الشيخ جلول قصول إن الإرهاب ظاهرة غريبة على الدين الإسلامي وأن الإسلام منه بريء فهو دين تسامح وتعاون على البر والتقوى ولا أحد ينكر دور مباديء الإسلام السامية في رقي المجتمعات إلى مستوى الحياة الفاضلة والأمن والسلام. وهو يأخذ أحيانا أشكالا وألوانا مختلفة ارتبطت بالإسلام والمسلمين والحقيقة أن الإرهاب ليس له دين وليست له جنسية وهو يصدر من المسلمين ومن غيرهم ويصدر من العرب ومن سواهم والإرهاب ظاهرة اختص بها هذا العصر مع وجود سياسة تدله على الشر وتساعدهم عليه بدأت ظاهرة الإرهاب تنتشر وتتنامى وقامت ببعض الأعمال التي تعتبر فتكا وتهديدا لأهل الأرض وفسادا كبيرا وفيها أذى لهم واعتداء عليهم في مناطق كثيرة من العالم منها ما كان فيها اعتداء على جنود وعددهم 11 قتلوا في ولاية عين الدفلى في عيد الفطر المبارك لرفع فرحة العيد ونشر ظلمات الحزن عند 11 عائلة ومن ورائهم 40 مليون جزائري بل الأمة الإسلامية والعربية عبرت عن حزنها واستيائها وهذا لا يبيحه الشرع ولا يحله القانون ولا يمكن أن يكون مقبولا بأي وجه من الوجوه وعلى الأمة جمعاء بمكافحته دفاعا عن النفس والأهل والوطن فهو واجب ديني يفرضه الشرع بموجب حق المواطنة ويفرضه الدين بحكم المحافظة على النفس والدين والعرض والمال وجميع مقاصد الشريعة. وإذا نظرنا إلى أصول الشريعة الإسلامية وما قبلها من الديانات السماوية نجد أنها تحرم الاعتداء جميعا فيوسف عليه السلام قال [مَعَاَذ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونْ] فجعل هذا ظلما والرسول صلى الله عليه وسلم لما أتاه عمرو بن أبي أمية الضمري وكان من القراء الذين أرسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهمة سلمية وهي تعليم أهل نجد القرآن فاعتدى عليهم عامر بن الطفيل فقتلهم وكانوا سبعين من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونجا منهم عمرو بن أبي أمية الضمري ورجل آخر معه فوجدا رجلين من قبيلة عامر بن الطفيل من بني عامر بن صعصعة فقتلهما عمرو بن أبي أمية الضمري فلما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرأ من هذا الفعل وقدم ديتهما إلى أهلهما لأنهما لم يشاركا في المعركة ولا رضيا بها. مواقف خالدة وفي يوم فتح مكة عندما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لتطهير تلك المنطقة من الأصنام جاء إلى بني جذيمة (وهم بطن من العرب من كنانة) فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا صبأنا فقتل فيهم خالد بن الوليد قتلا فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد هذا خالد بن الوليد سيف الله وسيف رسوله ومع ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد. كذلك في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه في وقت الردة عندما كانت الحرب بين المسلمين وبين أتباع مسيلمة الكذاب باليمامة وقتل فيها خمسمائة من القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل بعض الذين أسروا فغضب أبو بكر رضي الله عنه غضبا شديدا وعزل واليه قائد الجيوش خالد بن الوليد بسبب قتل بعض الأسرى فالأسرى لا يقتلون في كل الشرائع وبالأخص في الإسلام. فكثير من الشعوب خضعت لظلم استمر مدة طويلة وأجبرت على خلاف إرادتها مناطق كثيرة في العالم كمواقع في الجزائر استشهد فيها مليون ونصف المليون شهيد في مواجهة الاستعمار الفرنسي دخلت القوات الفرنسية الجزائر في العام 1830 وعاثت في الأرض فسادا وأن أهم طرق مكافحة الإرهاب هي الحوار المقنع والمناظرة مع أصحاب هذا التفكير لإقناعهم بخطأ اعتقادهم وإفهامهم ضرورة مراجعة فهمهم للدين وضرورة مراجعة المناهج التعليمية خصوصا مادة التربية الإسلامية لتكون فهما تحصينيا للطلاب من فكر الغلو والتطرف ومحاربة انتشار فكر التكفير فكر تكفير المجتمع تكفير العلماء تكفير الشعوب وفكرة التكفير فعندما يكفر يباح دمه وعرضه وماله والإسلام يضمن حرية التفكير وحرية التعبير فألف الناس الكتب وحصلت الحوارات بين مجتهدي المذاهب المختلفة ولم يكن فيها اعتداء ولا إرهاب. بينما نلاحظ بكل أسى لدى المتأخرين اليوم من أشباه المتعلمين ينتصرون لمذاهبهم بالقوة ويريدون أن يفرضوها بالسلاح فكان هذا نوعا آخر من أنواع الإرهاب أو سببا آخر من أسباب الإرهاب وذلك