إن رحلة التطور اللغوي لدى الطفل تبدأ وهو لا يزال جنينا في رحم أمه، وتحديدا خلال الأسابيع العشرة الأخيرة من الحمل، وهذا بناء على ما ذكرته دراسة صغيرة أجريت على رضع أمريكيين وآخرين سويديين، حيث وجدت أن المولود خلال الساعات الأولى من حياته يتمكن من التمييز ما بين لغة الأم التي اعتاد عليها وهو في رحم أمه وبين اللغات الأخرى. أما عن كيفية الدراسة التي توصل الخبراء من خلالها إلى هذا الاكتشاف، التي شارك فيها 80 طفلا أمريكيا وسويديا تصل معدلات أعمارهم إلى 30 ساعة، فقد قاموا بربط مصاصة الأطفال المطاطية (اللهاية) التي كانت ذات تقنية عالية بحاسوب يقوم بقياس ردود فعل المواليد تجاه الأصوات، حيث تم إسماعهم أصوات حروف العلة من لغتهم الأم وأخرى من لغة ثانية، وذلك في الوقت الذي كانوا يقومون خلاله (بمص اللهاية) المذكورة. وقد تم إحصاء عدد المرات التي قام بها المواليد (بمص اللهاية) وربطوها بصوت حروف العلة التي جذبت انتباههم بشكل أكبر ووجدوا أن المواليد من كلا البلدين قاموا (بمص لهاياتهم) لمرات أكثر عند سماعهم للغة الأم الخاصة بهم. وأشارت الدكتورة باتريشا كول (جامعة واشنطن) إلى أن الجنين بإمكانه سماع صوت أمه أثناء وجوده في رحمها، وذلك بسبب قيام الجسم بتضخيمها، كما أشارت إلى عدم ضرورة قيام الحامل بوضع سماعات الأذن على بطنها لإسماع طفلها الأصوات لأن التعرف على صوت الأم يحدث تلقائيا، وعلاوة على ذلك وجد أن صوت الأم يرتبط أيضا بالحركة، فهي تتحرك عند التحدث كما أن حجابها الحاجز يتحرك في ذلك الوقت، وهذا يحفز تعزيز قدرة الجنين على التعرف على صوت أمه. يذكر أن هذا الاكتشاف يقدم رسالة للأمهات الحوامل مفادها أن الجنين يستمع ويتعلم ويتذكر في الشهور الأخيرة من الحمل، أي أن دماغه لا ينتظر الخروج إلى العالم ليبدأ بالتعلم، وهذا حسب ما ذكرته الدكتورة باتريشا كول. والجدير بالذكر أن أخصائيي النطق متحمسون لهذا الاكتشاف وأكدوا على ضرورة قيام المرأة بالتحدث أثناء الفترة الأخيرة من حملها والاستمرار بالتحدث إليه مباشرة بعد الولادة للمساعدة على حدوث التطور اللغوي لديه. أما الطبيب ديفيد مينديز، وهو من مستشفى ميامي للأطفال، فقد استنتج من خلال نتائج هذه الدراسة ضرورة بقاء الأم الحامل في بيئة خالية من الضغوطات النفسية.