دهش الكل في الأيام الأخيرة من مظهر فتاة في مقتبل العمر وهي تنهال بالضرب على عجوز في المحطة بأحد شوارع العاصمة ولو لم يفكها أحد الشباب من بين أيديها لكانت نهايتها على يد تلك الفتاة المتهورة لأجل نزاع بسيط، وبعد تهديدها وصلت الفتاة إلى غايتها وقفزت على العجوز وضربتها، وبالفعل هو أمر محير فكيف لتلك الفتاة أن تتجرأ على ذلك الفعل المشين في حق امرأة في سن أمها أو حتى جدتها، بدل أن تبادلها الاحترام، ويبدو أننا في زمن فُقدت فيه تلك المعاني وحلت محلها الصفات السيئة ما يجسده انعدام مشاعر الرحمة بين أغلبية الناس، حتى تحولت بعض الأماكن والشوارع إلى ساحات للعراكات والصراعات الروتينية، وبات الكل يتفادى الدخول في بعض المتاهات التي لا ترقى إلى درجة نشوب تلك الصراعات التي تصل في بعض الأحيان إلى إراقة الدماء، فلا الرجل يحترم المرأة ولا المرأة تحترم الرجل ولا الصغير يحترم الكبير ولا الكبير يعطف على الصغير، بحيث اختلط الحابل بالنابل في زماننا هذا، اقتربنا من بعض المواطنين من أجل رصد آرائهم حول تلك الظواهر الدخيلة على مجتمعنا فقالوا الكثير وأجمعوا على فقدان مبادىء الاحترام عبر الشوارع وفي الأماكن العمومية وفي كل مكان. الآنسة سهام في العشرينيات تقول إنها رأت في الكثير من المرات تلك المواقف بل عايشت شخصيا موقفا غريبا ، ففي إحدى المرات عندما كانت تهم بالصعود إلى الحافلة باغتها أحد الشيوخ ودفعها بذراعه بقوة شديدة وأوشك على ضربها لولا ابتعادها، وبالفعل قالت إنها احتارت كثيرا لذلك الموقف الذي لحقها من شيخ في سن جدها إلا أنها أوكلت أمرها لله تعالى، ولم ترض المزايدة مع ذلك الشيخ فهو في الأول والأخير إنسان كبير وجب احترامه وعدم الدخول في صراع معه. أما فتاة أخرى فتعرضت إلى موقف مدهش للغاية، إذ راحت إحدى العجائز تبصقها أكرمكم الله في وجهها أمام الملأ على الرغم من أنها لم تصدر أي موقف يستحق ذلك الجزاء،- تسرد قصتها- (كنت عابرة بمحاذاة تلك العجوز فتحججت تلك العجوز بانزعاجها مني نتيجة احتكاكي بها ودهسها برجلي مما تسبب لها في ألم على مستوى الرجل، إلا أن ذلك لم يحدث البتة وكان سيناريو مصطنعا من طرف تلك العجوز للقيام بفعلتها الدنيئة والبصق على وجهي)، وواصلت القول أن الأمر لا يتعلق فقط بعدم احترام الكبار من شيوخ وعجائز فالبعض منهم هم الآخرون يصدرون أفعالا لا يتقبلها لا العقل ولا المنطق، بحيث وجب وضع حد لتلك المظاهر المشينة التي تمس حريات الغير، بالموعظة الحسنة والنصح والإرشاد. أما الشاب فارس فقال إن الوضع هو جد خطير ما يظهر من مختلف الصراعات المندلعة عبر وسائل النقل من طرف أشخاص من مختلف الأعمار ولم يعد الأمر مقتصرا على الصغير أو على الكبير، بل الشاب والشابة، الرجل والمرأة، الشيخ والعجوز أصبحوا جميعهم يخلقون سيناريوهات غريبة عبر الحافلات وبجل الاأماكن العمومية الأخرى والسبب يعود إلى انعدام الاحترام وفقدان الصفات النبيلة التي كانت في وقت ما تميز مجتمعنا إلا أنها بدأت تضمحل وتتلاشى إلا من رحم ربي.