أن التعصب للمذاهب أصبح متداخلا في التصرف العام والتوجيه السياسي قديما كانوا إذا أراد الإنسان أن يتنصر لمذهبه ألف تأليفا وأقام حجة وناقش وناظر وجادل أما اليوم فإذا أراد أن ينصر مذهبه يقتل من يخالفه أو يحاول الاعتداء عليه وهذا مخالف للسلوك الحضاري ولذلك آن الآن فتح كل الجامعات الصيفية والمراكز الثقافية والإذاعات والقنوات التليفزيونية والمجتمع المدني لتغيير السلوك الإرهابي في الألفاظ والمعاني إلى سلوك حضاري يخدم التعاون ونشر ثقافة السلم والمصالحة والتصالح والتعايش لأن الكثير من الناس في حياته لا يمكن أن تكون حياة يطبعها التعايش السلمي مع أن الدين جاء من أجل التعايش السلمي بين الناس حتى ولو اختلفنا في كل شيء حتى في أصل الدين وفي الاعتقاد فيمكن أن نتعايش فالله تعالى يقول: [لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم] هذا مع غير المسلمين فما بالك بالمسلمين. مفاهيم خاطئة ومن المذاهب التي ينبني عليها الكثير من التعصب قضية الفهم الخاطئ للدين إذا فالفهم الدقيق الذي نحتاج إلى ترسيخه وأرجو أن يفهم من خلال هذا المنبر الإعلامي أن التعليم الديني يهتم بترسيخ العقائد والأخلاق والتربية الصحيحة أن الشباب إذا لم يجد من يفهمهم العقيدة الصحيحة سيأخذونها من نظرائهم وليس عن أستاذ كبير ولا عالم يأخذون منه وبعدها يتيهون ويكونون أداة في أيدي أعداء الدين. وأن الوسيلة المثلى هي ما كان في صدر الإسلام من المناظرة والحوار فهذا الذي تغير به الأفكار فلذلك الحل هو في الحوار والمناظرة. وبلادنا قد جربت هذا الأسلوب وكان الحوار ناجحا متمثلا في الوئام والمصالحة وأخرجت من كانوا في وقت من الأوقات يريقون ويسفكون الدماء ويعتدون على الناس فراجعوا هذه الأفكار فتركوها . ومن المهم أن يكون الحوار مع أكفاء لهم الكفاءة وفقه الواقع الذي يدعو فيه وأن الحوار لا بد أن يكون مقنعا وأن يكون منطلقا من معرفة بالفكر المضاد من لا يعرف الفكر المضاد لا يمكن أن يرده لا بد أن يدرس الإنسان الفكر والشبهة ثم يعرف حلها والعمل على التحصين الفكري والعناية بالشباب الذين لديهم قابلية لاعتناق أفكار وافدة وطارئة ولا يمكن أن تحصنهم بإغلاق مسامعهم فوسائل الإعلام في كل البيوت والأنترنت تنقل الغث والسمين وبالإمكان أن يطلع الإنسان فيها على كل فكرة ولو كانت فكرة إبليسية شيطانية يطلع عليها كل الناس ولقد صدق الوزير الأول عبد المالك سلال عنما قال في خطابه الشعب والجيش لمحاربة الإرهاب وكما قال العربي بلمهيدي أو مصطفى بن بولعيد أرموا الثورة للشعب ....... ففهم الشعب مكانته ومنزلته من أمته في محاربة الإرهاب وأن الجنود هم من الشعب كأن الإرهاب يضرب الشعب فهبت كل شرائح المجتمع ووقفت كرجل واحد وتقول للإرهاب لامكانة لك في الجزائر وتقول للشعب دافع عن أمتك فكل في مكانه كلكم مسؤولون وكلكم مسؤول عن رعيته مسؤولية الجيش والأمن هي حماية حدود الوطن وما هي مسؤوليتك أيها المواطن أيها المعلم هي حماية الحدود الفكرية والثقافة الدينية للوطن وما هي مسؤولية رجال الاقتصاد هي حماية منتوحنا الوطني وإزالة الخلاف والاختلاف ونضع خارطة الطريق وميثاق عمل نلزم فيه أنفسنا تجاه أمتنا والمحافظة عليه ونحتفظ لأنفسنا بقناعتنا الشخصية والدينية لأننا قد نصبر على الجوع ولكننا لا نصبر على الخوف واللاأمن الذي يستهوي ضعاف العقول للمغامرة والانتحار. يجب أن نقف مع القوات المسلحة فى خندق واحد فى حربها ضد الإرهاب فإن ذلك يؤكد أن الإسلام بريئ من هذه التنظيمات الإرهابية ومن أعمالها الإجرامية وأفكارها الظلامية ويشدد على أن القضاء عليها هو واجب ديني ووطني وهذا يحتم على كل أبناء الوطن الوقوف مع جيشهم حتى اجتثاث هذا الإرهاب واقتلاعه من جذوره بكافة الوسائل والطرق الممكنة والحذر نظرًا لما قد يتعرضون له من الاعتداء والغدر فى نقاط الحراسة أثناء أداء واجبهم من أناس لا يتقون الله في دينهم ولا وطنهم كما ندعو الأئمة إلى الدعاء لأبنائنا الذين سقطوا غدرا في ميدان الشرف في يوم الجائزة وإلى الترحم عليهم ومواساة أهليهم وبيان أنهم شهداء (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتا بل أحياء) ونقول لأهلهم وأمهاتهم قولوا كما قالت الخنساء : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم.