"الخبر" أمام مقر صحيفة "شارلي إيبدو" 24 ساعة بعد الهجوم المسلّح عودة تدريجية للحياة وعدد استثنائي بمليون نسخة الخميس القادم بإعلانها حدادا وطنيا نكّست فيه الأعلام الفرنسية نهار أمس، والتوقف دقيقة صمت منتصف النهار، ترحما على أرواح ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف صحيفة "شارلي إيبدو"، تكون كل فرنسا في حالة تأهب قصوى، للتنديد بكل الأعمال الإرهابية، خاصة أنها استهدفت، كما يقول الفرنسيون، أحد أهم مبادئ الجمهورية والديمقراطية، "حرية التعبير".. وبين حالة الإحباط والغضب والتعاطف يوجد مسلمو فرنسا في حالة من "الريبة" بعد تعدد نظرات الحقد تجاههم، ترجمتها الاعتداءات على بعض رموز الدين الإسلامي في شتى مناطق الجمهورية. تجمّع المئات من القراء والمتعاطفين و15 إماما أمام مقر المجلة تحت شعار “كلنا شارلي إيبدو” على غرار المساحات العمومية والمدن الفرنسية التي شهدت تجمعات حاشدة للمواطنين، منذ مساء أول أمس وصبيحة أمس الذي تم إعلانه كيوم حداد وطني نكست فيه الأعلام الفرنسية، وتم الوقوف فيه دقيقة صمت وطنية عند منتصف النهار شملت كل الإدارات والمدارس والكتدرائية الكائنة بحي سانت ميشال بقلب العاصمة الباريسية، تجمع المئات من الأشخاص من بينهم القراء والمتعاطفين وحتى الأئمة، حوالي 15 إماما، أمام مقر “شارلي إيبدو” بالدائرة الحادية عشرة تضامنا معهم وترحما على أرواحهم وتكريما لهم، 24 ساعة بعد وقوع الهجوم المسلح، الذي أسقط 12 قتيلا على رأسهم مدير المجلة، وأربعة من أشهر الرسامين الكاريكاتوريين في تاريخ الإعلام الفرنسي إلى جانب شرطيين، حيث تم وضع الآلاف من أكاليل الزهور عند مدخل عمارة المجلة، بالإضافة إلى إشعال الشموع وجلب الأقلام وأقلام الرصاص تضامنا مع حرية التعبير وسط أجواء مشحونة بالحزن والألم ودموع فياضة هزت الحاضرين، بعدما عوّدتهم مجلة “شارلي إيبدو” بالفكاهة برسوماتها الجريئة والساخرة. واغتنم بعض أعضاء الطاقم الصحفي للمجلة التجمع وتوجهوا بالإدلاء بتصريحات، معلنين من خلالها باتخاذهم قرار استمرارية صدور الجريدة وتحضير عددا استثنائيا الأسبوع القادم لأول مرة من نوعها، رغم الضائقة المالية التي تعاني منها “شارلي إيبدو”، حيث سيتم طبع مليون نسخة، طالبين من خلال ذلك تقديم الدعم الشامل لهم بشراء المجلة وحث أصحاب الأكشاك على بيعها والمكلفين بعملية التوزيع الوقوف إلى جانبهم وإعانتهم لرفع التحدي والصمود أمام هذه الفاجعة التي نزفت دم حرية التعبير في بلد الحريات الكبير، كما أعلن عن احتضان جريدة “ليبراسيون” للطاقم الصحفي العامل للمجلة. واقتربت “الخبر” من أحد المعتصمين أمام مقر المجلة، حيث أوضح بأن “شارلي إيبدو” تعد جزءا من ثقافتهم الفرنسية ولقد تم قتل فكاهتهم بطريقة بربرية، وأضاف بأنه سعيد بتواجدنا بعين المكان بصفة صحافة جزائرية ناطقة باللغة العربية لاسيما وأن الجزائر كانت السباقة في القضاء ومكافحة الإرهاب، إلا أنه أبدى تخوفه من تفاقم الوضع وتزايد وتيرة القلق وسط الجالية المسلمة والمواطنين الفرنسيين، وذلك بوقوع بعضهم في الفخ واللعبة الإرهابية القذرة، مبرزا رغبته في الوحدة الوطنية والتعايش السلمي الأخوي بين مختلف الطوائف. كما لمست “الخبر”، من خلال جولة استطلاعية صبيحة أمس بالدائرة الحادية عشرة، 24 ساعة بعد الهجوم المسلح عودة الحركة من جديد وسط الحي وفتح للمحلات مع مزاولة النشاطات اليومية العادية، لكن وسط نوع من القلق والذعر بعد حالة الاستنفار القصوى التي عاشتها الدائرة. للعلم، فإن السلطات الأمنية الفرنسية نجحت في تحديد هوية منفذي الهجوم المسلح، ويتعلق الأمر بالجهادي المعروف لدى أجهزة الأمن الفرنسية وحتى ال«آف بي آي” المدعو كواشي شريف البالغ من العمر 32 سنة المولود بالدائرة العاشرة بباريس يتيم الأبوين، وشقيقه الأكبر كواشي سعيد، حيث استطاعت مصالح الأمن الكشف عن هويتهما إثر العثور على بطاقة تعريف أحدهما على متن السيارة “سيتروان” التي أهملوها بالدائرة التاسعة عشرة. كما كشفت التحريات بأن كواشي شريف مسبوق قضائيا وتمت إدانته خلال سنة 2008 بعقوبة 3 سنوات حبسا نافذا منها 18 شهرا موقوفة التنفيذ عن تهمة تهمة الانخراط في جماعة جهاديين بالعراق، فيما سبق وأن تم منعه من السفر إلى هناك خلال في 2005 مع تورطه في قضية محاولة تهريب أحد المحكوم عليهم بالمؤبد لتورطه في هجوم ميترو سنة 1995 بباريس، ومن بعدها توجه نحو مدينة رانس للاختباء عن الأنظار. ولا تزال عملية البحث ومطاردة المشتبه بهما جارية بعدما تم تحديد مكانهما شمال فرنسا والتقاط صورهما عبر كاميرات المراقبة للطريق السريع وبثها عبر كامل الشاشات والقنوات التلفزيونية، فيما تم توقيف 7 أشخاص من محيطهم، إلى جانب شاب يبلغ من العمر 18 سنة سلم نفسه طواعية.