عامان من الموت بين أحضان الانقلاب أحكام الإعدام في مصر.. هكذا يواجه السيسي معارضيه عامان على الانقلاب العسكري في مصر حكم خلالهما الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي عاما كاملا، وخلال فترة حكمه صدر أكبر عدد من أحكام إعدام المعارضين السياسيين في تاريخ القضاء المصري. وثّقت (العربي الجديد) أحكام الإعدام الصادرة، والتي صدرت في حقّ نحو 1325 مصري ومصرية نفّذ فعليا من بينها سبعة أحكام في قضيتين، وبعض آخر تمّ الطعن عليه في انتظار درجات التقاضي الأخرى. مسلسل أحكام الإعدام في حقّ المعارضين بدأ في 19 مارس 2014، إذ أصدرت محكمة جنايات شمال القاهرة حكما غيابيا بإعدام 26 متّهما في ما عُرف بقضية (أصحاب اللحى) المتّهمين بإنشاء وإدارة جماعة إرهابية تستهدف الاعتداء على حرّية الأشخاص والإضرار بالوحدة الوطنية. صدر الحكم في القضية التي استغرقت جلسة واحدة فقط، وتبيّن تغيّب المتّهمين وهيئة دفاعهم عن حضور الجلسة. في 24 مارس 2014 أصدرت محكمة جنايات المنيا (دائرة الإرهاب) حكما بإعدام 529 معتقل من رافضي الانقلاب العسكري لاتّهامهم بارتكاب أعمال عنف وحرق مقار شرطية في مركز (مطاي) بمحافظة المنيا في جنوب مصر، عقب مذبحة فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. المحكومون من بينهم قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وفي مقدمتهم المرشد العام لجماعة الإخوان الدكتور محمد بديع، والذين اتّهموا بالاعتداء على مركز شرطة مطاي وإطلاق الأعيرة النارية وقتل ضابط شرطة واحد فقط، وهو نائب مأمور المركز العقيد مصطفى رجب. في 21 جوان 2014 صدر حكم الإعدام الثاني في حقّ مرشد جماعة الإخوان، إذ أصدرت المحكمة ذاتها والمستشار السابق حكما آخر بمعاقبة 183 معتقل من رافضي الانقلاب العسكري بالإعدام على خلفية اتّهامهم بقتل رقيب شرطة والشروع في قتل ضابط وشرطي آخرين، في أحداث المنيا بمنطقة (العدوة) انتقاما لمذبحة فضّ الاعتصامين. في 5 جويلية 2014 أصدرت محكمة جنايات شبرا الخيمة المصرية حكما بالإعدام شنقا في حقّ 10 متّهمين على خلفية اتّهامهم في القضية المعروفة إعلاميا باسم 0قطع طريق قليوب) والمتّهم فيها 48 شخصا، والتي وقعت أحداثها خلال شهر جويلية 2013، من بين المحكومين عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان عبد الرحمن البر والداعية الإسلامي السلفي محمد عبد المقصود والدكتور جمال عبد الهادي. في 6 أوت 2014 قضت محكمة جنايات الجيزة المصرية بإعدام 12 شخصا من رافضي الانقلاب العسكري، في القضية المعروفة إعلاميا بقضية (اقتحام كرداسة). وفي 20 سبتمبر 2014 قضت محكمة جنايات الجيزة المصرية بالإعدام شنقا في حقّ 5 متّهمين في القضية المعروفة إعلاميا باسم (خلية أكتوبر) بتهمة إنشاء وإدارة جماعة إرهابية تعمل بخلاف أحكام القانون بغرض منع مؤسسات الدولة والسلطات العامّة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرّية الشخصية للمواطنين. في 30 سبتمبر 2014 أصدرت محكمة جنايات الجيزة المصرية حكما بالإعدام على 7 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين لاتّهامهم بالتحريض على التظاهر يوم 22 جويلية 2013 وارتكاب أعمال قطع الطريق والتجمهر وإسقاط الدولة، والتي وقعت في منطقة الجيزة، في القضية المعروفة إعلاميا باسم (أحداث مسجد الاستقامة). ضمّت قائمة الأسماء المحكوم عليهم بالإعدام كلاّ من عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية الشيخ عاصم عبد الماجد وعزب مصطفى موسى. حسب مصادر إعلامية فإن دار الإفتاء رفضت مرّتين متتاليين إعدام المتّهمين المحبوسين، وجاءت أسباب الرّفض بأن أوراق القضية خلت من دليل إلاّ أقوال ضابط الأمن الوطني التي لم تؤيّد بدليل آخر سوى ترديد بعضهم لأقوال مرسلة بأن من يطلق النّار هم جماعة من أنصار الإخوان المسلمين. في 6 ديسمبر 2014 أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بالإعدام على القيادي الجهادي عادل حبارة وستّة آخرين، في القضية المعروفة إعلاميا بخلية (الأنصار والمهاجرين) لاتّهامهم بتنفيذ مذبحة رفح الثانية، والتي راح ضحيتها 25 من جنود