لايزال المواطن الجزائري لم يهضم جيّدا أسباب مصادفة العديد من المشاكل والأعياد، خاصّة عيدي الفطر والأضحى المباركين· فالتساؤلات مستمرّة من عام إلى آخر، غير أن المشاكل يبدو أنها هي كذلك تزداد من سنة إلى أخرى· فمن الجدل القائم حول المحلاّت التي تكون أغلبها مقفلة أيّاما بعد العيد أمام المواطنين، كثر الحديث مؤخّرا عن أزمات ستلاحق هذا العيد كذلك، منها انعدام السيولة بمراكز البريد وما يترتّب عنها من مشاكل لدى أرباب الأسر، مرورا بندرة الحليب وصولا إلى ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، دون أن ننسى أزمات قطع المياه في أوقات مبكّرة من يوم النّحر في العديد من مناطق الوطن، إلى جانب انعدام الخضر في الأسواق بعد العيد، كلّها مشاكل وأخرى ستضع المواطن في حرج وستزيح عنه فرحة العيد· يبدو أن زمن الاستمتاع بالعيد في الجزائر بمعنى الكلمة لم يحن في الوقت الرّاهن أو وجوده يكون دائما مقترنا بالعديد من المشاكل التي يمكن أن تزاح عن طريقه تلك الفرحة، حيث يجد المواطن نفسه يومها تائها بين أنياب منغّصات تسمح بتغلغل القلق والنرفزة في نفسه بالرغم من أنه يوم مخصّص للرحمة والمغفرة، فإذا ذبح كبشه في وقت متأخّر سيعود عليه ذلك بأتعاب مضاعفة بسبب الانقطاعات في التزوّد بالمياه التي عادة ما تفرض على المواطنين حمل الدلاء والبحث عن الماء لتنظيف مكان النّحر من الدم، أمّا في حال عملية التشواط فعلى الكلّ التجنّد للبحث عن قارورات غاز البوتان أيّاما قبل العيد كون أغلب المحلاّت ستكون مقفلة إلى غاية اليوم الثالث من العيد، ناهيك عن ندرة الحليب والخبز وغلاء الخضر والفواكه وإلى ما شابه ذلك من المنغّصات والمشاكل· *** ندرة السيولة أولى المنغّصات قبل العيد وأوّل ما بدأ يدقّ على باب المشاكل عشية عيد الأضحى لهذا العام هي ندرة السيولة في أغلب مكاتب بريد الوطن، ممّا جعل المواطن في حيرة من أمره حول التفكير في إيجاد السبل لاستخراج راتبه وصرفه على عائلته أو طريقة أخرى من أجل استخراج المبلغ المدّخر لاقتناء أضحية العيد، يحدث هذا في ظلّ تقاذف التهم بين الجهات المسؤولة التي بدلا من إيجاد حلول للقضية وربح الوقت لاستدراك ما ضيّعته من أيّام وسويعات قضاها العديد من المواطنين أمام شبابيك البريد للظفر بدنانير يسدّون بها جوع أفراد عائلاتهم، في الوقت الذي اتجه فيه البعض الآخر إلى الاستدانة من أجل قضاء حاجياته· وما زاد من امتعاض المواطنين هو اقتران المشكل وعيد الأضحى المبارك، ممّا جعلهم في حيرة من أمرهم في الوقت الذي استغنى فيه البعض الآخر عن اقتناء أضحية العيد في وقتها المناسب· وإن كان الحديث عن حلّ الأزمة ولو بشكل مؤقّت يومين قبل العيد إلاّ أن المواطن يرى أنه لا جدوى في ذلك كون الوقت تأخّر بكثير، ممّا أجبر على عدم اتّباع سنّة سيّدنا إبراهيم الخليل· *** الحليب غائب في أغلب الموائد أيام العيد مشكل استمرار ندرة حليب الأكياس وغيابه بمختلف محلات بيعه، حديث الخاص والعام في شوارعنا هذه الأيام، خاصة وأن الفترة اقترنت بالتحديد مع عشية عيد الأضحى المبارك الذي كان بمثابة عالة على بعض العائلات الجزائرية التي أجبرت على شرح الموقف لضيوفها أيام العيد بعدما عجزت عن توفير هذه المادة لاستقبالهم مثل ما جرت العادة فوق الموائد، في الوقت الذي سجّلت فيه ندرة حليب كانديا الذي يعتبره هؤلاء بديلا لهم رغم غلاء سعره· وقد تعالت الأصوات كثيرا تتحدّث عن نفاد البودرة بالسوق الوطنية في الوقت الذي لاتزال التّهم تتبادل بين كلّ الأطراف التي يعنيها موضوع ومشكل ندرة حليب الأكياس الذي وبالرغم من نقائصه الغذائية