بقرب كل الثانويات والجامعات، بل وحتى المتوسطات نشاهد بعض المطاعم التي تختص في تحضير وجبات ومأكولات، وليس هذا فحسب، بل توفير جلسات للزوّار، واغلبهم من المراهقين، فيها شاي ورنجيلة وحشيش كذلك. أصبحت بعض قاعات الشاي التي انتشرت كالفطريات متنفسا بعض الشبان والشابات خصوصا، ممن يردن الحصول على بعض الحرية، وبالتالي يلجان إلى تلك القاعات، والتي يجدن بها أشخاصا يتربصون بهن، ويستغلون سذاجتهن، ليفتحوا أمامهن عالم الانحراف على مصراعيه، ويدخلوهن في متاهات لا نهاية لها، وقد وقفنا على بعض ممارسات الشبان، والذي لا عمل لهم إلاّ المكوث ببعض تلك القاعات وترقب القادمات الجديدات، لتكون البداية بشاي، ثم رنجيلة يضعون فيها عوض نكهات الفاكهة الحشيش، حتى تجد الفتاة نفسها غارقة في عالم الانحراف والظلام. رفيق، 27 سنة، كان يعمل في إحدى تلك القاعات المحاذية لثانوية شهيرة بالعاصمة، والذي توقف عن ذلك العمل بعد ما شاهده من خراب وانحراف فيها، وقد خشي أن يتورط مع المتورطين فيما سماه بجرائم منظمة تستهدف الفتيات اللائي ينبهرن في البداية بأناقة القاعة وبالشبان الذين يتظاهرون بالبراءة واللطف، ولا هدف لهن إلاّ الإيقاع في حبالهم بكل واحدة تعجبهم، ثم يستعيدون كل ما صرفوه من اجلها، ويصبح التهديد والاستفزاز العملة التي يتعاملون بها، وعن بعض الحالات التي صادفها رفيق يحكي لنا قائلا:"في البداية لم أكن اعلم ما يحدث في قاعة الشاي تلك، على الأقل لم أكن احسب أنّ المشرف عليها والعاملين كذلك مشتركون في الجرائم التي تنفذ في حق المراهقين والمراهقات، إلى أن وقعت حادثة زهية، وهي فتاة في الثامنة عشرة من العمر، كانت ترتاد القاعة رفقة أصدقائها، قبل أن يصطادها زميلي في العمل، والذي لم يقل لها إنه يعمل في المحل لكي يحتال عليها، وفعلا فقد كان يضع لها الحشيش لتشربه مع الرنجيلة، وهي التي لم تعتد حتى على التدخين، وما هي إلاّ أشهر حتى صارت مدمنة عليه. أما هو فصار يبتزها ويقايضها بما تحضره له من مجوهرات أمها، إلى أن تشجعت الفتاة وأخبرت والدها، والذي جاء إلى القاعة وهدد ذلك الزميل بتبليغ الشرطة، ولهذا قررت الانسحاب، لأنني لم أرد أن أتورط في هكذا مشاكل، ولا أن أكون شاهدا عليها". وتقص علينا سامية، 22 سنة، أنها تعرضت إلى تجربة قاسية عندما كانت في القسم النهائي، وكادت أن تضيع سنتها الدراسية وتفشل في شهادة الباكالوريا، ولكنها في اللحظة الأخيرة أنقذت نفسها، او أنقذها جارها التي اكتشف أمرها واخبر أهلها الذين تدخلوا في الوقت المناسب، حيث أنّ شابا احتال عليها واستطاع أن يوقعها في حبه، قبل أن يلتقط له معها صوراً فاضحة وراح يهدده بها، ثمّ اجبرها على تناول المخدرات، وأوقعها في حبال الرذيلة والانحراف، إلى أن صارت تهمل دراستها، وتغيرت طباعها، ولم يأت لإنقاذها إلاّ جارها الذي كان يرتاد تلك الأماكن من حين لآخر، فعندما رأى أنّ الأمر يتعلق بجارته تدخل واخبر أهلها الذين أخرجوها مما كانت فيه. لقد صار خطر قاعات الشاي المشبوهة تلك يتربص بتلاميذ الثانويات وحتى المتوسطات، والذي يدفعهم الصغر والطيش إلى محاولة الاكتشاف، فيصطدمون بأشخاص لا هم لهم إلاّ الركض وراء شهواتهم، والإيقاع بالضحايا لا غير.