الأمن المركزي بقطاع (الأحراش). * أحكام الإعدام في 2015 في 2 فيفري 2015 قضت محكمة جنايات الجيزة المصرية برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة بالإعدام شنقا في حقّ 183 معتقل من رافضي الانقلاب العسكري، في القضية المعروفة إعلاميا باسم (أحداث كرداسة) لاتّهامهم بقتل ضبّاط وجنود مركز شرطة كرداسة خلال شهر أوت عام 2013. في 8 فيفري 2015، قضت محكمة جنايات القاهرة المصرية، برئاسة المستشار شعبان الشامي؛ القاضي ذاته الذي يحاكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بقضيتي التخابر واقتحام السجون، بمعاقبة ثلاثة جهاديين بالإعدام شنقا والسجن المشدّد لرابع على خلفية اتّهامهم بالانتماء إلى تنظيم القاعدة والتخابر لصالحه وإمداده بمعلومات بشأن تمركّز وتعداد أفراد قوّات الأمن داخل الأراضي المصرية. وفي 28 فيفري 2015 أصدرت محكمة جنايات القاهرة المصرية حكمها في القضية الشهيرة إعلاميا باسم (أحداث مكتب الإرشاد) بإعدام 4 قيادات في جماعة الإخوان المسلمين لاتّهامهم بالتورّط في أحداث محيط مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين في منطقة المقطم بالقاهرة، والتي وقعت في 30 جوان 2013. في 13 مارس أصدرت محكمة جنايات المنصورة (دائرة الإرهاب) حكما بإحالة ثمانية متّهمين إلى مفتي الجمهورية لأخذ رأيه الشرعي في إعدامهم، وحدّدت جلسة 22 جوان الجاري للنطق بالحكم في القضية، والتي تضمّ 18 متّهما من أعضاء جماعة الإخوان ومعارضي الانقلاب العسكري على خلفية اتّهامهم بتلقّي تدريبات من حركة (حماس). وفي 11 أفريل 2015 قضت محكمة جنايات القاهرة المصرية بالإعدام في حقّ 14 متّهما، من ضمنهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع وعضو مكتب الإرشاد محمود غزلان والقيادي بالجماعة صلاح سلطان، وبالمؤبّد في حقّ 36 آخرين على خلفية القضية المتّهم فيها المرشد العام لجماعة الإخوان و50 من قيادات وأعضاء الجماعة، في القضية المعروفة إعلاميا ب (بغرفة عمليات رابعة). في 20 أفريل 2015 قضت محكمة جنايات الجيزة بإعدام 22 متّهما آخرين من رافضي الانقلاب العسكري على خلفية اتّهامهم بالهجوم على مركز شرطة كرداسة، وفي 4 ماي 2015 قضت محكمة جنايات الجيزة بالإعدام شنقا في حق خمسة معتقلين من رافضي الانقلاب العسكري في القضية المعروفة إعلاميا باسم (أحداث اقتحام قسم كرداسة)، وفي 16 ماي 2015 قضت محكمة جنايات القاهرة بإرسال أوراق قضية الهروب من السجون إبّان ثورة 25 جانفي2011 إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرّأي الشرعي في إعدام 102 متّهم بالقضية، وحدّدت جلسة أمس 16 جوان للنطق بالحكم. ومن بين المتّهمين المحالين إلى المفتي، رئيس الجمهورية المعزول الدكتور محمد مرسي، والشيخ يوسف القرضاوي والدكتور محمد بديع والدكتور سعد الكتاتني والدكتور عصام العريان. في 16 ماي 2015 قضت محكمة جنايات القاهرة المصرية بإرسال أوراق قضية التخابر مع حركة (حماس) وحزب اللّه والحرس الثوري الإيراني إبّان ثورة 25 جانفي2011 إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرّأي الشرعي في إعدام كلّ من خيرت سعد الشاطر ومحمد البلتاجي وأحمد محمد عبد العاطي والسيّد محمود عزّت والحسن سعد الشاطر وسندس عاصم سيد شلبي، وحدّدت جلسة أمس 16 جوان للنطق بالحكم. في 18 ماي 2015 قضت محكمة جنايات المنصورة بمحافظة الدقهلية (دائرة الإرهاب) بإعدام أحد رافضي الانقلاب العسكري، في قضية تتعلّق بالتظاهرات الرّافضة للانقلاب العسكري التي اندلعت في المحافظة عقب عزل الدكتور محمد مرسي من منصب رئيس الجمهورية. في 24 ماي 2015 قضت محكمة جنايات الجيزة المصرية بمعاقبة أنس عبد ربّه سليمان شاهين، طالب، بالإعدام شنقا على خلفية اتّهامه بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين والتعامل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس). * القضايا التي نفّذ فيها حكم الإعدام نفّذ حكم الإعدام في قضيتين، الأوّل كان بعد تأييد محكمة النقض ورفض الطعن المقدّم من محمود حسن رمضان عبد النبي على حكم إعدامه على خلفية اتّهامه بقتل أربعة أشخاص والشروع