عدة أنواع، منها ما هو موجه للاستخدام في البيت، ومنها ما هو موجه للاستخدام في العيادات الطبية وكذا الفنادق، فلكل مكان مبيد خاص.. وهنا ينبغي الانتباه إلى ضرورة ارتداء القفاز عند استعمال هذه المنتجات وتعقيم اليدين بماء الجافيل بعد الاستعمال باعتبارها سامة. لكن تبقى النصيحة الرئيسية التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار هي العناية بنظافة البيت والمحيط ككل، لأن وسائل المكافحة لا يمكن أن تجدي نفعا بدون توفر هذا العامل المهم في الحفاظ على الصحة.
