بينما احتدمت أزمة احتجاز الرّهائن على يد لاجئ إيراني في مقهى بمدينة سيدني الأستراليّة، بدأت رسائل دعم لمسلمي البلاد بالتدفّق على مواقع التواصل الاجتماعي. وبعد انتهاء الأزمة، التي استمرَّت أكثر من 16 ساعة، واصل آلاف الأستراليّين استخدام هاشتاغ سأرافقك في الطّريق ، لإظهار دعمهم للجالية المسلمة، وخصوصاً الّذين عبّروا عن خوفهم من ردّ فعل عنيف ضدّهم بعد الحادث. وجاءت هذه المبادرة بعد أن كتبت الأسترالية راتشيل جاكوبس على صفحتها على فيسبوك، أنها رأت امرأةً يبدو أنها مسلمة تجلس جوارها في القطار، تخلع حجابها بصمت، وبعدما نزلت من القطار، لحقت بها راتشيل وقالت لها: ارتدِ الحجاب وسوف أرافقك ، مما دفع بالمرأة إلى البكاء ومعانقتها لدقيقة قبل مضيّها في سبيلها. قصة راتشيل هذه مع المرأة المحجّبة ألهمت مستخدمة تويتر سير تيريسا ، فغرّدت قائلةً: إذا كنت تستخدم المواصلات العامّة وترتدي زيّاً إسلاميّاً ولا تشعر بالأمان وحدك، سأرافقك في الطريق . وانضمَّ الآلاف من الأستراليين إلى هذه المبادرة العفويّة، وأعربوا عن استعدادهم لمرافقة أيّ مسلم أو مسلمة في رحلاتهم عبر المواصلات العامّة. ومنذ بدء الحملة، استخدم هاشتاغ سأرافقك في الطّريق في أكثر من 400 ألف تغريدة على تويتر، ومازال يلقى رواجاً حتى الآن. وقالت سير تيريسا لبي بي سي: شعرت بالحزن والألم عندما قرأت هذه القصّة، التي أظهرت تصرّفاً يتّسم بالتّعاطف مع المرأة المسلمة الخائفة ، مضيفةً وبدا لي أنّه ينبغي أن نرى أفعالاً كهذه حول العالم . ويقول لاجئ فلسطيني في النّرويج على تويتر كمسلم أقول للأستراليّين الذين يستخدمون هاشتاغ سأرافقك في الطّريق أنتم أشقّائي وشقيقاتي، وإلى محتجز الرهائن ومن يسانده أقول: أنتم أعدائي . لكنّ القليل من المغرّدين رأوا أنّ في هذه الحملة نوع من الافتعال، يحاول من خلالها البعض إظهار أنفسهم بدور المنقذ. هذه الحملة تملأها نظرة استعلاء من قبل أشخاص لديهم عقدة لون البشرة ، غرّد أحد الأستراليّين. وقد ردّ مغرّد أستراليّ على هؤلاء قائلاً: أتفهّم كيف يمكن أن يرى البعض نوعاً من الاستعلاء في هذه الحملة، ولكنّ الرّسالة الإيجابيّة فيها واضحة، وهي أنّ الأستراليّين غير المسلمين يرون وجود مشكلة ويريدون التّعامل معها . وبغضّ النّظر عن ملابسات ما حصل، فإنّ الإسلام في روحيّة مفاهيمه وقيمه وغاياته، يهدف إلى بناء الإنسان والحياة على أساس المحبّة والتّواصل والتّسامح والحوار، بعيداً عن أيّ ممارسات عنفيّة لا تبرز روحيّته وأصالته. وما يفعله المتضامنون مع المسلمين خطوة إيجابيّة، تعكس حجم الوعي والتحضّر في التعامل مع المسلمين على أساس القاعدة القرآنيّة وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى . وهذه الأخلاقيّات المتفهّمة والواعية، تعبّر عن الإنسان الهادئ والمتوازن والواعي، الّذي لا يأخذ بأسباب الانفعال والعصبيّة والجهل. كما أنّ على المسلمين أن يبرزوا حقيقة إسلامهم في أخلاقيّاتهم العامّة والخاصّة، ليؤكّدوا ما جاء به الدّين الحنيف من تعاليم وقيم.