جاء تصويت بلجيكا بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة ليمثل أشد إجراء في دولة تابعة للاتحاد الأوروبي، بمواجهة أقلية ضئيلة، أصبح ملبسها رمزاً لقضية اندماج بعض الأقليات المسلمة. والحظر قيد النقاش في أماكن أخرى من أوروبا خاصة في فرنسا، فيما فاقم توجه دولتين إلى حظر النقاب من التوتر في خلاف يقف فيه السياسيون والرأي العام في مواجهة قادة مسلمين وجماعات معنية بحقوق الإنسان. فقد أقر مجلس النواب البلجيكي مسودة القانون بالإجماع تقريباً. وقد يصبح الحظر قانوناً في الشهور المقبلة؛ لأنه ليس من المتوقع أن يرفضه مجلس الشيوخ البلجيكي. وبعد بلجيكا يأتي الدور على فرنسا؛ حيث توجد أكبر جالية مسلمة في أوروبا، وهي دولة تعتزم منتصف ماي مناقشة مسودة قانون لحظر كل أشكال النقاب في الأماكن العامة في غضون شهور. وتقول استطلاعات للرأي إن نحو 70 % من الناخبين الفرنسيين يريدون الحظر الجزئي، لكنهم لا يؤيدون كلهم الحظر الكامل. وارتداء النقاب نادر للغاية في أوروبا. لكن عدد النساء اللاتي يرتدينه في تزايد. ولا توجد أرقام محددة لذلك، لكن التقديرات تشير إلى أن نحو 2000 امرأة ترتديه في فرنسا، ومئات قلائل منهن يرتدينه في بلجيكا. ويصف مؤيدو الحظر النقاب بأنه »خطر على الأمن العام«، و»إهانة لكرامة المرأة«! ويقولون إنه »يتنافى مع المساواة بين الجنسين«، أو »يقحم الدين في الحياة العامة«، وتعكس تصريحاتهم مخاوف من التيار الإسلامي. وفي فرنسا، وصف النائب الشيوعي أندري جيرين والقيادية اليمينية المتشددة مارين لوبان الأمر الأسبوع الماضي، بأنه »مجرد قطرة في بحر«؛ وذلك للحث على الحظر الكامل لارتداء النقاب. وقالت لوبان: »بعدما نحلّ مشكلة النقاب ستظل أمامنا (مشكلة) تعدد الزوجات وصلاة الجماعة في شوارع المدن الكبرى وحظر لحوم الخنازير في المطاعم. وباختصار كل المطالب الطائفية التي يواجهها الفرنسيون يومياً«. وتجري مناقشة الحظر في عدة دول أوروبية أخرى. وقال المستشار النمساوي فيرنر فايمان الأسبوع الماضي، إن حظر ارتداء النقاب »أمر يمكن تصوُّره« في النمسا. وإن وزيرته لشؤون المرأة أيدت حظر ارتدائه في المباني والبنوك والمستشفيات والمكاتب العامة. ويدعو خيرت فيلدرز الزعيم الهولندي المنتمي لأقصى اليمين والذي قد يتعاظم نفوذه السياسي في انتخابات عامة تجرى في هولندا في جوان، إلى حظر ارتداء النقاب في بلاده. وتحث جماعات يمينية في سويسرا وإيطاليا أيضاً على الحظر. لكن لا يبدو أن مثل هذا الإجراء سيُتَّخذ في البلدين عما قريب. وأثارت توجهات تجاه حظر ارتداء النقاب احتجاجات من زعماء مسلمين في أوروبا، لا يرى الكثيرون منهم النقاب فرضاً، لكنهم يستاءون من القوانين التي تستهدف المسلمين. وقالت إيزابيل براي نائبة رئيس إدارة شؤون مسلمي بلجيكا: »يجب أن ندين فكرة الفرض وفكرة الحظر«. وفي باريس قال محمد حنيش رئيس مجموعة مدنية تدعى »اتحاد الجمعيات الإسلامية 93« لمسؤولين، إن الحظر المقرر في فرنسا يثير »فزعاً« في الضواحي الشمالية الحساسة للعاصمة الفرنسية. وأضاف: »يشعر الناس بأنه مثل الاغتصاب!«. وقال جون دالهويزن من منظمة العفو الدولية: »تمثل خطوة بلجيكا لحظر ارتداء النقاب، وهي الأولى في أوروبا، سابقة خطيرة، يجب أن تكون القيود على حقوق الإنسان دائماً تتناسب مع هدف قانوني، ولا ينطبق هذا على الحظر الكامل لارتداء النقاب«. ويمكن أن يؤدي ارتداء النقاب في بلجيكا إلى غرامة تتراوح بين 15 و25 أورو (أي نحو 20 و33 دولاراً)، والسجن لما يصل إلى سبعة أيام. وأفادت صحيفة »لو فيغارو« الفرنسية بأن باريس تعتزم فرض غرامة تصل إلى 150 أورو على المنتقبات، وفرض عقوبات أكثر صرامة على من يجبر النساء على ارتداء النقاب. وقالت الصحيفة إن مسودة القانون والتي لم تُعرض بعد على مجلس الوزراء والبرلمان، تفرض غرامة تصل إلى 15 ألف أورو على من يستخدم »العنف والتهديد واستغلال السلطة والنفوذ« لإجبار النساء على تغطية وجوههن. ونقلت »لو فيغارو« البند الأول من مسودة القانون الفرنسي، والذي ينص على أنه »لا يجوز ارتداء ثوب في الأماكن العامة يهدف إلى تغطية الوجه«. ويقول البند الثاني إن »التحريض على تغطية الوجه بسبب النوع« جريمة. ويرى مسؤولون فرنسيون أن القانون قد يشمل فترة تمهيدية تستمر ستة شهور، تستوقف خلالها الشرطة المنتقبات في الشوارع، وتشرح لهن القانون دون أن تفرض عليهن غرامة. ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي النقاب بأنه إهانة للمرأة. ويؤيد غالبية الفرنسيين حظره على الأقل في بعض الأماكن العامة، مثل مباني المجلس البلدي.