1.6 مليون قضية جزائية في سنة واحدة *** لوح: (قانون الإجراءات الجزائية يكرّس استقلالية السلطة القضائية) ** سجّلت العدالة الجزائرية أكثر من 1.6 مليون قضية جزائية خلال سنة واحدة ممّا يعكس حجم الضغط الذي يواجهه القضاة بعد أن أصبحت محاكمنا (تغرق) في عدد كبير جدّا من الملفات بعضها محدود الخطورة ولكنه يأخذ وقتا طويلا ويسبّب إزعاجا للأجهزة القضائية. يبدو واضحا أن السلطات تفطّنت إلى ضرورة اتّخاذ إجراءات جديدة لتخفيف الأعباء عن جهاز العدالة وفي هذا السياق أكّد وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح أمس الأحد بالجزائر العاصمة أن مشروع النصّ المعدل والمتمّم للأمر المتضمّن قانون الإجراءات الجزائية يكرّس استقلالية السلطة القضائية ويهدف إلى وضع آليات جديدة تضمن (رد فعل ملائم) لا سيّما مع الجرائم القليلة الخطورة التي تعالجها المحاكم الجزائرية سنويا. وأوضح السيّد لوح خلال تقديمه لنصّ المشروع أمام أعضاء مجلس الأمّة أن الإجراءات المدرجة في مشروع القانون تهدف إلى (وضع آليات جديدة تضمن ردّ فعل ملائم ومتناسق مع الجرائم القليلة الخطورة التي تمثّل 80 بالمائة من المجموع العام للجرائم التي تعالجها المحاكم سنويا وتكرس فعليا استقلالية السلطة القضائية). ونوّه الوزير بالتدابير الجديدة باعتبار أن تكريس العدالة -كما قال- من (أهمّ المقاييس التي يستدلّ بها على مدى احترام حقوق الإنسان بحكم أنه الإطار القانوني الذي يضمن حقوق المواطن المكرّسة دستوريا مقابل واجب الدولة في حفظ النظام ومتابعة مرتكبي الجرائم ومعاقبتهم) وأشار في نفس السياق إلى أن التعديلات السابقة المدرجة في قانون العقوبات (لم تحدث تغييرات جوهرية في كيفية سير المنظومة القضائية الجزائية التي ما تزال تعاني من مشاكل مزمنة في بعض بنودها ممّا حال دون الوصول إلى النقلة النوعية المنتظرة في بعض المواضيع) مضيفا أن الاجراءات الجديدة (أدرجت بناء على ما تمّ من معاينة وتقييم لآداء القضاء الجزائي والوقوف على الاسباب التي تحد من فاعليته). واعتبر السيّد لوح بالمناسبة أن الحجم الكبير والمتزايد للقضايا خلال السنوات الماضية (تعوق كلّ الجهود المبذولة لتحسين مستوى الآداء القضائي) مذكّرا في هذا الإطار بأنه في سنة 2014 تمّ تسجيل أكثر من 1.638.000 قضية جزائية ممّا أدّى إلى (إثقال كاهل جهاز الحكم والحدّ من مردوديتها كما انعكس على مدّة الفصل في الدعاوى). وسعيا من الدولة لتحسين الآداء القضائي وحماية حقوق المواطنين يأتي تكريس الطابع الاستثنائي للحبس المؤقّت وتقليص مدّته تعزيزا لقرينة البراءة في مقدّمة الأحكام الجديدة المقترحة ضمن مشروع الأمر حيث تمّ اقتراح ضبط شروط اللّجوء إلى الحبس وتقليص مدده القصوى وحصر مجال تطبيقه في الجرائم المعاقب عليها بالحبس أكثر من ثلاث سنوات. ومن بين المحاور الأخرى التي تضمّنها هذا النصّ تفعيل دور النيابة العامّة واستحداث آليات لتسيير الدعوى العمومية بطريقة أكثر نجاعة فضلا عن الشقّ الخاصّ بتعزيز حقوق الشخص المشتبه فيه أثناء التوقيف للنّظر وحماية الشهود والخبراء والضحايا وتبسيط إجراءات الطعن بالنقض. وتضاف إلى هذه التدابير محاور أخرى ذات الصلة بتوسيع اختصاص المحاكم الجزائرية للنّظر في بعض الجرائم المرتكبة خارج الإقليم الوطني مع تأطير الحقّ في الإعلام خارج التحريات الأوّلية كما تمّ سنّ أحكام إضافية على غرار إمكانية الاستعانة بوسائل الإعلام لتوجيه نداء للشهود. وأوضح وزير العدل في هذه النقطة أنه سيتمّ تنظيم دورات تكوينية لفائدة وكلاء الجمهورية حول الإجراءات الجديدة خاصّة تلك المتعلّقة بكيفية التعامل وكيفية معالجة المعلومات عن طريق الإعلام في القضايا التي تثير الرأي العام. كما أدرج شقّ آخر يتعلّق بإدراج شرط الشكوى المسبقة لتحريك الدعوى العمومية في المتابعات المتعلقة بأعمال التسيير لحماية المسيّرين من المتابعات الجزائية التي قد تطالهم بسبب أخطاء لا تنطوي على أيّ قصد جنائي. مجلس الأمّة يصادق على تعديلات قانون الإجراءات الجزائية صادق أعضاء مجلس الأمّة أمس الأحد بالجزائر العاصمة على مشروع الأمر رقم 02/15 المعدل والمتمّم للأمر 155/66 المتضمّن قانون الإجراءات الجزائية في جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس عبد القادر بن صالح بحضور وزير العدل حافظ الأختام الطيّب لوح ووزير العلاقات مع البرلمان الطاهر خاوة. وعقب جلسة التصويت أكّد وزير العدل أنه (بهذه الإصلاحات التي تتحقّق يوما بعد يوم تسعى الدولة إلى إرساء قضاء مستقلّ يحمي قرينة البراءة والحقوق الأساسية للمتقاضين ويعزّز مكانة الدفاع في مختلف الإجراءات الجزائية). وذكر الوزير في هذا الخصوص أن (القضاء الجزائي اليوم يعتبر أحد أهمّ المؤشّرات التي يقاس بها مدى احترام الدول لحقوق الإنسان) ممّا تطلّب (إعادة النّظر في آليات عمل الجهاز القضائي الذي يتماشى وضمان حريات وحقوق المواطن الجزائري). من جهتهم ثمّن أعضاء لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان بالمجلس نص القانون الذي (يعكس بقوّة -مثلما قالوا- استراتيجية الدولة في عصرنة قطاع العدالة لا سيّما الأحكام المتعلّقة بتفعيل دور النيابة وتعزيز حقوق المشتبه فيه خلال التوقيف للنّظر وتأكيد الطابع الاستثنائي للحبس المؤقّت وتقليص مدّته).