أظهرت زيارة الوزير الأوّل عبد المالك سلاّل إلى الصين ل 04 أيّام كاملة مدى الرغبة الجامحة للجزائر في التحوّل إلى اقتصاد ناشئ باعتبارها كانت زيارة اقتصادية بامتياز بالنّظر إلى الاتّفاقيات التي وقّعها الجانبان في مجالات عدّة، حيث وصفت ب (الثرية جدّا) و(المشجّعة)، خاصّة للجانب الجزائري كونها سمحت بتقارب وُجهات النّظر وتجسيد الشراكة الاستراتيجية. توجّه سلاّل إلى الصين بدعوة من نظيره لي كيكانغ، وتعدّ أوّل زيارة لوزير أوّل جزائري على رأس وفد هامّ من رؤساء المؤسسات العمومية والخاصّة الجزائريين، حيث خلصت الزيارة إلى تجاوز البلدين مرحلة حضور المؤسسات الصينية التي (قامت بعمل جيّد) بإنجازها العديد من المشاريع في مجال المنشآت القاعدية، سيّما السكن نحو مرحلة جديدة تحتاج إليها الجزائر لدفع تنميتها الاقتصادية، وتعدّ هذه المرحلة مرحلة إنشاء المؤسسات عن طريق الشراكة (لصالح النمو الثروة). وأبرزت الجزائر في هذا الصدد مؤهّلاتها أوّلا كنقطة (جيوستراتيجية بارزة وهامّة، خاصّة على الصعيد الاقتصادي)، ثمّ بكونها (حلقة قوية في حوض المتوسط) و(بوابة على إفريقيا)، حيث قدّمت للجانب الصيني شروحات عن الطريق العابر للصحراء الذي تمّ الانتهاء من الجزء الجزائري منه والميناء الكبير الذي سينجز وسط الجزائر سيسمحان للسفن بتفريغ السلع وتمريرها عبر الجزائر نحو العديد من البلدان الإفريقية. وقد حقّق المنتدى الجزائري-الصيني الذي تمحور حول الاستثمار نتائج ملموسة بالنّظر إلى الاتّفاقيات الموقّعة بين الطرفين حول إنجاز وحدات إنتاج أو إنشاء مؤسسات في أطر الشراكة، كما تمّ التوقيع على ما لا يقلّ عن 18 بروتوكول اتّفاق وعقود ومذكّرات تفاهم تخص مجالات الصناعة والمناجم والفلاحة والسياحة. وعكف رجال أعمال البلدين عبر تسع ورشات على مناقشة مواضيع هامّة، على غرار المنظومة البنكية، الطاقة والمناجم، الفلاحة والصناعات الغذائية، النقل السريع بالسكك الحديدية، تربية المائيات، الصناعة الصيدلانية، الموارد المائية، الفندقة، والسياحة. ومن محاور الزيارة التضامن والدعم بين البلدين، وهو تضامن صقل خلال الكفاح من أجل الاستقلال والسيادة من خلال ما قدّمه الصينيون من مساعدة للجزائريين لنيل استقلالهم وقدّمته الجزائر بدورها من دعم لصالح الصين من أجل استرجاع مقعدها كعضو دائم في مجلس الأمن الأممي. ولا زال متواصلا التضامن بين البلدين من خلال المنتديات الدولية وحول كبريات المسائل الدولية، على غرار إصلاح نظام الأمم المتّحدة ولن نتوانى في القول إن البلدين يوجدان (في توافق تام) حول هذه المسائل. كما حظي الجانب الثقافي بنصيبه خلال زيارة الوزير الأوّل إلى الصين، لأن الجزائر تعتبر أن التعارف المتبادل بين الشعبين يعدّ ضرورة أساسية، وأن الثقافة تعد المحور، كما تعتبر أن أهمّ مبادئ باندونغ يتمثّل في تطوير العلاقات الثقافية، وأن التقارب بين الشعبين يتمّ عبر الثقافة، حيث تمّ التوقيع على برنامج تنفيذي للتعاون في المجال الثقافي لسنوات 2015-2019. وفي المجال السياحي تمّ التوقيع على بروتوكول اتّفاق بين شركة الاستثمارات الفندقية والشركة الصينية للبناء والهندسة والتعاون من أجل إنشاء شركة مختلطة في ميدان إنجاز المنشآت الفندقية والسياحية.