نشر الكاتب الفرنسي تيري ميسان مقالا أثار الكثير من الجدل، حيث أنه قدّم تحليلا بيّن فيه أن الجريمة التي اقترفت ضد جريدة (شارلي إيبدو) لا تحمل بصمات الإسلام وإنما مخطّط (تصادم الحضارات) الذي نظّر له الأمريكان منذ القرن السابق. حمل المقال المنشور على موقع (فولتار، نات) عنوان (11 سبتمبر فرنسي: من يقف وراء عملية شارلي إيبدو؟) وجاء فيه أن من (هذه العملية تهدف إلى خلق شرارة لحرب أهلية)، إذ يلاحظ الكاتب أن منفّذي العملية تحدّثوا بالفرنسية واعتبرهم بذلك يوجّهون خطابا للفرنسيين، فاستنتج من خلاله أنهم يبحثون عن (حرب أهلية في فرنسا بين الفرنسيين المسلمين وغير المسلمين). يقدّم ميسان بعض الحجج، ومنها أن المنتسبين إلى العقيدة الجهادية حين يبلغون مقرّ جريدة مثل (شارلي إيبدو) فهم سيبحثون عن تدمير المحتوى المسيء إلى الرسول، إمّا بالحرق أو التفجير، وهو ما لم يحدث، كما أنه أشار إلى أن الفدائيين الإسلاميين عادة ما يظلّون في عين المكان إلى حين وصول الشرطة فيدخلون في اشتباكات معها وعادة ما يقضون في ساحة القتال. كما لاحظ ميسان أن منفّذي العملية بدوا له أنهم متدرّبون بطريقة منهجية، فلم يطلقوا الرصاص في كلّ الاتجاهات وهم يلبسون بدلات اعتبرها أقرب إلى الملابس العسكرية من تلك التي نرى فيها الجهاديين، وآخر الحجج التي قدمها في هذ السياق هي أن الشرطي الواقع على الأرض الذي أطلق عليه الرصاص يدلّ على أن (الانتقام للنبيّ ليس هاجسهم). في قراءة للفكر الجهادي الإسلامي أشار المحلّل الفرنسي إلى أن كلّ الحركات الإسلامية المتشدّدة (لم تبحث عن صنع حرب داخل المجتمعات الغربية وإنما بالعكس حاولوا دائما فصل الغرب عن الشرق)، إنه يلاحظ أن هذه الفكرة متقدّمة على الفكر المطروح، سواء من جهاديي القاعدة أو (داعش) أو حتى الإخوان المسلمين. هنا يذكّر الكاتب بنظرية (صدام الحضارات) التي طرحها لأول مرة برنارد لويس قبل أن يطوّرها صامويل هيتنغتون ويجعل منها ظاهرة عالمية وأداة لفهم العلاقات الدولية الجديدة في عصر ما بعد الحرب الباردة. كتب ميسان في نهاية هذا التحليل: (لا، ليست القاهرة أو الرياض أو كابول من دعا إلى صدام الحضارات وانما واشنطن وتل أبيب، وإن من نفّذوا جريمة شارلي إيبدو لم يرضوا الجهاديين لكنهم أرضوا المحافظين الجدد وصقور الليبرالية). في خاتمة النص، قال تيري ميسان كلمة ذات دلالة، إذ وصف الجريمة بأنها (عملية مهنية)، وقال إن الهدف المباشر هو تقسيمنا (يعني الفرنسيين).