لشهر رمضان قيمة خاصة عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو الشهر الوحيد الذي ذُكِر في القرآن باسمه، وهو الشهر الذي نزل فيه القرآن، فقد قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، وهو الشهر الوحيد الذي افترض الله صيامه على المسلمين، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يعطي المسلمون لشهر رمضان أهميةً خاصة تُشْعِرهم باختلافه عن غيره من الشهور، ولذلك كَرِه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين أن يصوموا في النصف الثاني من شعبان، وذلك حتى يشعروا بخصوصية الصيام في رمضان، فقد روى ابن ماجه -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ)، وروى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا)، وقد يبدو لنا في هذا إشكالٌ، لأننا نعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم معظم شعبان، فقد روى مسلم عن عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالت: (.. وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا)، وتفسير الأمر في رواية للترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (لَا تَقَدَّمُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِصِيَامٍ، إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ)، فمعنى هذا أن المسلم الذي لا يعتاد على الصيام طول السَّنَة فلا ينبغي له أن يصوم النصف الثاني من شعبان، وذلك لكي يقدر على صيام رمضان دون إرهاق، ولِيَشعر بخصوصيته وأهميته وأما المسلم الذي من عادته صيام الإثنين والخميس، أو الصيام بشكل عام فهذا يمكن أن يصوم في هذه الفترة، وبهذا تتوافق النصوص، ولا تعارض بينها والحمد لله.