تعالت أصابع المتهمين والمشككين في ملابسات وفاة وزير الدولة المغربي، عبد الله باها، الذي دهسه قطار، مساء الأحد، بنفس المكان، الذي عرف وفاة القيادي اليساري، أحمد الزايدي، غرقا بعد أن حاول عبور واد بسيارته قبل شهر. ورغم أن وزارة الداخلية المغربية، أصدرت بيانا في حينه، قالت فيه إن المصالح المختصة فتحت تحقيقا في الموضوع، وإنها ستعلن عن نتائجه فور الانتهاء منه، فإن عددا من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك"، بدأوا يشككون في "حادثة وفاة" الوزير والقيادي بحزب العدالة والتنمية الإسلامي (الذي يقود الائتلاف الحاكم) . وتنوعت تعليقات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في تفسير طريقة وفاة وزير الدولة المغربي، ما بين مشكك في الرواية الرسمية والمتداولة بين المواقع الإخبارية، وبين متهم هيئات سياسية مغربية في الوقوف خلف الحادث، وقد بلغ الحد بالبعض منهم إلى درجة اتهام مسؤولين بأسمائهم، وما بين من يرفضون الخوض في هذا النقاش قبل صدور نتائج التحقيق القضائي. وتبادل عدد من النشطاء المغاربة صورا تظهر قنطرة "واد الشراط"، مكان وفاة وزير الدولة، مشيرين في تغريداتهم المرفوقة ب"##عبد_الله_باها"، إلى أنه من الصعب التصديق أن عبد الله باها لم ينتبه لمرور القطار الذي يحدث "صوتا وضجيجا عاليا". وشككت الصحفية المغربية ليلى أمزير في طريقة وفاة القيادي الإسلامي، وكتبت متسائلة على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): "هل مات #عبد_الله_باها أم قتل؟"، مضيفة "كيف لتصريحات تقول إنه كان يتمشى في مكان حادث المرحوم الزايدي ويتفقده حين باغته القطار السريع، لا يمكن أن أصدق أن السيد باها لم ينتبه لمرور القطار الذي يحدث صوتا وضجيجا عاليا". من جهته، كتب "المهدي"، أحد مؤسسي موقع "مامفاكينش (لن ننفض)"، الذي يعتبر أبرز المنصات التي واكبت حراك 20 فبراير/ شباط (النسخة المغربية من الربيع العربي)، على مدونته الشخصية، أن الحادث ذكره بمحاولة اغتيال المهدي بن بركة (قيادي يساري من المغرب تم اغتياله بباريس 1965، ولم يعرف لحد الساعة من يقف وراء مقتله)، يوم الجمعة 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 1962، في نفس مكان وفاة عبد الله باها والزايدي. أما محمد واموسي، الإعلامي المغربي المقيم في فرنسا، فكتب على حسابه الشخصي على (فيسبوك): "من لا يستطيع تجنب قطار يسير فقط ب 80 كلم في الساعة ويطلق العنان لمنبهه الصوتي وأضواءه ساطعة هو واحد من ثلاثة، إما مخمور أو تحت تأثير المخدرات، أو شخص موثق اليدين والرجلين، أو جثة هامدة وضعت فوق السكة"، مضيفا "أما شخص عاقل وفي كامل قواه العقلية والجسدية فيحتاج فقط ل4 ثواني ليعبر سكة الحديد وتجنب صدمة القطار". من جانبه، كتب الناشط المغربي عبد العزيز العبدي "كل الستاتوهات (الحالة الشخصية على فيسبوك) بنفس اتهامي، كون عبدالله باها مات مقتولا، متسائلا "من المجرم؟ بمعنى الذي قتل، أو أمر بالقتل، أو أوعز للقاتل بتنفيذ جريمة القتل"، وأضاف "كان على محمد حصاد وزير الداخلية، ومصطفى الرميد وزير العدل والحريات أن يتجولا في الفيسبوك ويقبضا بسرعة على القاتل، فايسبوكيون كثر يعرفونه على ما يبدو مما يكتبون". وفي الجانب المقابل، اصطف مجموعة من النشطاء والسياسيين المغاربة في صف من رفضوا الخوض في هذا الشأن قبل صدور نتائج التحقيق القضائي، وكتب حسن بويخف مدير تحرير جريدة "التجديد" المغربية (مقربة من حزب العدالة والتنمية) على حسابه الشخصي على "فيسبوك": "بدأت تتناسل روايات شبيهة بقصص الأفلام البوليسية حول وفاة الحكيم عبد الله بها، رحمه الله، ومع احترامي لحق الجميع في طرح الأسئلة وإبداء الملاحظات حول الروايات المتداولة". وتابع "أرجو من الجميع عدم التسرع في الاستنتاجات السياسية التي أعتبرها شخصيا غير مسؤولة لأنها غير علمية، مثل الحديث عن الاغتيال السياسي! هناك تحقيق فتح في الموضوع، والواجب الأخلاقي يقتضي احترام مشاعر عائلة الفقيد الصغيرة والكبيرة، وانتظار نتائج التحقيق الذي فتح بشكل رسمي". في حين كتب عزيز الرباح وزير التجهيز والنقل، في تدوينة نشرها عبر حسابه الخاص على موقع (فيسبوك) "أرجوكم لا تروجوا لهذه التخيلات فبلادكم بخير وإن فقدت أعز رجالاتها مثل حبيبنا عبد الله بها رحمة الله عليه". وأضاف الرباح "للوطن رب يحميه وملكية توحده ودين يرشده ونخبة تصونه وشعب يفديه ويقظة تحميه، ولا تكونوا صدى لمن يريد نشر الرعب في البلد، وإخافة المواطن والأقرباء والشركاء، بعد ما أنعم علينا ربنا بنعمة الإصلاح في ظل الاستقرار"، قبل أن يختم "رحمة الله على السابقين وحفظ الله الصادقين وحمى الله هذا البلد الأمين ومجانا من كل متآمر لعين". ولقي عبد الله باها، وزير الدولة (الرجل الثاني) بالحكومة المغربية والنائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية ، مصرعه في حادثة قطار بالقرب من مدينة بوزنيقة التي تبعد 20 كيلومترًا عن العاصمة الرباط، وفي تصريحات للأناضول، قال سليمان العمراني، النائب الثاني للأمين العام لحزب العدالة والتنمية (الذي يقود الحكومة المغربية): "وفاة باها جاءت بعدما دهسه القطار، مساء الأحد، حوالي الساعة السادسة مساء (18 تغ)". وأضاف العمراني أن "باها أراد معاينة المكان الذي توفي فيه أحمد الزايدي البرلماني بحزب الاتحاد الاشتراكي ( معارض)، وبعدما خرج من سيارته، لم ينتبه إلى مرور القطار، فصدمه ليرديه قتيلاً"، وتوفي أحمد الزايدي، في ال9 من الشهر الماضي، حيث لفظ الراحل أنفاسه الأخيرة بوادي الشراط، ببوزنيقة، وذلك بعد أن غمرت المياه سيارته على مستوى وادي الشراط ببوزنيقة، حيث كان عائدًا إلى بيته. من جانبها، قالت وزارة الداخلية المغربية إن "وزير الدولة عبد الله باها توفي مساء الأحد في حادثة قطار بمنطقة بوزنيقة"، وأضافت، في بيان لها، نشرته وكالة الأنباء المغربية الرسمية، أن "مصالح الدرك الملكي ( قوة عسكرية تقوم بمهام الشرطة بالأرياف) فتحت على الفور تحقيقًا للكشف عن ملابسات الحادث"، وأنه "سيتم الإعلان عن نتائج التحقيق فور استكماله". ويصف الإعلام المغربي "باها" بكونه الصندوق الأسود لعبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية، وظله، إذ دائما ما يوجد بالقرب منه في الأنشطة الرسمية وغير الرسمية، ويعتبر باها الرجل الثاني بحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية، فهو النائب الأول للأمين العام للحزب (منذ سنة 2004 إلى الآن)، وهو أيضا عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية.