كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ الطِّيب والتطيُّب؛ فقد روى النسائي -وقال الألباني: حسن صحيح- عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ". وكان كذلك يحبُّ التهادي؛ فقد روى البيهقي -وقال الألباني: حسن- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (تَهَادُوا تَحَابُّوا)، ثم جَمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين السُّنَّتين الجميلتين في سُنَّةٍ ثالثةٍ رائعة؛ وهي سُنَّة إهداء الطِّيب؛ فقد روى البخاري عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ). وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ). وفَسَّر العلماءُ الريحانَ في الحديث على أنه الطِّيب بشكل عامٍّ، ويدعم هذا التفسير رواية أبي داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ، خَفِيفُ الْمَحْمَلِ). وأشار رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بشكل غير مباشر في حديث الجليس الصالح والسوء؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)، ويُحْذِي أي يُعْطِي، وهو هنا يتحدَّث عن إهداء المسك، وتقاس عليه كل أنواع الطِّيب والعطور، فلتكن هذه سُنَّتنا، ولنُكْثِر من اختيار الطِّيب كهدية.