صادرت سلطات الاحتلال في مناطق شرقي القدس المحتلّة مئات الدونمات من ملاّكها الفلسطينيين لتحويلها إلى مكب لنفايات البناء التي تجمع من مدينة القدسالمحتلة. وفقا لخطة المصادرة سيتمّ الاستيلاء على أرض مساحتها 520 دونم لتُملأ خلال العشرين سنة القادمة بمئات آلاف الأطنان من المخلّفات التي ستجلب من كافّة مناطق القدس المحتلّة جرّاء مشاريع البناء الإسرائيلية. وتعدّ هذه الخطوة هي الأولى منذ عام 1991 لمصادرة أراضي الفلسطينيين في القدس المحتلّة بعد تلك الخطّة التي صودرت فيها أراض لتوسيع مستوطنة بسغات زئيف (التلة الفرنسية) عام 91. المحامي المقدسي سامي أرشيد والممثّل عن عائلة أبي خضير من شعفاط المالكة لجزء من الأراضي في المكان، قال إن مواقع كهذه تقام عادة خارج المدن وليس بالقرب من البيوت السكنية، وأضاف أن (هذه خطة خطيرة ويثبت مرّة تلو الأخرى أن ممتلكات الفلسطينيين مستباحة)، إلاّ أن الخطوة الأشدّ خطورة هي طرد نحو 120 من البدو الفلسطينيين ممّن يسكنون في قرية صغيرة تضم 20 كوخا من الصفيح في المنطقة. وصادقت اللّجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس المحتلّة يوم الأربعاء على مخطّط يرمي إلى مصادرة أكثر من 520 دونم من أراضي بلدات عناتا والعيسوية والزعيم إلى الشرق من القدس لإقامة مكبّ لنفايات المستوطنات الإسرائيلية. ويتضمّن المخطّط المذكور إلقاء آلاف الأطنان من النفايات في المنطقة الواقعة ما بين عناتا والعيسوية والزعيم على مدى عشرين عاما، ليقام بعد ذلك على أنقاضها متنزه وحديقة خضراء لصالح المستوطنات اليهودية القائمة على أراضي الفلسطينيين شرق القدس، خصوصا تجمّع مستوطنات (غوش أدوميم)، والذي يضم عددا من المستوطنات أكبرها (معاليه أدوميم). يتزامن تنفيذ هذا المخطط مع مخطّطين آخرين كانا قد أثارا جدلا كبيرا على المستوى الدولي، الأول وهو مخطّط (E.1) الاستيطاني القاضي ببناء أكثر من 4000 وحدة استيطانية على ما مساحته 12،400 دونم من أراضي خمس بلدات وقرى فلسطينية في المنطقة، من بينها فنادق ومنتجعات ومناطق للصناعات المتطوّرة (الهايتك)، ما يعني عزل القدس المحتلّة كُلّيا عن الضفّة الغربية وعزل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. أمّا المخطّط الثاني فهو مخطّط الحدائق الوطنية الذي صودق على إقامته أيضا على سفوح بلدتي العيسوية والطور وصودر لهذه الغاية أكثر من 740 دونم. ويرى القيادي في حركة (فتح) حاتم عبد القادر أن من شأن هذه المخطّطات شرق القدس وفي جنوبها الشرقي أن تفقد القدس عمقها الجغرافي ويحكم الخناق الاستيطاني عليها. ويرى عبد القادر أيضا أن هذا المخطّط سيطيح بكلّ الآمال بإمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، عدا تأثيراتها المدمّرة على الوضع الديموغرافي داخل مدينة القدس وما ستحدثه من خلل في الميزان الديموغرافي لصالح المستوطنين وحصر الوجود الفلسطيني في أضيق بقعة. وبالإضافة إلى هذه التأثيرات الجغرافية والسياسية والديموغرافية على الوجود الفلسطيني في القدس فإن إقامة هذا المكبّ وسط تجمّعات سكانية فلسطينية وفي محيطها سيحوّل هذه التجمّعات إلى مكبّ كبير لنفايات المستوطنين، كما يقول الناشط الفلسطيني سليمان مزارعة من عرب الجهالين ل (العربي الجديد)، وأشار إلى أن إقامة هذا المكبّ ستفضي إلى تلويث خطير للبيئة في المنطقة تتضرّر منه التجمّعات الفلسطينية، إضافة إلي ترحيل قسري لعشرات العائلات البدوية في المنطقة. وكانت منظّمة (بيمكوم) الحقوقية الإسرائيلية قدّمت اعتراضا على المخطّط باسم سكان من حي رأس شحادة، حيث سيقام مكبّ النفايات على بعد عشرات الأمتار فقط عن بيوتهم، فيما أعلنت هذه المنظّمة بعد المصادقة على المخطّط عزمها الاستئناف على قرار اللّجنة إلى محكمة أو المجلس القطري للتخطيط والبناء.