بقلم: رياض بن وادن تبدأ تربية الأجيال في هذه الدول بداية من السنة الأولى من عمر الطفل إلى غاية أن يبلغ سن الثامنة عشر، والست سنوات الأولى من العمر تعتبر أهم مرحلة من كل جميع هذه المراحل، لأنها أساس التربية وهي الانطلاقة الحقيقية، فإذا صلحت كانت النتائج بعد ذلك مواطن صالح يساهم في تطوير بلده وفي استقرار المجتمع. ولا أريد أن أتحدث في هذا المقال عن دور اللعب في تشكيل شخصية الطفل ولا عن المكان الجميل الذي يحتوي على كل الوسائل البيداغوجية التي تساهم وتساعد في تربية الطفل، كما لا أريد أن أتكلم عن الأكل المدروس والمفيد الذي يقدم للأطفال والذي يساعدهم على فتح شهية التعلم وتلقي المبادئ الأولى في التربية، كما أنني لن أتكلم على دور المختصين التربويين والمعاملة الجيدة التي يتعاملون بها مع الأطفال في دور الحضانة. تعتمد تربية الأطفال في الست سنوات الأولى على سبع نقاط أساسية سأذكرها هنا مع قليل من الشرح، فالطفل في هذه المرحلة يتعلم خاصية مشاركة أصدقائه الألعاب، فلا يستأثر بكل الألعاب لوحده، ويتعلم الأطفال كذلك خاصية أن يشارك الجميع في كل النشاطات فلا إقصاء ولا تهميش لأحد، ويتعلمون كذلك حب مساندة بعضهم البعض إذا اقتضت الضرورة وكذلك وجوب مساعدة بعضهم البعض في قضاء حوائجهم إذا لزم الأمر ذلك، ويتعلم كل طفل كذلك أن ينتظر دوره في كل شيء وأن لا يحاول أخذ دور الآخرين سواء أكان الذي قبله طفلا ضعيف البنية أو طفلة لا تقوى عن الدفاع عن نفسها، ويتعلمون خاصية مهمة كذلك وهي خاصية فن الاستماع الجيد سواء للمربين أو فيما بينهم، وكذلك حسن الكلام واستعمال المفردات الجميلة في طلب أي شيء أو من أجل أخذ أي شيء وأكثر الكلمات تداولا هي كلمتا: شكرا وتفضل.!! هذه هي أهم النقاط التي يعتمد عليها المربون لتعليم الأطفال، فاستطاعوا بذلك إخراج جيل يحمل شفرة تفاهم واحدة ساعدتهم بعد ذلك في بناء أوطان وصناعة مجتمع هادئ متميز يحسن التصرف والتفكير، كما أن هذه النقاط أصبحت تورث الآن لكل الأجيال فسهُل عليهم بناء مجتمع مرصوص إذا اختلت به أي لبنة إلاّ وعرفوا بسرعة مكمن الخلل ومكان تواجد الخطأ فيُستدرك الأمر بسرعة. وإذا ما نظرنا إلى مجتمعاتنا العربية والإسلامية نجدها تتميز بفوضى عارمة في المعاملات وإذا ما تحدثنا مع بعضنا بعض في أي نقاش إلاّ وبدأ الصراخ والانفعال يأخذان مكان السكينة والهدوء، وفي الأسواق والأماكن العامة لا احترام لا للكبير ولا للصغير ولا للمرأة ولا للضعيف أو المريض، فصاحب القوة الجسمية أو صاحب الوساطة هو من يقضي أشغاله بسرعة، كما أننا لا نساعد المظلوم ونكتم شهادة الحق خوفا وجبنا، ولا نستطيع قول كلمة الحق للظالم أو للفاسد، فقد نرى بأم أعيننا من يفسد أملاك الشعب وأملاك الدولة وندير أعيننا ولا نملك الجرأة على التبليغ بهؤلاء لأننا تربينا على ثقافة من يفعل هذا يعتبر أسفل وأحقر الناس. و سبب فشلنا في إدارة نقاش سياسي ناجح هي غريزة الإقصاء التي تسكن السياسيين عندنا، فكل حزب يعتقد بأنه على حق وعلى كل الأحزاب أن تتبع آراءه ومقترحاته، فنخلق بذلك انسدادات سياسية وتضيع منا فرص النجاح والتغيير والإصلاح. كما أنه قد تحدث مشادات بين الأطفال وبين الأحياء بسبب لعبة كرة القدم أو في أي لعبة رياضية أخرى لأننا لم نرب أبناءها على خاصية حب المنافسة وتقاسم الانتصارات بكل روح رياضية، فنتج عن ذلك جيل لا يقبل الهزيمة ويصب بعد ذلك جام غضبه على ممتلكات الناس وعلى المنشآت الوطنية تكسيرا وإتلافا. أعتقد بأن هذه النقاط التي ذكرت جد مهمة من أجل تربية الأجيال، حتى يمكن لنا أن نطور الوطن ونتقدم إلى الأمام ونخلق مجتمعا منسجما هادئا يحب بعضه البعض ويتفق على حماية الوطن وحماية ممتلكاته وبهذا نتطور بخطوات جبارة لبناء مستقبل واعد.