* رفع الدعاوى على المعاكسين.. بين التأييد والعزوف على الرغم من الترحيب الذي أولته العديد من الفتيات بالقانون الجديد الخاص بالتحرشات عبر الشوارع الذي من الممكن جدا أن يوصل الشخص المعاكس إلى أبواب المحاكم بسبب معاكسة أو ربما الزج به في السجن، إلا أن من الفتيات من وجدناهن مترددات في ذلك خصوصا وأن العائلات الجزائرية لا تؤمن بوقوف بناتها في المحاكم أو (دار الشرع) لأن في ذلك مساس بشرف العائلات، لكن فريق آخر من الفتيات وجدناهن متحمسات للأمر ولا يرين أي داع يوقفهن على رد الاعتبار برفع دعوى على المعاكس إن هو تجرأ على المساس بشرفهن عبر الشارع. نسيمة خباجة الوقوف بالمحكمة هو أمر ليس بالهين على أي إنسان خصوصا المنتميات إلى الجنس اللطيف، وعلى الرغم من حضورهن النسبي عبر المحاكم الجزائرية في قضايا متنوعة، هناك من الفتيات من لازلن يحافظن على السمعة ويرين أن الوقوف في المحكمة عار، والقصص الواقعة تعكس إعلان استسلامهن في العديد من المواقف لا لسبب سوى تفادي الوصول إلى المحكمة، ف(دار الشرع) كما يطلق عليها في المجتمع الجزائري هي خط أحمر حسب الأعراف الاجتماعية المحافظة. إلا أن قانون التحرش الجديد يعطي الحرية أو الحق للفتاة لرفع شكوى ضد المتحرش بها عبر الشارع مهما كان نوع التحرش لفظيا أو جسديا، وعلى الرغم من إبداء الترحيب بالفكرة التي تصون شرف الفتاة إلا أن تطبيقها على أرض الواقع سيصطدم ببعض الأعراف والتقاليد التي تمنع الفتاة منعا باتا من الدخول إلى المحكمة خاصة على مستوى العائلات المتشددة التي لازالت تحسب لخطوات الفتاة ألف حساب. ارتأينا التقرب من بعض الفتيات لأجل رصد آرائهن حول القانون الجديد الذي اقترح لصالحهن فكانت الآراء متباينة تراوحت بين التحمس والتحفظ على رفع الشكاوى على المتحرشين. دار الشرع خط أحمر عند بعض الفتيات بينت بعض الفتيات رفضهن من الدخول في تلك المتاهات على الرغم من أنها في صالحهن وتهدف إلى حمايتهن، إلا أن أعراف العائلات تشكل خطا أحمر، ورغم الاعتداءات التي تطالهن لا يستطعن تضخيم الأمر والوصول إلى المحاكم. تقول إسمهان أنا لا أهتم للمعاكسات الحاصلة عبر الشارع، وأكون صماء بكماء مع هؤلاء الأصناف لأن المزايدات معهم سوف تؤدي إلى الهلاك، فالمقدم على تلك التحرشات هو إنسان غير سوي وقد يقدم على فعل أي شيء للفتاة إن هي شاحنته ودافعت عن نفسها، وما العينات التي شاهدناها هنا وهناك إلا دليل على ذلك، أما عن رفع شكوى فقالت إنها لن تفعلها أبدا وهي لم تطأ المحكمة في حياتها فكيف لتلك القضايا التافهة أن تدخلها إلى ذلك المكان المحرّم حسب أعراف العائلة على حد قولها. نفس ما راحت إليه الآنسة عايدة في العقد الثالث، إذ قالت إنها تتفادى المعاكسات في الشارع وإن هي وقعت فريسة لها فهي ستلتزم الصمت لعدم الدخول في مزايدات مع هؤلاء، كما بينت رفضها لرفع دعوى لأجل معاكسة وترى في ذلك مساسا بسمعة الفتاة التي ستجر إلى المحكمة لتقف وجها إلى وجه مع الفاعل وحتى ولو كانت في منزلة الضحية فهي ترفض المثول أمام المحكمة. عائلات لا تمانع ردّ الاعتبار فريق آخر من الفتيات أظهرن تفاعلهن وتحمسهن مع القانون المانع للتحرشات عبر الشوارع، وصرحن أنهن لا يتأخرن على رفع شكاوى على المعتدين مهما كان شكل التحرش الذي فاق في الآونة الأخيرة كل التصورات، منهن ريمة التي قالت إنها تتعرض وبصفة يومية إلى مضايقات جمة عبر الشارع بحكم ذهابها إلى الجامعة، وترى أن القانون الجديد هو في صالح الفتيات ويضمن لهن إنصافا وحماية أكثر في الشارع بسبب الاضطهاد الكبير الذي يتعرضن إليه، وهي لا إشكال لديها في رفع دعوى والمثول أمام المحكمة لرد اعتبارها، كما أن أسرتها متفتحة ولا تعارض ذلك الأمر أبدا مادام فيه مصلحة لها ولكل المجتمع، وتضيف أنها ترى العيب في استمرار تلك الظواهر المشينة وليس في إنصاف المجتمع من تلك الظواهر عن طريق الردع والعقاب. السيد جمال أب لفتيات قال إن ردع المتحرشين هو أمر جيد في حال اثبات الفتيات للمعاكسة، وأضاف أنه لا يرفض أن تقوم ابنته بذلك في حال تعرضها إلى تصرف طائش من أحدهم في الشارع، فسكوتها عن ذلك سيفتح للمعتدي المجال لمواصلة تصرفاته ومادام أن هناك قانونا ينصفها وفي صالحها فلماذا لا تستعمله لضمان حقوقها، فالمجتمع وجب أن يفتح الانغلاق الذي هو عليه في زمن تحوّل فيه استرجاع الحق إلى أمر محظور باسم السمعة لدى بعض العائلات، أو ليس التحرش بالفتاة مساسا بشرف العائلات وإن الآية عُكست.