لأنّ تكريم المثقف في حياته أبلغ بكثير من التنويه بأعماله بعد رحيله، كتب المؤلف حسين حديد رفقة الكاتبة الراحلة زكية قاواو السيرة الذاتية للأدبية والبيداغوجية جوهر أمحيس أوكسال، وعُرضت، أول أمس، بفضاء "بشير منتوري" التابع لمؤسّسة "فنون وثقافة". بالمناسبة، قدّم الكاتب حسين حديد السيرة الذاتية للسيدة جوهر أمحيس أوكسال التي تعذر عليها حضور هذه الندوة لظروف صحية وتقدّمها في السن، إذ أنها تبلغ من العمر 97سنة. تناول حديد في هذا المؤلف الصادر عن دار النشر "امتداد"، أهمية تكريم المثقفين من خلال الكتابة عنهم وعن أعمالهم، بدل الاقتصار على تقديم شهادات، ليطالب الكُتاب الجزائريين بالكتابة عن مثقفينا وهو ما فعلته جوهر أمحيس أوكسال التي صدرت لها مؤلفات كثيرة عن كُتاب جزائريين مثل مولود معمري ومولود فرعون ورشيد ميموني وعبد الحميد بن هدوقة ومحمد ديب وطاوس عمروش وآسيا جبار وغيرهم، بهدف تعريف الشباب بهم وبأعمالهم، علما أن هذه الكتب صدرت عن دار "القصبة"، ضمن مجموعة "بصمات". أشار المحاضر إلى حب أمحيس للتدريس، بعد أن التحقت بالمدرسة الفرنسية في سن الثمانية رفقة أختها ، لرغبة والدها في تدريس بناته وهو ما كان نادرا في سنوات الثلاثينات من القرن الماضي، وتمكنت جوهر من مواصلة دراستها وتحدي الظروف والاقصاء الذي كان يمارس ضد الجزائريين، لتلتحق بعدها بمدرسة مليانة وتتلقى تكوينا خاصا بالتعليم ومن ثم تنتقل الى الجزائر العاصمة ومن ثم الى عدة مدن وتشتغل بالتدريس، وهذا بعض حصولها على شهادة الليسانس. كما تطرق حديد الى اهتمامات جوهر أمحيس أوكسال في التدريس والمطالبة بحقوق المرأة وكذا بالهوية الأمازيغية وتحبيب الشباب للقراءة ونشر الحب الذي تعتقد أنه الاسمنت الذي يقوي من أواصر العائلات. من جهتها، قالت الأستاذة عواوش بن سعيد إنّها محظوظة لأنّها تلقت تعليمها على أيدي أساتذة أجلاء من بينهم الأستاذة جوهر أمحيس، التي كانت معلمة جادة وتشجع الطلبة على المطالعة، كما كانت تحبذ حصة الاملاء حتى يتمكن التلاميذ من الكتابة الصحيحة للغة الفرنسية، لتؤكد أنّ أمحيس كانت تمثل بالنسبة لها النموذج الذي من الضروري أن تتبع مساره وهو ما تفعله حاليا خلال مهمتها في تكوين الأساتذة. أما الباحث حميد بيلاك فقد تحدث عن جوهر أمحيس أوكسال التي يزورها كل مرة رفقة زوجته في بيتها بمنطقة القبائل، فقال إنّها مربية الأجيال تخلّت عن منصبها كمفتشة وعادت للتدريس، واستطاعت أن تعرّف الشباب بكُتاب جزائريين كبار، بينما قالت زوجته إن المحتفى بها كانت نشطة دائما وكانت تقول إن نظرتها الايجابية للحياة وتأليفها للكتب ساعداها على مقاومة تقدم السن، معتبرة أن مهمة أمحيس في التعريف بالكُتاب جديرة بالاستحقاق خاصة وأنّ المنوال الدراسي الجزائري كان يضمّ نسبة ضئيلة جدا لمقتطفات من كتب المؤلفين الجزائريين. أما الأستاذ آيت عودية فقد ذكر أن فيلمين أنجزا حول جوهر أمحيس أوكسال المرأة التي لم تقبل قانون الأهالي ولا أن تكون النساء على هامش المجتمع، كما عملت على الربط بين الشباب وأدباء جزائريين من خلال الكتابة عن أعمالهم بأسلوب بيداغوجي. وكذا السعي في أن تكون الجزائر قوية معتزة بأبنائها جميعا. الأستاذ محمد شريف غبالو كان له أيضا نصيب من تقديم شهادته حول جوهر أمحيس أوكسال التي تعرف عليها رفقة صديقه رشيد رزاقي في بيتها وتحدث عن حسن استضافتها له ورقة كلامها ما جعله يشعر بارتياح كبير، فطلب منها اعارته قلما ليكتب شعرا بعنوان "الورود البيضاء". بالمقابل ذكر غبالو استعانته بكتب زوج جوهر حول الصرف والنحو في اللغة الفرنسية.