الصحية وكلّ ما قيل بشأنه من سلبيات في مكوناته إلاّ أنه يبقى الاتجاه الوحيد الذي يسلكه أغلبية المواطنين الجزائريين، خاصّة محدودي الدّخل لجعله حليبهم الأساسي في حياتهم بالنّظر إلى الثمن المعروض، والذي هو في متناول طبقة محدودي الدّخل والفقراء، بالأخصّ مقارنة بالأسعار الخيالية التي تعرض بها الأنواع والأصناف الأخرى من الحليب المعروضة في السوق· ولعلّ ندرة غبرة أو "بودرة" الحليب لا تزال على السنة بعض المنتجين والمسوّقين للردّ على تساؤلات المواطنين الذين لم يجدوا إلى غاية الساعة أجوبة حقيقية عن هذا الإشكال الذي لازم كذلك مشكل نقص وانعدام السيولة في مختلف مراكز بريد الوطن وذلك بالتحديد عشية عيد الأضحى المبارك، وهو ما جعل المواطن في حيرة من أمره، إلى أين يتّجه وكيف يحلّ هذه القضايا التي نغّصت حتما فرحته أيّام العيد التي لم مكتمل بوجود مشاكل ونقائص اعتبرها الكلّ بالمهمّة في مثل مناسبات كهذه· *** محلاّت مقفلة وقارورات الغاز تحدث طوارئ مشكل قارورات غاز البوتان يعيد نفسه كل عيد أضحى، حيث وجد أغلب المواطنين أنفسهم في مأزق بعدما اكتشف البعض منهم أن قاروراتهم غير مملوءة عن آخرها، الموقف الذي وضعهم في حيرة من أمرهم، خاصّة وأن عملية النحر وما ترافقها من أعمال التنظيف والتشواط بمعنى عزل الشعر من على أطراف من أرجل، أيادي ورأس الكبش المعروف ب البوزلوف كانت قد تعطّلت عند العديد من العائلات بسبب استحالة العثور على محلاّت مفتوحة تمكّن من تزويدهم بهذا النّوع من الغاز الذي يستعمل عند أولئك الذين يملكون غاز المدينة أو الذين لازالوا يتزوّدون بقارورات غاز المدينة، فالكلّ سواسية في مثل هذا اليوم كون الكلّ يحبّذ إتمام عملية التنظيف خارج محيط مقرّ إقامته حفاظا على نظافة المنزل والمطبخ بدرجة أكبر وما يلاحق العملية من روائح تدوم بها لأيّام· فلغياب الخدمة في أغلب المحلات أيام العيد أقبلت كثير من العائلات التي لدغها المشكل السنوات الماضية على اقتناء قارورات غاز البوتان مسبقا، تحسّبا لمعاودة الوقوع في المأزق، في الوقت الذي تزداد الحاجة فيه إلى هذه المادة الحيوية للقيام بمختلف النشاطات والأعمال الخاصّة بهذه المناسبة الدينية ، وخوفا كذلك من احتمال حدوث ندرة في التزويد بقارورات الغاز، سواء على مستوى المحطّات أو المحلاّت التي تقوم ببيعه، وكذا مخافة من ارتفاع أسعاره مثلما يحدث مع كلّ مادة يكثر عليها الطلب خلال المناسبات والمواعيد الهامّة· *** غياب الخبز أيام العيد يربك ربات البيوت مشكل من نوع آخر يتكرّر السيناريو الخاص به كلما حلّ العيد، فقد شهدت مختلف مناطق الوطن خلال يومي عيد الأضحى المبارك ندرة حادّة في الخبز، حيث أغلقت معظم المخابز والمحلات أبوابها ليجد المواطن نفسه في رحلة طويلة للبحث عن الخبز أضحى الحصول عليه مستحيلا في يوم توقّفت فيه مختلف الأنشطة التجارية، وحتى وسائل النقل هي الأخرى دخلت في عطلة أجبرت العديد من العائلات على ملازمة منازلهم· وقد عرفت بعض المخابز التي فتحت أبوابها يوم العيد تدافع مئات المواطنين منذ الساعات الأولى من الصباح، ممّا تسبّب في حالة من الاستياء والتذمّر لدى الزبائن الذين انتقدوا توقّف نسبة كبيرة من المخابز عن العمل يومي العيد بحجّة أن معظم العمّال يقطنون في ولايات مجاورة، ممّا سبب ندرة غير مسبوقة في الخبز ودفع العديد من ربّات البيوت إلى إعداد خبز الدار على الطريقة القديمة رغم الشقاء والتعب طيلة يوم النّحر· من جهة أخرى، لجأ بعض المواطنين وتحسّبا للمشكل أيّام العيد إلى شراء كمّيات كبيرة من الخبز ووضعها في البرّاد من أجل تجنّب