في قتل ثمانية آخرين عبر إلقائهم من أعلى أسطح أحد العقارات بمنطقة سيدي جابر في الإسكندرية عقب عزل الرئيس محمد مرسي من منصبه في 3 جويلية 2013 نُفّذ الحكم بالفعل صباح يوم 7 مارس2015. القضية الثانية هي إعدام ستة معتقلين بقضية (عرب شركس)، وصدر حكم إعدامهم من القضاء العسكري، إذ رفضت المحكمة العسكرية العليا طلب النقض المقدّم من دفاع المتّهمين في القضية الشهيرة إعلاميا بقضية (خلية عرب شركس) والمتّهم فيها تسعة متّهمين على الحكم الصادر بإعدام سبعة متّهمين والسجن المؤبّد لاثنين، ونفّذ الحكم بالفعل على ستّة معتقلين صباح يوم 17 ماي الماضي. * (الجزّار) أبرز قاضي إعدامات في مصر يعدّ المستشار محمد ناجي شحاتة، رئيس الدائرة الخامسة في محكمة جنايات الجيزة، المختصّة بنظر قضايا الإرهاب، أبرز القضاة الذين أصدروا أحكاما بالإعدام، إذ قضى بنحو 220 حكم بالإعدام و280 حكم بالمؤبّد و57 حكما بالسجن بأحكام متفاوتة من 10 إلى 7 سنوات بينهم أطفال، بمجموع أحكام وصل إلى نحو 7395 سنة سجنا، وذلك في حقّ 534 شخص في أبرز خمس قضايا تولاّها منذ تولّيه رئاسة الدائرة. المستشار محمد ناجي شحاتة متّهم في بلاغ رسمي بتزوير الانتخابات البرلمانية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، في دائرة الزرقا بدمياط، وجاء اسمه في البلاغ المقدّم من راجية عمران المحامية وعلي طه المحامي. * انتقام سياسي جماعي المستشار القانوني السابق لحركة استقلال جامعة عين شمس صالح حسب اللّه، المحامي والباحث القانوني، يرى أن عقوبة الإعدام في مصر أصبحت وسيلة انتقام جماعية وإبادة فصيل من الشعب بهدف الانتقام السياسي، وخير مثال أحكام الإعدام الجماعية التي تصدر من المحاكم المصرية. ويتابع المستشار القانوني موضحا: (يمكن القول إن دعوى خلع سيّدة لزوجها في مصر تستغرق في المحاكم وقتا أطول بكثير من القضايا السياسية التي تكون عقوبتها الإعدام، إذ تصدر الأحكام في وقت قصير جدّا وتفتقر إلى أبسط قواعد المحاكمات العادلة). وتابع حسب اللّه: (الأحكام تخالف الميثاق العربي لحقوق الإنسان والصادر بقرار من مجلس جامعة الدول العربية بالرقم 5427 والمؤرّخ في 15 سبتمبر 1997، إذ تضمن المادة الخامسة من الميثاق الحقّ في الحياة وتنصّ على (لكلّ فرد الحقّ في الحياة وفي الحرّية وفي سلامة شخصه ويحمي القانون هذه الحقوق)، كما نصّت المادة العاشرة منه على (لا تكون عقوبة الإعدام إلاّ في الجنايات البالغة الخطورة، ولكلّ محكوم عليه بالإعدام الحقّ في طلب العفو أو تخفيض العقوبة)، كما نصّت المادة الحادية عشرة على أنه (لا يجوز في جميع الأحوال الحكم بعقوبة الإعدام في جريمة سياسية)، وأضاف أن منظّمة العفو الدولية رصدت تزايدا ملحوظا في استخدام عقوبة الإعدام، منها مئات الحالات من الإعدامات السياسية خلال فترة ما بعد الانقلاب العسكري وتولّي الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي حكم البلاد حتى الآن، لتحتلّ مصر المرتبة الأولى في إصدار أحكام الإعدامات السياسية في العصر الحديث. * مخاطبة المؤسسات الحقوقية الدولية رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للحقوق والحرّيات المحامي هاني الصادق يرى أنه لا فرق بين من ارتكب جريمة قتل عمدا وبين من أصدر حكما بالإعدام على مظلومين بغير وجه حقّ لمجرّد الخلاف السياسي، قائلا: (هي جرائم لا تسقط بالتقادم). وعن سبل مواجهة الأحكام السياسية يقول الصادق إنه ينبغي كشف حقيقة هذه الأحكام وتناولها عبر وسائل الإعلام في الداخل والخارج ومخاطبة المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان داخليا وخارجيا لإصدار بيان بحقيقة الواقع عن تلك الإعدامات وتكثيف التواصل مع المنظّمات لإصدار المزيد من البيانات الشارحة والموضّحة لحقيقة الأمر، ودعا إلى مناشدة حكّام الدول، لا سيّما المعنية بحقوق الإنسان واحترامها إلى التدخّل بشكل ودّي لدى النّظام في مصر، وأوضح أن التصعيد يتمّ عبر منظّمات حقوق الإنسان، والتي تكشف حقيقة الوضع في مصر عبر رفع تقاريرها إلى الهيئات الحقوقية الدولية المختصّة لتقوم بدورها بالتدخّل لمحاولة وقف أحكام إعدام الأبرياء.