المعاناة التي تبرز إلى الوجود كل سنة من مثل هذا التاريخ· *** إنقطاع المياه يزيد الأمور تعقيدا لم يهضم الكثير من المواطنين عبر مختلف الولايات الطريقة التي ينتهجها أعوان الجزائرية للمياه الذين بدأوا في ممارسة بعض السلوكات غير المحبّبة من طرف المواطنين قبيل وحتى يومي العيد، وهي الطريقة التي تتجدّد كل سنة، حيث يجبر هؤلاء على قطع المياه بالتدريج عن الحنفيات· فبعدما تكون المياه بتوقيت معيّن خلال الأيام الماضية يلجأ هؤلاء إلى تقليص المدّة إلى غاية أن تصل يوم العيد إلى أقل من أربع ساعات أو 5 خلال يوم العيد الذي يكثر فيه استعمال المياه لأغراض التنظيف والطبخ، غير أنه وبالمقابل على سبيل المثال بولاية تيبازة تأتي المياه إلى الحنفيات بعد صلاة العيد لمدّة سويعات يكون فيها أغلب المواطنين مشغولين بعملية النّحر ثمّ تغيب في أوج الحاجة إليها إلى غاية اليوم الموالي· هي الوضعية غير المقبولة التي لم يهضمها المواطنون، وعن طريقة التفكير التي تلازم القائمين على هذا الأمر الذي لا يتقبّله العقل خاصّة في مثل هذه الفترة بالتحديد التي يتعيّن ترك المياه تجري بالحنفيات 24 ساعة/ 24 سا· *** ارتفاع أسعار الخضر وندرتها يخلطان أوراق العائلات شهدت أسعار الخضر والفواكه التهابا محسوسا قبيل وبعد العيد المبارك، وهي المناسبة وغيرها التي يجعل منها بعض التجّار والسماسرة الفرصة السانحة للربح الوفير في ظلّ غياب قانون تحديد هامش الربح، إلى جانب انعدام الرقابة وانتشار المضاربة إلى جانب ظهور العديد من الطفيليين في هذا المجال الذي أضحى في السنوات الأخيرة قطاعا متذبذبا بتذبذب الأسعار المعروضة التي تختلف من منطقة لأخرى ومن سوق لآخر· ولعلّ لغياب المراقبة في المواسم والأعياد كهذه تجعل العديد من التجّار الجشعين يرفعون الأسعار كما يحلو لهم، خاصّة وأن نسبة كبيرة من المحلات والأسواق تكون مقفلة في وجه الزبائن· فالمنتوج الذي كان يعرض قبل أسبوعين من العيد فقط بيع بثمن مضاعف في اليوم الثاني من العيد شأن في ذلك البطاطا، السلطة، الطماطم، القرعة، الجزر واللفت، هي أهمّ الخضروات الأكثر طلبا عليها في مثل هذه المواسم التي يستغلّها البعض للربح الوفير فيما لا يجد المواطن سوى الرضوخ لهؤلاء بعدما يجد كلّ الأبواب موصدة في وجهه سوى هؤلاء الجشعين· *** طرقات خالية وأشباح تخيّم على الشوارع المتجوّل عبر طرقات وأزقّة أكبر المدن الجزائرية، خاصّة عاصمة البلاد التي تعتبر واجهة الدولة خلال أيام العيد، يعتقد أن المدينة تعيش في حالة حظر التجوّل· حيث تلاحظ أن المحلات التجارية التي تشكّل الصورة الحقيقية عن حركة البلد ونشاطه عبر الشوارع والأحياء الكبرى بالعاصمة مغلقة، في حين لم يجد الأطفال ضالّتهم فيما يحدث سوى اللعب بالكبش بقبل نحره· وقد اشتكى المواطنون مرارا من هذه السلوكات السلبية وغير الحضارية التي تتّصف بها العاصمة في مناسبات كهذه، حيث وصفوا أجواء العاصمة الجزائرية أيّام المناسبات بالشبح الذي يكون قد زارها على عكس معظم عواصم العالم التي لا تنام طوال أيام السنة بالنّظر إلى الملل الذي يحيط بهم، خاصّة في الفترة المسائية أين يتوه المواطن إلى أين يتّجه وما الذي بإمكانه فعله بعد قضاء يومه في زيارات الأهل والأحباب، فكلّ شيء مقفل ولا وجود للخدمة الترفيهية في أكبر عواصم البلد التي لازالت تنام عند الثامنة ليلا حتى في أيّام العطل والصيف في ظلّ انعدام الأماكن العمومية الخاصّة بالترفيه وإن وجدت الأقلّية منها تكون بعيدة، حيث تجبر العائلات على استعمال وسائل النّقل التي نادرا ما تكون في الخدمة في هذه تلك الأيّام